x

رئيس هيئة البترول: لدينا دراسات تفصيلية لخفض الدعم 50% خلال 3 سنوات

الثلاثاء 22-05-2012 12:07 | كتب: أشرف فكري |

حذر المهندس هاني ضاحي، الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للبترول، من أن دعم المنتجات البترولية سيتخطى حاجز «المعقول»، متوقعًا بلوغه نحو 120 مليار جنيه بنهاية العام المالي الجديد، مؤكداً أن دعم المنتجات البترولية بشكله الحالي لا يصل بشكل صحيح للمستحقين وسيعاني الجميع من تداعياته السلبية.

وقال ضاحي في حوار خاص مع «المصري اليوم» ، إن مبادئ العدالة الاجتماعية التي كانت من بين أسباب ثورة 25 يناير تتطلب توجيه جانب من 120 مليار جنيه مخصصات مالية، تنفق على محروقات لصالح تحسين معيشة 85 مليون مواطن، مشددًا على حتمية حدوثها حتى تطلب الأمر طرحها في استفتاء شعبي على غرار ما حدث في تونس والأردن عندما تخلصت هذه الدول تدريجيًا من دعم المنتجات البترولية.

وكشف ضاحي عن جود دراسات تفصيلية حول تخفيض قيمة الدعم بنسبة 50% خلال 3 سنوات والوصول بها إلى 20% بعد خمس سنوات لكنها تتطب مشاركة مجتمعية قبل الموافقة عليها حتى لو تطلب الأمر إجراء استفتاء ، محذرًا من استمرار الوضع على ما هو عليه.

هل هناك علاقة بين تصريحات المسؤولين عن ترشيد الدعم ونية الحكومة رفع أسعار المنتجات البترولية؟

-       للأسف هذا الكلام غير حقيقي نهائيا، رغم أن قضية دعم المنتجات البترولية يجب أن تكون موضع أولوية للبلد حاليًا، لأنها المحك الرئيسي لقدرتنا على توفير العدالة الاجتماعية التي قامت على أهدافها ثورة 25 يناير، فالتاريخ لن يحاسبنا على أننا فضلنا إنفاق مليارات الجنيهات على حرق بنزين وسولار واستهلاك بوتاجاز ولم نخصصها على تحسين مستويات التعليم والصحة والإسكان وغيرها من الخدمات الحيوية للمواطن.

هل يمكن منح المزيد من التفاصيل حول هذه القضية؟

-       لا يمكن لبلد يحرق محروقات بـ120 مليار جنيه سنويًا مثل مصر ويعاني من مشاكل حقيقية في عجز الموازنة، الاستمرار في منظومة الدعم الحالية، فخلال العام المالي الجاري 2011-2012 سيصل دعم المنتجات البترولية فعليا إلى 110 مليارات جنيه مقابل 95.5 مليار جنيه مقدر بزيادة 15 مليار جنيه، تخيل لو تم إنفاق هذه المبالغ في المجالات الحيوية.

لكن دعم المنتجات البترولية مهم بالنسبة للكثير من المواطنين؟

-       نحن لا نتكلم عن التخلي عن الدعم بشكل مطلق وفجائي ولكن ترشيده وتوجيهه للمجالات الحقيقة، خلينا نحسبها بالورقة والقلم، في مصر يوجد 5.5 مليون سيارة أغلبها أقل من 1500 سي سى، لو قدمنا لكل صاحب سيارة ما يكفيه في المتوسط من بنزين وسولار لن نحتاج إلى رصد 21 مليار جنيه سنويا لدعم البنزين و50 مليار جنيه للسولار، بل يمكن تخفيض هذا المبلغ إلى النصف وتوجيه 10 مليارات لمجالات أخرى مثل المواصلات والتعليم والصحة وهي حيوية بالنسبة للمواطنين.

