استمعت المحكمة الدستورية العليا، الثلاثاء، للمرافعات في دعاوى التنازع في تنفيذ حكم المحكمة السابق صدوره ببطلان قانون مجلس الشعب على نحو ترتب عليه حل المجلس.
وطالب مقيمو الدعاوى بوقف تنفيذ القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، بدعوة مجلس الشعب المنحل للانعقاد مجددًا، وأكدوا على ضرورة الاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان المجلس.
وتقدم فريق المحامين مقيمو دعوى منازعة تنفيذ حكم الدستورية كل من الدكتور يحيى الجمل، والدكتور حسام عيسى، والدكتور فؤاد عبد المنعم رياض، أساتذة القانون الدستوري، الذين أشاروا إلى أن القرار الجمهوري يهدر دولة القانون ويرسخ لشريعة الغاب، لافتين إلى أنه لا تملك أي سلطة بما فيها التنفيذية وعلى رأسها رئيس الجمهورية الامتناع عن تنفيذ حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الشعب.
وأكدوا على أن حكم المحكمة الدستورية هو حكم نهائي وبات لا يقبل أي وجه من أوجه الطعون، وأن الآثار المترتبة عليه سبق للمحكمة أن حددتها متمثلة في اعتبار مجلس الشعب غير قائم بقوة القانون، وأن سلطات الدولة جميعا تلتزم بتنفيذ هذا الحكم.
واعتبر مقيمو الدعاوى أن ما أقدم عليه رئيس الجمهورية بدعوة مجلس الشعب المنحل للانعقاد هو إهدار صريح لأحكام القضاء النافذة وحجيتها، وإهدار أيضا لأحكام الدستور والمبادئ الدستورية المستقلة والقانون الذي يوجب تنفيذ أحكام القانون، مشيرين إلى أن عدم تنفيذ حكم قضائي هو فعل مجرم جنائيًا.
وقالوا إن حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب، وما ترتب عليه من أثر مباشر بحل هذا المجلس واعتباره غير قائم بقوة القانون هو حكم نافذ بذاته لا يملك أحد تعطيل تنفيذه.
وأكدوا أن لا كيان للدولة الحديثة الديمقراطية سوى بسيادة القانون واحترام أحكام القضاء، وأن رئيس الجمهورية باعتبار أنه أقسم على احترام الدستور والقانون ما كان يجب عليه أن يصدر مثل هذا القرار الذى ينهى سيادة القانون، مطالبين المحكمة بأن تصدر حكمًا قضائيًا على وجه السرعة والاستعجال بوقف قرار رئيس الجمهورية مع الاستمرار في تنفيذ حكم حل البرلمان.
وقالوا إن ما تردد من حديث يتعلق بكون منطوق الحكم هو الملزم وحده بالتنفيذ يعد ضربًا من ضروب العبث، باعتبار أن منطوق الحكم وحيثياته يكملان بعضهما البعض وأن حديثًا عن الفصل فيما بينهما يعد من قبيل العبث، مؤكدين أن الحكم تحدث بجلاء عن بطلان مجلس الشعب وأن أي قرارات أو تشريعات يصدرها المجلس على ضوء القرار الجمهورى ستكون باطلة بطلانًا مطلقًا وستتسبب فى حدوث بلبلة وإضراب فى الحياة السياسية والتشريعية.
من جانبه، قال ممثل هيئة قضايا الدولة صبحي صالح إن قرار رئيس الجمهورية بدعوة مجلس الشعب للانعقاد هو بمثابة قرار إداري يخرج عن نطاق اختصاص ورقابة المحكمة الدستورية العليا، مطالبًا المحكمة بعدم قبول دعاوى التنازع فى التنفيذ لعدم وجود الصفة لدى مقيمي هذه الدعاوى فى إقامتها لدى المحكمة.
وأشار إلى أن قانون المحكمة الدستورية العليا يشترط صراحة أن يكون مقيم دعوى تنازع هو أحد أطراف الدعوى الأصلية أو من ذوى الشأن فيها، معتبرًا أن من ترافعوا بطلبات إلغاء القرار الجمهوري هم ليسوا أطراف الدعوى الصادر في شأنها حكم الدستورية ببطلان قانون مجلس الشعب.
وسمحت المحكمة أيضا للمحامين من الطرف الآخر المؤيد للقرار الجمهوري بالترافع حيث ترافع عنهم المحامى صبحي صالح والذى دفع بعدم قبول الدعوى لإقامتها من غير ذي صفة أو مصلحة، معتبرًا أن المحكمة ليست بصدد دعوى منازعة تنفيذ بأي وجه وإنما هي بصدد قرار صريح صادر من رئيس الجمهورية لا يخرج التكييف القانوني له عن أمرين إما أن يكون قرارًا سياديًا لا يجوز الرقابة عليه بمعرفة القضاء أو أنه قرار إدارى يدخل ضمن نطاق الاختصاص الأصيل لقضاء مجلس الدولة وليس المحكمة الدستورية العليا.
كما دفع بعدم جواز نظر دعوى المنازعة في التنفيذ وعدم اختصاص المحكمة ولائيًا كون القرار الجمهوري هو عمل من أعمال السيادة.
واعتبر أن المنازعة في حقيقتها هي منازعة سياسية وأن القرار الجمهوري بدعوى مجلس الشعب للانعقاد قد جاء متفقًا تمامًا مع حكم المحكمة الدستورية العليا فضلا عن كونه يستند إلى الاتفاقيات الدولية وقانون المحكمة الدستورية العليا والدستور والقانون.
وقال المحامى صبحى صالح إن قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل مجلس الشعب على ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا هو قرار معيب ويدخل فى إطار الخطأ الجسيم على نحو اقتضى معه الأمر إصدار رئيس الجمهورية لقرار جديد يلغى قرار المجلس العسكري، ويعيد التوازن بين السلطات بإسناد سلطة التشريع لمجلس الشعب المنتخب انتخابًا صحيحًا من جانب 30 مليون مصرى انتخبوا أعضاءه.
ونفى تماما أن يكون رئيس الجمهورية قد خالف ما نص عليه حكم المحكمة الدستورية، مؤكدًا أنه على العكس من هذا التصور فإن الرئيس قد امتثل تمامًا لحكم المحكمة الدستورية العليا بمقتضى اللزوم العقلي والقانوني.
وأوضح أن قرار رئيس الجمهورية قد انطوى على التطبيق السليم والصحيح لحكم الدستورية العليا، إذ إنه تضمن الدعوة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة خلال 60 يومًا يتم خلالها معالجة الفراغ التشريعي في النظام الانتخابي الذى يخلو حاليًا من آليات وقواعد إجراء انتخابات تشريعية جديدة.
وأشار إلى أن الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري تضمن إلغاء لما أورده الإعلان الدستورى الأول الصادر في مارس من العام الماضي والذي كان قد حدد طريقة انتخاب مجلس الشعب بنظام الثلثين للقوائم الحزبية والثلث الأخير للمستقلين، ومن ثم فإنه لا يوجد حاليًا نظام انتخابي يتم بموجبه الدعوة إلى انتخابات تشريعية على الفور، وهو الأمر الذي يقطع بصحة قرار الرئيس الذي طبق صحيح حكم المحكمة الدستورية وقرر الدعوة لانتخابات مبكرة خلال شهرين تفرز مجلسًا تشريعيًا جديدًا دون أدنى شائبة بما يتفق مع القواعد القانونية والدستورية المستقرة.
واختتم صالح مرافعته أمام المحكمة، قائلا: «جئنا إليكم منفذين للحكم لا معطلين دافعًا بانتفاء حالة الاستعجال في شأن دعوى المنازعة، مؤكدًا أن تنفيذ الحكم يكون لمنطوقه على النحو الوارد فى الحكم فقط.