x

خطة الضم الإسرائيلية لـ«الأغوار».. معركة بقاء نتنياهو «قادمة لا محالة» (تقرير)

قيادي بـ «فتح»: نتيناهو يريد دخول التاريخ كأحد رؤساء الوزراء الذين ضموا أراض لدولة الاحتلال
الجمعة 17-07-2020 23:54 | كتب: إنجي عبد الوهاب |
الأغوار الأغوار تصوير : آخرون

يترقب الفلسطينيون مصير خطة ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة من قبل إسرائيل، وذلك منذ إعلان الحكومة الائتلافية الإسرائيلية أن جدول أعمالها يتضمن عرض مسودة قانون بالكنيسيت يهدف لضم مستوطنات المنطقة E1 ( وهو مُخطَّط استيطاني إسرائيلي يهدف إلى ربط القدس بعدد من المُستوطنات الإسرائيليّة الواقعة شرقها في الضفة الغربيّة مثل مُستوطنة معالي أدوميم، من خلال مُصادَرة أراضٍ فلسطينيّة بالمنطقة وإنشاء مستوطنات جديدة)، وكذلك ضم المنطقة ج ( وهي هي أحد مناطق الضفة الغربية المنصوص عليها في اتفاقية أوسلو الثانية).

وتشكل المنطقة (ج) حوالي 61% من أراضي الضفة الغربية. السلطة الفلسطينية مسؤولة عن تقديم الخدمات الطبية والتعليمية للفلسطينيين في المنطقة، وهو ما يعرف رسميًا بضم غور الأردن، في خطوة وصفها المجتمع الدولي بإنها اجهاض لمبدأ حل الدولتين، وحذرت منها جهات إقليمية لكونها ستشعل التوترات في منطقة الشرق الأوسط.

وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أعلن، في سبتمبر الماضي، أن خطة ضم الأغوار ستدخل حيز التنفيذ مطلع يوليو2020، وبمرور الموعد المزمع أعلن حليفه بيني جانتس، وزير الدفاع ورئيس الوزراء بالإنابة، أن الأول من يوليو «ليس مقدسا» في إشارة منه أن تأجيل خطة الضم لا يعني إلغاؤها.

ولقى المخطط الإسرائيلي الذي يسعى لإضفاء شرعية «مزيفة» على أطماع الاحتلال التوسعية اعتراضات واسعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، إذ حذرت جامعة الدول العربية مرارًا من مغبة توجهات الاحتلال التوسعية على أمن المنطقة، معلنة رفضها إقدام الاحتلال على عمليات التطهير العرقي ضد المواطنين الفلسطينيين في الأغوار، كما هدد الأردن بفسخ اتفاقية وادي عربة، فيما طالب الاتحاد الأوروبي إسرائيل بالتخلي عن تلك الخطوة معلنًا عدم اعترافه بأي سيادة إسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

في هذا الإطار نستطلع آراء المحللين حول مستقبل منطقة الأغوار، وهل تخلت إسرائيل ع خطة الضم وهل يحول الرفض الدولي والإقليمي دون تمريرها؟ أم أنها ستمضي قدمًا في تنفيذ مخططاتها التوسعية بالمخالفة للاتفاقات والمواثيق الدولية.

يرى الدكتور طارق فهمي، رئيس وحدة الدراسات الاسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، والمستشار المشارك في المفاوضات العربية الإسرائيلية، إن ضم المستوطنات وغور الأردن سيتم لا محالة، وإنه لا صحة لأن خطة الضم جرى تأجيلها أو التخلي عنها، مؤكدَا أن هناك اجتماعات دورية تجري الآن بين مفاوضين من الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، بقيادة سفير واشنطن بتل أبيب، دافيد فريدمان، لمناقشة الترتيبات الأمنية لما بعد الضم، بل وصياغة خرائط جديدة لإسرائيل وفرضها كأمر واقع على الجانب الفلسطيني.

ورجح فهمي أن تأخير دخول خطة ضم الأغوار حيز التنفيذ متعلق بمعوقات مرتبطة بتوقيتها، إذ يعترض وزراء الاقتصاد الإسرائيليون على توقيت الضم الآني؛ نظرًا للتكاليف الباهظة للإجراءات الأمنية والاستراتيجية التي ستترتب على تهويدها، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، فضلًا تحذير بلدان الاتحاد الأوروبي من مغبة الإجراءات أحادية الجانب، الذي أدى لاعتراض الإدارة الأمريكية على الضم دون مراعاة علاقات الجانب الإسرائيلي بالدول العربية المعنية خاصة الأردن التي هددت بتجميد اتفاقية وادي عربة.

ويتوقع فهمي أن هناك سيناريوهان اثنان ينتظران منطقة الأغوار، فإما أن يقوم نتنياهو بإعلان ضمها رسميًا، مع تأجيل اتخاذ الاجراءات الفعلية للتهويد، نظرًا للظرف الاقتصادي في إسرائيل التي تشهد موجة ثانية من فيروس كورونا.

وإما أن يتم الضم تدرجيًا حتى نوفمبر المقبل، قبل الانتهاء من الانتخابات الأمريكية، ففوز ترامب يعني أن الضم واقعًا محققًا في حين أن احتمالات فوز الديموقراطيين المعترفين بمبدأ حل الدولتين سيهدد تلك الخطة.

