لم تكن الثورة السورية هى بداية معاناته مع نظام بشار الأسد القمعى فالسنوات الطويلة التى قضاها بين جدران سجون الاعتقال والتحقيقات بسبب «اللحية» جعلته شاهد عيان على أفعال النظام السورى، وعقب اندلاع الثورة هرب ناجى الزامل «54» عاما إلى مصر، وتفرقت عائلته بين الدول العربية، خوفا من انتقام بشار من العائلة التى انشق أحد أفرادها عن الجيش السورى وانضم إلى الجيش الحر.
لم يفكر «ناجى» فى المصير الذى ينتظره، وقرر أن يودع ريف دمشق هو وعائلته المكونة من «29» فرداً، متجهين إلى الحدود الليبية التى رفضت استقبالهم: «تركنا وظائفنا أنا وأولادى خوفا من انشقاق أخى عن الجيش والتحاقه بالجيش الحر، وقرر تهريبنا إلى ليبيا، ولكن بعد 5 أيام قضيتها أنا وعائلتى على الحدود رفضوا استقبالنا».
عندما رفضت السلطات الليبية دخوله إلى أراضيها أدار ناجى ظهره لليبيا واتجه إلى مصر، وبمجرد عبوره حدودها وقف وهو يشعر بأن جميع الاتجاهات أمامه واحدة، فهو لا يعرف أى اتجاه يسلك: «كانت هى المرة الأولى التى أزور فيها مصر، وكنت لا أعلم فى أى اتجاه أسير أو أى مكان يستقبلنى، ولكن الظروف كانت فى صالحى، وتعرفت على أحد معارف أقاربى وساعدونا فى تأجير شقة صغيرة».
خوف «ناجى» من بطش بشار جعله يبتعد عن كل ما يذكره بسوريا، حتى إنه لم يفكر فى الانضمام إلى اللاجئين السوريين فى مصر: «نظام بشار قوى جدا، وممكن يكون فيه مندسين تبعه فى اللاجئين لذلك قررت البعد عنهم أفضل وأن أستقل بنفسى».
لم يتمكن «ناجى» من الحصول على أكثر من 4 جدران و«مراتب»، ففى الطابق الرابع فى إحدى عمارات مدينة نصر تسكن العائلة التى لم يتبق منها سوى «16» فرداً، بعد أن تقسمت إلى مجموعات فى ليبيا وقطر: «فى البداية كان الوضع سيئاً لأننا لا نعرف أحداً، وفى هذا الوقت اكتشفنا كرم المصريين، ولكن نحن 16 فرداً ولا نريد أن نعيش على المساعدات، وكل ما أتمناه وظائف لأبنائى فى أحد المطاعم السورية لأننا فى أشد الحاجة للشغل لنبدأ حياة مستقرة».
الحلم السورى الذى قامت الثورة من أجله كان «حرية مثل حرية الشعب المصرى فى عهد مبارك»، هكذا بدأ «ناجى» سرد الأوضاع فى سوريا قبل الثورة: «الشعب السورى كان أقصى أحلامه حرية مثل الحرية التى كان يمارسها الشعب المصرى فى عهد مبارك، فكانت السجون السورية تستقبلنا بجملة شهيرة (الداخل مفقود والخارج مولود)، وكان ممنوعاً التظاهر السلمى والاعتصامات، وممنوع أداء الصلاة فى الجيش، لذلك لم نكن نتوقع قيام ثورة فى بلدنا».
«الرجل المدلل لإسرائيل».. هكذا وصف ناجى الرئيس السورى بشار الأسد الذى لم يتوقع انتهاء الأزمة فى سوريا قريبا: «كلنا نعلم أن بشار هو الرجل المدلل لإسرائيل، وإلا كان سقط منذ بدء الثورة، والوضع السورى سيزداد سوءاً كل فترة لأنه فى حالة سقوط نظام الأسد ستبدأ مرحلة تصفية الحسابات».