ما هي أسباب بقاء فاتورة الدعم على ارتفاعها الحالي؟

- لأسباب كثيرة في مقدمتها لجوء الحكومة في ضخ كميات غير مسبوقة من السولار والبنزين لحل مشاكل زيادة الاستهلاك، استمرار أسعار البترول في الارتفاع وعدم نزولها عن 100 دولار للبرميل، وهي عوامل تؤكد أن فاتورة الدعم في العام المالي الجديد 2012-2013 لن تقل عن 120 مليار جنيه، وهو ما يعكس أزمة حقيقية يجب التعامل معها بموضوعية، لكننا سنقبل أي رقم تضعه وزارة المالية مع تحديد البدائل.

كيف يمكن التعامل مع ملف دعم المنتجات البترولية؟

-       هناك دراسات موضوعية واقتصادية لجهات الدولة المختلفة وفي مقدمتها وزارتا المالية والتنمية المحلية، تتضمن سيناريوهات محددة لكيفية ترشيد دعم الطاقة بطريقة موضوعية شريطة عرضها على الرأي العام للموافقة عليها، لأن أي قرارات سوف تُتخذ لترشيد دعم المنتجات البترولية دون موافقة الناس عليها سوف تفشل.

هل يمكن لنا التعرف بدقة على تفاصيل هذه الدراسات؟

-       طالما لم يتم البت فيها من جهات الدولة المختلفة وعلى رأسها البرلمان الجديد، لا نستطيع الإعلان عنها، لكن هذه الدراسات مبنية على تجارب ونماذج موضوعية تحقق فائدة المواطن المصري في النهاية.

لكن خبرة المواطنين في التعامل مع مسألة تحريك أسعار المنتجات البترولية سلبية، لأنها ترتبط بزيادات في كل القطاعات الاقتصادية؟

بالفعل هذه الخبرة والتصورات السابقة موجودة، لكن لابد من مواجهتها بطريقة موضوعية تعتمد على الدراسات، على سبيل المثال نحن في هيئة البترول قمنا بدراسات حية حول تأثير أسعار المنتجات البترولية مثل السولار والبنزين على سبيل المثال على تكلفة نقل السلع الغذائية الأكثر أهمية بالنسبة للمواطن، فوجدنا أنه لا يوجد تأثير يذكر لسعر السولار على نقل هذه المنتجات.

كيف وهناك سوابق تظهر أن قطاع النقل يرفع دائمًا أسعاره بمجرد تحريك أسعار الوقود؟

-       هذا ليس صحيحًا، فقد قمنا بدراسة حول متوسط سعر السولار على عملية نقل 30 طن أرز من الإسكندرية للقاهرة، وجدنا أن هذه الشاحنة «تمون بـ260 جنيهًا في عملية النقل هذه، أي أن كل كيلو أرز يتكلف قرشًا واحدًا من الوقود، فهل يوجد منا أحد يقوم اليوم باستخدام القرش ليتحجج به في رفع أسعار تكلفته بطريقة غير حقيقة.

كذلك قمنا بدراسة يقوم بها أي شخص عادي يوميًا، فعلي سبيل المثال أي شخص عادي يشتري كل يوم سندوتش فول وطعمية بجنيه على الأقل من أي محل، لماذا لا يتساءل بشكل طبيعي عن استمرار حصول هذا المطعم على أنبوبة بوتاجاز بـ2.5 جنيه منذ 10 سنوات تقريبًا دون أن يتحرك سعرها، فيما وافق الناس على رفع سعر الرغيف من 5 قروش في سنة 2000 إلى جنيه وأحيان 1.5 جنيه، علما بأنني أقسم بالله أقول هذا المثال على سبيل توضيح حقائق تبدو غائبة عن أغلب الناس لكنها تؤثر على حياتهم ومعيشتهم.

لكن هل معنى التغير الذي شهده سعر البوتاجاز هو الذي حدد سعر المنتجات الأخرى؟

-       سؤال بالتأكيد إجابته النفي، فسعرها ظل ثابتًا على الجميع فيما تحملت الدولة أعباء الزيادة لدرجة أنها بلغت 78 جنيهًا للأنبوبة، ولكنها حتى الآن تُباع بسعر محدد من جانب الدولة 4 جنيهات في المستودع.

لكن هذه نماذج بسيطة يمكن أن تواجه انتقادات عند محاولة التطبيق؟

-       نحن نقدم أمثلة ولكن الدراسات الاقتصادية بها تفصيلات معمقة، حول كيفية التعامل مع موضوع ترشيد الطاقة بنظرة موضوعية تسمح للجميع باختيار البديل المناسب، فمن السفه الحديث عن أنه لو رفعنا سعر المنتجات البترولية فإن باقي السلع سوف ترتفع، ولو قبلنا بذلك فلن نستطيع أن نحسن أي شىء يرتبط باحتياجات المواطن الحقيقية مثل التعليم والصحة والإسكان والمرافق الحيوية.

لكن ماذا عن الحلول التطبيقية لهذه الدراسات في ترشيد دعم البنزين على سبيل المثال؟

-       هذه الدراسات في حالة تطبيقها تتضمن حلولًا متعددة لترشيد استهلاك البنزين، على سبيل المثال يمكن تقديم كوبونات بقيمة 2000 لتر سنويًا تستهلكها السيارة أقل من 1500 سي سي في السنة، بمتوسط مقبول يبلغ 20 لترًا في الأسبوع، وعند زيادة الاستخدام تتم محاسبة مالك السيارة بالسعر الحر للبنزين، وكان هناك مقترح بتطبيق نظام الكروت الممغنط التي تمنح صاحبها نفس الكمية من الاستهلاك ولكن يتم خصمها عند الاستهلاك ولكن هناك صعوبة في تعميم هذه الكروت في محطات مصر المختلفة.

وماذا عن قطاع النقل العام أو الجماعي وباقي السيارات الأخرى؟

-       في أغلب الدول يتم منح عمليات النقل الجماعي أولوية كبرى لأن أغلب الناس يستخدمونه بما يوفر في الوقود والدعم، وبالنسبة لباقي السيارات الأخرى الأكبر من 1500 سي سي والغالية، فإن على أصحابها تحمل نفقات استخدام الوقود، فلا يصح أن يشتري مواطن سيارة بأكثر من نصف مليون جنيه ثم يطالب بالحصول على لتر البنزين بأقل من جنيه، فكيف يستقيم ذلك.

ولكن لماذا لا يتم منح الدعم بشكل نقدي للمواطن على غرار إيران؟

-       أمامنا الكثير لتطبيق هذه التجربة، فإيران أخذت فترة زمنية طويلة قبل أن تصل إلى هذه المرحلة في تقديم الدعم للمواطن بشكل نقدى، لكننا حتى الآن لانزال نبحث عن المعلومات، فنحن كجهات حكومية لدينا الحلول ولكن نحتاج الإرادة والعزيمة للتطبيق، حتى لو اضطررنا لإجراء استفتاء على غرار ما حدث في الأردن وتونس.

ولماذا لا تقدمون هذه الدراسات للرأي العام لأخذ رأيه؟

-       لو طلب البرلمان أي دراسات حول ترشيد الدعم المخصص للمنتجات البترولية، فستقدمها جهات الدولة المختلفة، وأنا على المستوى الشخصي من الذين يعتقدون أنه في حالة مناقشة الرأي العام في أي قضية وتقديم المعلومات بشفافية، فإنه قادر على اتخاذ القرارات المناسبة والتي تتفق مع مصلحته.

ما الدور الذي تتوقعه من البرلمان الجديد في مواجهة مشكلة الدعم؟

-       هناك أولويات مختلفة للبرلمان، ولكن أغلب الاقتصاديين يضعون مسألة ترشيد دعم المنتجات البترولية في مقدمة الموضوعات التي يجب التركيز عليها، فليس من المقبول الاستمرار في منظومة دعم لمنتجات بترولية لا تصل في الحقيقة للمستحقين.

