في الوقت الذي يؤرق فيه شبح جائحة فيروس كورونا المستجد أنظمة صحية لبدان عظمى، ويصيب اقتصاداتها بضربات موجعة، تخشى فلسطين المحتلة من تداعيات انتشار الوباء لديها، في ظل تضيقات الاحتلال الاقتصادية، ما يهددها بأزمات مزدوجة على الصعيدين الصحي والاقتصادي.
وسجلت فلسطين المحتلة 128 حالة إصابة بفيروس كورونا، حتى مساء الثلاثاء، بينها 118 في الضفة الغربية، و10 حالات في القطاع، وحالة وفاة واحدة لسيدة مسنة.
في هذا السياق، حاورت «المصري اليوم، المتحدثين الرسميين لوزارة الصحة في كل من الضفة والقطاع للوقوف على وضع المنظومة الصحية في ظل تداعيات أزمة كورونا.
«على مشارف كارثة إنسانية»
الدكتور، أشرف القدرة، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة في قطاع غزة، قال إن حالات كورونا التي تم تسجيلها في غزة رغم أنها مطوقة تنذر بأننا على مشارف كارثة إنسانية في حالة تفشي فيروس كورونا، في ظل التكدس السكاني والظروف الاستثنائية التي يعيشها نحو مليوني مواطن بالقطاع، فضلا عن ضعف المنظومة الصحية.
وأضاف أن «مرحلة الاستجابة الأولى لكبح جماح الوباء، تتطلب حوالي 23 مليون دولار، وهو الأمر الذي يستحيل على القطاع تلبيته في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي يعاني منها قطاع غزة الواقع تحت الحصار منذ 14 عامًا».
وأكد «القدرة» أن «مسؤولي الصحة بالقطاع قاموا بإجرائات استباقية وطوقوا غزة فور الإعلان عن الجائحة، لكن الطاقة الاستيعابية لمستشفيات غزة لا يمكنها تدارك الأزمة، إذ تستضيف مستشفيات العزل بها 1774 عائد من البلدان المصنفة بالموبوئة، ضمنهم 1012 يعانون أمراضا مزمنة».
كانت غزة تعاني قبيل الجائحة نقصًا شديدًا في الأرصدة الدوائية الأساسية، إذ ينقصها 60% من لوازم المختبرات وبنوك الدم، و29% من الأدوية الأساسية، و23% من المستهلكات الطبية، والآن تعاني عبء الشح في الفحوصات المتعلقة بفيروس كورونا.
«مليوني مواطن و63 جهاز تنفس»
وأشار «القدرة» إلى أن الاحتلال يقوض الخدمات الصحية بالقطاع وأن كل مستشفيات محافظات قطاع غزة لا يوجد بها سوى 63 جهاز تنفس موزعة على 13 مستشفى؛ لذا فالقطاع بحاجة عاجلة إلى تجهيز 100 سرير رعاية مكثفة مزودة بأجهزة تنفس صناعي، كمرحلة أولى لمواجهة الفيروس.
وأكد أن «المساعدات والمستلزمات الخاصة بالفحص المخبري التي بعثت بها منظمة الصحة العالمية لم تمكن الطواقم الطبية من إتمام عملها في حال تفشي الفيروس».
وناشد «القدرة»، مصر والأطراف الدولية ومؤسساتها الإنسانية والإغاثية بالتدخل العاجل.
الاحتلال يفاقم أزمة الضفة
بدوره، قال الدكتور أسامة النجار، الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة، ومدير عام الخدمات الطبية بالضفة الغربية، إن الاحتلال يدفع في اتجاه تفاقم أزمة كورونا.
وأوضح أن «الاحتلال لا يُخطر مسؤولي الضفة بالعائدين عبر مطار بن جوريون للقيام بفحصهم، كما يتعنت في إدخال المساعدات الطبية»، ويقوم بممارسات غير أخلاقية منذ بدء الأزمة.
وأشار إلى أن «أكبر المشكلات التي تواجهها الضفة عقب إجراءات الطواري والحجر، هي أزمة العمال الذين أعادتهم إسرائيل للقطاع دون أي تنسيق مع الجانب الفلسطيني، ما أدى إلى تفاقم نسبة البطالة من جانب، والتخوف من وجود عدد غير معلوم من المصابين بكورونا آتين من الداخل الإسرائيلي من جانب آخر».
ولفت إلى أن «تصاعد عدد المصابين في قرى شمال غرب القدس جاء نتيجة فتح إسرائيل ثغرات غير رسمية في الجدار العازل لمعاونة العمال العائدين منها للهروب من الإجراءات الوقائية الصارمة التي تقوم بها السلطة لدى المنافذ والمعابر الرسمية لعزل المصابين».
وأكد أن أحد العاملين العائدين من الداخل الإسرائيلي خالط 36 من عائلته، ما أدى إلى إصابتهم بالفيروس، وهذا الأمر يفسر تمركز معظم إصابات كورونا في قرى شمال غرب القدس، وبيت لحم.
وأشار النجار إلى أن «السطات الفلسطينة تبذل قصاري جهدها لكبح جماح الفيروس، رغم التضيقات وضعف الإمكانات، مناشدًا المجتمع الدولي أن يقوم بمسؤليته تجاه ممارسات الجانب الإسرائيلي لأن الفيروس إن لم يتوقف لدي الأراضي المحتلة فلن يتوقف في الداخل الإسرائيلي».
وناشد الدول العربية لتقديم مزيد من الدعم لدفع الجانب الفلسطيني لعبور الأزمة.