وأشار فهمي أن هناك سيناريوهات أخطر تنتظر الجانب الفلسطيني في حال جرى ضم الأغوار؛ إذ إسرائيل ترسيم حدودها مع الأردن، ليتحول الجزء المتبقي من الأراضي الفلسطينية إلى مقاطعات معزولة أشبه بدويلات مهترئة ليس لها حدود خارجية، غير أن ضم الأغوار قد يدفع إسرائيل للخروج مما تبقى من الضفة بمقتدى انسحاب أحادي الجانب على غرار ما حدث في غزة، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية.

في السياق ذاته رجح الدكتور، محمد خالد الأزعر، المستشار الثقافي السابق للسفارة الفلسطينية بالقاهرة، أن إسرائيل مترددة في اختيار توقيت الضم الموضوعة على أجندته منذ نكسة1967 فيما يعرف بخطة آلون، وأن الأقرب لتقاليد سياسات الاحتلال هو تمرير خطة الضم بعد استطلاع ردود الأفعال عربيًا ودوليًا، التي لا تزال دون المستوى المأمول، قائلًا :«أكلت الأغوار أكلت يوم أكلت القدس، فمن دون ردود أفعال تضاهي تغول وشراهة الاحتلال، لن يتعطل الضم ولن يؤدي إلا لمزيد من توتر العلاقات مع الجانب الاردني، لا سيما أن تقييمات الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية تؤكد أنه لن يجري أكثر مما جري عقب تهويد القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل».

وأضاف الأزعر أن الاتفاقات الدولية تقوض السلطة الفلسطينية وتضعها موقف حرج؛ إذ يعد تهديدها بحل نفسها تهديدًا غير واقعي لكونها شكلت بمقتدى اتفاقية أوسلو، فالسلطة تقع بين مطرقة الاحتلال وسندان الالتزام بالاتفاقات في الوقت الذي يتحايل فيه الاحتلال على تلك الاتفاقات.

ويرى الأزعر أن الرفض الدولي لخطة الضم لن يكون مجديًا دون اقترانه بفرض عقوبات اقتصادية أو دبلوماسية على إسرائيل التي يرتبط 70% من اقتصادها ببلدان الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أنه لا توجد نية حقيقة لتقويض إسرائيل وإلا لوحت تلك البلدان بسحب سفرائها على أقل تقدير، لافتًا أن الرباعية الدولية تحولت منذ العام 2002 إلى تابع للبيت الأبيض وإرادة السياسات الأمريكية في المنطقة على إثر تحول الأمم المتحدة إلى مجرد عضو بها.

وذهب الدكتور جهاد الحرازين، القيادي بحركة فتح لأن إسرائيل ستتهرب من الضغط الدولي والإقليمي، عبر تنفيذ مخطط الضم تدريجيًا، مؤكدًا أن نتنياهو يعتبر ضم الأغوار معركة بقاء، فهو يريد التهرب من قضايا الفساد المتهم بها في الداخل الإسرائيلي من جانب، وأن يدخل التاريخ باعتباره أحد رؤساء الوزراء الذين وفوا بوعودهم بضم أراض لدولة الاحتلال الإسرائيلي على غرار ليفي أشكول الذي ضم القدس الشرقية عقب حرب عام 1967و مناحم بيجن الذي ضم مرتفعات الجولان عام 1981.

وحول تداعيات الضم يرى الحرازين، أنه يقوض مبدأ حل الدولتين، ويجعل ما تبقى من الأراضي الفلسطينية دويلات مهترئة معزولة ليس لها أي حدود خارجية، كما سيحرم الفلسطينيين تماما من الأغوار التي تنتج نحو 60% من أمنهم الغذائي.

جدير بالذكر أن خطة الضم تستهدف تهويد وضم كل المستوطنات ا لإسرائيلية المحيطة بالقدس فيما يعرف بالمنطقة E1، كما تمتد للاستحواذ على المنطقة C التي تغطي أكثر من 60٪ من الضفة ،وهي منطقة اخضعها الاحتلال لسيطرته الأمنية، وتشكل تل المناطق حوالي ثلث مساحة الضفة، وتمتد على مساحة 1.6 مليون دونم بمقربة الحدود الأردنيّة.

ويسكن الأغوار حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 56708 فلسطيني، أي ما يعادل 2% فقط من الفلسطينيين فبها بعد التجمعات الرعوية المتنقلة و27 تجمعًا ثابتًا على مساحة على مساحة 10 آلاف دونم وبعض التجمعات الرعوية والبدوية نظرًا لتضيقات الاحتلال، فيما يسيطر الاحتلال على 400 ألف دونم بذريعة استخدامها مناطق عسكرية مغلقة؛ أي ما نسبته 55.5% من المساحة الكلية للأغوار، ويستوطنها نحو400 الف مستوطن إسرائيلي بحسب إحصاء نشره موقع «إسرائيل هايوم» العبري.

وترفض الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية في المنطقة ج، استنادًا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وعلى الرغم من ذلك أقر في 6 فبراير 2017، قانونا يقنن بأثر رجعي وضع نحو اربعة آلاف وحدة سكنية استيطانية بنيت على أراضي يملكاها فلسطينيون في الغور، فيما يسعى لضمها كليًا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية