قالت مصادر مسؤولة في الهيئة العامة للبترول، إن الوضع المالي الصعب للاقتصاد ينذر بعواقب وخمية على قدرة الجهات الحكومية، خاصة وزارة المالية، على توفير التسهيلات الائتمانية المتعلقة باستيراد المنتجات البترولية المطلوبة في السوق المحلية.
وأكدت المصادر أن «هيئة البترول» عانت بشدة الأسبوع الماضي في الحصول على 200 مليون دولار مقررة من وزارة المالية لاستيراد السولار والمازوت والبنزين المطروح في السوق المحلية، مؤكدة أن رئيس مجلس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري تدخل بصفة شخصية لدى وزارة المالية من أجل سرعة صرف هذه المخصصات المالية.
وأشارت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، إلى أن «المالية» مطالبة بتوفير نحو 500 مليون دولار شهريًا لهيئة البترول، من أجل توفير المنتجات المحددة شهريًا من جانب الحكومة لطرحها في السوق المحلية، مشيرة إلى أن موقف الاقتصاد الصعب ووجود ارتباطات متعددة على «المالية» خلال الشهر الجاري، ممثلة في سداد سندات دولية بقيمة مليار دولار وقروض لصالح دول نادي باريس الدولي مقدرة بـ700 مليون دولار، يجعل هامش المناورة أمامها محدودًا.
يأتي ذلك في الوقت الذي تدرس فيه الهيئة العامة للبترول، حاليًا عرضًا مقدمًا من البنك الأهلي لإصدار سندات لصالح الهيئة في السوق المحلية والدولية لتوفير السيولة اللازمة للهيئة، لتمويل أنشطتها الجارية ومشاريعها الاستثمارية.
وقال محمود منتصر، رئيس قطاع ائتمان الشركات بالبنك، خلال ندوة عقدت حول ائتمان الشركات، خاصة العاملة في قطاع البترول، إن هذا الاقتراح يستهدف تجاوز العقبة الرئيسة التي تعترض عمليات إقراض هيئة البترول حاليًا، وهي تجاوزها السقف الائتماني المسموح به من جانب البنك المركزي.
وتابع منتصر أن قطاع البترول يعد من القطاعات الواعدة التي يمكن للبنوك ضخ استثمارات ضخمة فيها، مشيرًا إلى تنوع الفرص الاستثمارية التي تبدأ من الإنتاج وحتى عمليات التوزيع والتسويق والتصدير والاستيراد.
ويحظر البنك المركزي على البنوك تقديم قروض لعميل واحد تفوق 25% من قاعدتها الرأسمالية، وهو ما تجاوزته هيئة البترول بالنسبة للبنك الأهلي، أكبر البنوك المقرضة في السوق.
من جانبه قال محمد يونس، مدير عام قطاع ائتمان الشركات ببنك مصر، إن إصدار سندات لصالح هيئة البترول يجب أن يدرس جيدًا في ظل الوضع الحالي للاقتصاد الذي شهد تخفيضًا متتاليًا للتصنيف الائتماني للاقتصاد المصري بما سوف ينعكس على قدرة الهيئات والمؤسسات على تغطية عمليات الاكتتاب للسندات المطروحة لصالح أي جهة محلية.
وأكد يونس أن إقراض الشركات العاملة في قطاع البترول متزايد، بسبب النمو الذي يشهده القطاع حاليًا في مجالات مختلفة، خاصة العاملة في مشاريع البتروكيماويات، مشيرًا إلى أن بعض البنوك بدأت في الوقت الحالي في الدخول بحصص ومساهمات في بعض المشروعات، بسبب ارتفاع العائد ومستوى الربحية، بالإضافة إلى قيامها بعمليات التمويل والإقراض.
وأشار إلى مشروع الشركة المصرية للإيثلين الذي يساهم فيه البنك الأهلي بحصة كبيرة بالإضافة إلى ترتيبها للقرض البالغ 1.50 مليار دولار للشركة، والذي يساهم فيه بنك مصر بحصة كبيرة.
من جانبه اقترح صفوت عطا، مدير الشؤون المالية وعضو مجلس إدارة شركة قارون للبترول، على الجهاز المصرفي إنشاء شركة متخصصة في عمليات الحفر والاستكشاف بهدف الحصول على عائدات مجزية من عمليات الحفر، مضيفًا أن ارتفاع التطوير التكنولوجي ساهم في تقليل نسبة المخاطرة السابقة، مضيفًا أن شركات البترول العاملة في مصر تسترد 40% من تكلفة البحث والإنتاج، فيما تقسم 60% بينها وبين هيئة البترول التي تحصل على النسبة الأكبر من هذه الحصص.
من جانب آخر أكد محمود منتصر، رئيس ائتمان الشركات في البنك الأهلي، إن البنك يدرس حاليًا تقديم قروض جديدة بـ15 مليار جنيه لمجموعة من المستثمرين والشركات العالمية والمحلية، مضيفًا أن القطاع المصرفي لم يتأخر في تقديم القروض المطلوبة، مضيفًا أن البنك قدم العام الماضي قروضًا للشركات والمستثمرين بـ24 مليار جنيه.
وأكد منتصر أن شركات عالمية تنتظر وضوح الموقف السياسي في الدولة لبدء أنشطة وتوسعات استثمارية ضخمة في السوق المحلية.
وأضاف أن هاجس الاستقرار واضح في اتصالات الكثير من المستثمرين الذين يرغبون بالفعل في بدء أنشطة في مصر، لإدراكهم بالإمكانيات التي تتوافر في السوق، خاصة من حيث موقع الدولة والكثافة السكانية والأسواق المجاورة، مضيفًا أن القطاع المصرفي جاهز لمساعدة أي مستثمر جاد في الحصول على التمويل المطلوب.