هل قامت القوى السياسية الفائزة بالانتخابات مثل «الحرية والعدالة» بالاتصال بهيئة البترول للتعرف على الخطوات الملائمة للتعامل مع هذه المشكلة؟

-       لم يجر أي حزب من الأحزاب الفائزة اتصالات بهيئة البترول للتعرف أو التنسيق معها حول كيفية حل هذه الأزمة، لكن في رأيي فإن أي حزب يرغب في تحقيق معدل ملائم للنمو والتنمية، فعليه التصدي بكل حسم وذكاء لمشكلة دعم المنتجات البترولية لأن حلها كفيل بتوفر مخصصات للمجالات الأخرى.

وكلامي عن التفاؤل بالمرحلة المقبلة لا يجب أن يؤخذ على أنه نفاق لحزب الحرية والعدالة والقوى الإسلامية، فنحن في المرحلة الحالية في مركب واحد ولدينا خيارين أمام العمل بروح الفريق أو انتظار غرق المركب ولن يساعد أحد.

هل تعتقد أن استمرار دعم المنتجات البترولية وراء حدوث أزمات البوتاجاز والوقود؟

-       أي سلعة لها تفاوت سعر بين الرسمي والسوقي تعاني من مشكلة ظهور سوق سوداء، وهو ما يحدث حاليا وبشكل شرس في مجال تداول المنتجات البترولية.

هل هناك هناك خلافات بين وزارتي المالية والبترول لتوفير المخصصات المالية اللازمة للهيئة؟

-       هذا الكلام غير حقيقي، فالعلاقة الحالية بين الجانبين جيدة، لكنا كلنا يعرف أن البلد يعاني بشكل عام من أزمة سيولة وليس فقط في القطاع الحكومي، ورغم ذلك فحتى الآن نحن نتلقى مخصصات مالية من بين 300 مليون دولار شهريًا محددة من جانب من وزارة المالية، لاستيراد المنتجات البترولية مثل السولار والبوتاجاز طبقًا لاتفاق مبرم بين الجهتين.

كيف تواجه الهيئة الصعوبات المالية الناجمة عن ارتفاع التزاماتها؟

-       الهيئة لديها موارد مالية خاصة ولا تواجه أي عقبات تمنعها من الوفاء باحتياجات السوق من المنتجات البترولية في حالة الحصول على مستحقات الهيئة لدى الهيئات الحكومية والحصول على فرق سعر بيع المنتجات المدعومة، وللعلم فنحن لم نقترض منذ الثورة وحتى الآن سوى 600 مليون دولار من البنك الأهلي رغم كل أعباء الهيئة.

وماذا عن تجاوز الهيئة الحد الائتماني للاقتراض لدى بعض البنوك؟

- نعم تجاوزناها في بنك واحد فقط لكننا قدمنا ضمانات بالتعاون مع المالية سهلت على حصول الهيئة على ما تحتاجه من تسهيلات ائتمانية، ونحن بالفعل نعذر البنوك، فبعد الثورة كانت متخوفة من منح الائتمان بشكل عام حتى يتضح المشهد السياسي، ووضع الهيئة قوي، حيث ارتفعت حصتها من الزيت والمتكثفات لتتراوح بين 55% و60%، حيث تنتج الهيئة يوميا 690 ألف برميل من الزيت والمتكثفات، و6 مليارات قدم يوميًا من الغاز.

ما حقيقة تقديم الدول العربية مساعدات لمصر في مجال توفير المنتجات البترولية ؟

-       للأسف الشديد لم يحدث منذ أن توليت منصبي في أبريل الماضي أن قدمت أي دولة عربية أي نقطة زيت أو بوتاجاز لمصر دون مقابل، بل على العكس فعندما تفاوضنا مع بعض الدول التي لن أسميها خلال مشاركتنا في قمة الدول المصدرة للغاز في قطر أو اجتماع الدول العربية المصدرة للبترول «أوابك» بالقاهرة الشهر الماضي على تقديم شحنات من الزيت والبوتاجاز بتسهيلات ائتمانية، ردوا علينا بأنهم متعاقدون على تصدير هذه الشحنات لمدة سنة وهو موقف غير مفهوم أو مبرر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية