بذلت الدولة المصرية جهداً كبيراً (يستحق الإشادة) فى التعامل مع جائحة كورونا. أعداد المصابين بالعدوى أصبحت فى تناقص وحالات الشفاء مرتفعة، وعاد غالبية المصريين لممارسة حياتهم المعتادة.
ولكن رغم هذه المؤشرات الإيجابية، فإن الفيروس ليس فى طريق النهاية، أو على الأقل ليس بعد، وبالتالى من المبكر إعلان الانتصار عليه، ورفع كافة الإجراءات الاحترازية، وعودة الحياة بشكل كامل إلى طبيعتها السابقة لكورونا.
رسائل التحذير تأتى من العديد من دول العالم التى كان يُنظر إليها على أنها نموذج للنجاح فى التعامل مع الجائحة مثل اليابان وهونج كونج. ووفقا لما ينشر فى الصحافة الدولية، تشهد اليابان اندلاعًا فى الحالات الجديدة ارتبطت بالقادمين من الخارج والتجمعات الاجتماعية، وزادت الحالات اليومية الجديدة بها ستة أضعاف فى الشهر الماضى. ونفس الظاهرة تشهدها هونج كونج مما جعلها تصدر قرارا بحظر المطاعم والتجمعات لأكثر من اثنين.
العديد من البلدان الأخرى التى شهدت انفتاحا سريعا، عاد لها أيضا الفيروس بشكل سريع، حيث تضاعفت الحالات الجديدة فى إسبانيا خلال الأسابيع الاخيرة، وارتفعت ستة أضعاف فى شهر واحد، وربط المسؤولون الحكوميون الحالات بالعمال الزراعيين المهاجرين، والسياح، والتجمعات الأسرية، وتجمعات الشباب. وأمرت بإغلاق بعض أماكن تجمعات وسهر الشباب. وزادت الحالات اليومية الجديدة فى أستراليا 11 ضعفاً فى الشهر الماضى. وحذرت السلطات الصحية فى فرنسا من أن انتشار الفيروس يزداد وسجلت ضعف عدد الحالات الجديدة فى اليوم مقارنة بما قبل أسبوعين، وألزمت مواطنيها بارتداء الأقنعة فى الأماكن العامة. كما عادت الحالات للازدياد بشكل كبير فى العديد من الولايات الأمريكية. وعادت منظمة الصحة العالمية للتحذير من أن الشباب ليسوا بمنأى عن فيروس كورونا، وأنه على الشباب اتخاذ الاحتياطات نفسها مثل الآخرين لحماية أنفسهم من الفيروس وحماية الآخرين.
ولكن القضية الأكثر أهمية والتى يزداد حولها الجدل الآن فى العديد من دول العالم هى تلك المتعلقة بعودة المدارس فى الفصل الدراسى القادم. وهناك توافق على ضرورة البدء فى وضع خطط تفصيلية لهذا الأمر، وبخاصة ما يتعلق بالأعداد المتواجدة فى الفصول، وتنظيف وتعقيم المدارس، وقياس درجات الحرارة، وارتداء الأقنعة، والإجراءات الاسترشادية التى يجب اتخاذها فى حالة ظهور أعراض الفيروس على أحد التلاميذ أو المدرسين، وخاصة أن كليهما له تفاعلاته أيضا خارج المدرسة، وقد يأخذ منها العدوى. البعض يرى أن هذا الاحتمال الأخير جدير بأن يؤدى لاستمرار إغلاق المدارس وعدم فتحها فى الخريف القادم، ولكن التفكير الأرجح هو وضع الخطط وتوفير الإمكانيات للاستعداد والوقاية، وأن التعامل مع أى حالات تظهر هو أفضل من استمرار إغلاق المدارس، مع استمرار تجارب التعليم عبر الإنترنت لبعض المراحل السنية، أو تبنى التعليم المدمج الذى يجمع بين التعليم المباشر وعن بعد. والمهم أيضا هو التعامل بمزيد من الشفافية مع كل الأمور المتعلقة بعودة المدارس لتبديد أى أسباب للقلق.
باختصار، فيروس كورونا لن يختفى فى أى وقت قريبا، وإنتاج مصل للوقاية مازال أمامه عدة شهور من التجارب، وبالتالى فإن استمرار بعض الإجراءات الاحترازية مازال أمرًا ضروريًا، بل قد تؤدى الظروف لعودة بعض القيود السابقة، كما أن استعادة نشاط بعض القطاعات مثل المدارس والجامعات تتطلب استعدادًا جيدًا.
حفظ الله مصر والمصريين.