x

الدكتور مصطفى النجار حمادة يقول لكم الدكتور مصطفى النجار الأحد 03-02-2013 21:39


لم تكن تعرية حمادة وسحله هى الجريمة الكبرى التى حدثت، بل كان ترهيبه وترغيبه وكسر إنسانيته ليبرئ جلاديه هى الإهانة الأكبر لشعب مصر الذى يصر البعض على التعامل معه كقطيع لا يفهم ولا يفكر.

تعرى حمادة حين سحلته الداخلية أمام عيون الملايين وتعرى حين جعلته القوى السياسية أداة للتوظيف السياسى والمزايدة، وتعرى حين قامت السلطة بقهره وترغيبه لينفى ما حدث له فى مشهد بائس يفكرنا بعصور مظلمة مضت، وتعرى حين انطلق بارونات تويتر وفيس بوك ينهشون فيه بعد نفيه اعتداء الأمن عليه.

قنوات ومواقع القباحة الدينية جزمت، من اللحظة الأولى، بأنه شاذ جنسيا ورغب فى ممارسة الرذيلة مع عساكر الأمن المركزى فى هذا الجو الشاعرى الذى تنهال فيه زجاجات المولوتوف وقنابل الغاز وأنه خلع ملابسه وطلب من الجنود ذلك لكنهم رفضوا وغضبوا، لذلك قاموا بالاعتداء عليه !!

أما محترفو الاستربيتز السياسى من حزب التبرير فقد أكدوا على الفور أن حمادة بلطجى عتيد هاجم قوات الأمن بالمولوتوف وجميع الأسلحة، أما دهاة التفكير التآمرى فقد قرروا أنه تم الدفع به لفعل ذلك مقابل أموال تقاضاها من أحد رجال الأعمال بالمعارضة، وتم وضع كاميرا التصوير الخاصة بقناة رجل الأعمال المعارض فى مكان يستطيع تصوير المشهد لاستخدامه ضد النظام !!

بصق حمادة فى وجه الجميع وقبل زوجته فى مشهد تمثيلى ردىء لم يصدقه أحد وقالوا عنه إنه فقير باع نفسه، وجبان لم يتحمل الضغوط، لكن كانت رسالة حمادة واضحة: وماذا سأفعل بدور الضحية البطل وماذا ستعطينى شاشات فضائياتكم، إن ما سيلقيه لى من يريدون تبرئة أنفسهم هو خير لى من كل شىء، فأنا لم أنزل إلا بحثا عن لقمة العيش وحياة أفضل، فإذا تغيرت حياتى بأى شكل فأنا راض!!

لا تلوموا حمادة على ما فعله فحساباته ليست حساباتكم وصراعكم السياسى هو ليس طرفا فيه، قضيته ومطالبه وأولوياته تختلف عن أولوياتكم، لا تجلدوا من نهش الفقر أجسادهم وعقولهم فجعلهم هكذا، لكن اسألوا أنفسكم ماذا فعلتم لهؤلاء؟

أخطر ما فى المشهد هو موقف الداخلية التى ظهرت كوزارتين: الأولى تعتذر والثانية ترهب وترغب لتتنصل من الجريمة التى شاهدها العالم، أما محترفو الرقص السياسى فقد رأوا فيما حدث قبلة الحياة بعد فشل جمعة الخلاص التى أعلنوا فيها الزحف لإسقاط النظام، فسقطوا هم ولم يصدق الناس دموع التماسيح التى سالت منهم وهم يتاجرون بقضية مواطن بسيط أهدرت كرامته وانطلق بعضهم ينفض يده من وثيقة الأزهر لنبذ العنف وهو يراهن على المولوتوف السلمى لإسقاط النظام الذى عجز عن مواجهته سياسيا، فقرر إسقاطه عبر تبرير صناعة الفوضى واستدعاء الجيش للنزول للعودة إلى مربع الصفر.

المؤسسة الأمنية المهنية تستطيع حفظ الأمن دون إهدار حقوق الإنسان، وإذا لم نعالج المرض الأساسى وغرقنا فى الأعراض فقط ستتكرر هذه الكوارث، نحن أمام سلطة متغابية لا تقدر الموقف وتهدى لخصومها مزيدا من الفرص لابتزازها، وأمام معارضة مفلسة لا تملك التحكم فى الشارع مهما ادعت ذلك ، موجات الغضب القادمة ستكون انتقامية وانفلات المؤسسة الأمنية وتفككها سيصنعان دولة الميليشيات ويسقطان الدولة، وبين هؤلاء وهؤلاء هناك وطن سيضيع.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية