x

طارق الغزالي حرب متى يكون للعاصمة محافظ بحق أو حتى عُمدة؟ طارق الغزالي حرب الأحد 06-01-2013 23:26


تابعت فى الأخبار منذ عدة أيام أن محافظ القاهرة قد قام بجولة مفاجئة فى أحد أحياء المدينة البائسة، وأنه قرر صرف مكافآت، ووجه الشكر للمسؤولين عن هذا الحى، ووعد بأنه سوف يستمر فى سياسته الجديدة بالمرور المفاجئ على الأحياء وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب..

وشاهدت فى نشرة أخبار التليفزيون المصرى حديثاً له يتوجه به إلى جمع من الناس يدعوهم فيه إلى التبرع والإحسان من أجل المساعدة فى حل مشكلة عويصة لايجد لها حلا حتى الآن فى العديد من مدارس العاصمة وهى عدم وجود مقاعد (قالها بالعامية «دِكك» وهى جمع دِكة) لجلوس التلاميذ عليها، ودعا سيادته - وقد انتهى نصف العام الدراسى - أصحاب القلوب الرحيمة للتبرع لهذا المشروع القومى المهم لتوفير «الدِكك» للتلاميذ ليجدوا مايجلسون عليه وهم يتلقون العلم، وعزز طلبه هذا بالعديد من الآيات القرآنية والأحاديث التى يبدو أنه لايقل براعة فى الاستشهاد بها عن رئيسه مرسى! المحافظ الإخوانى الهُمام لايعرف اسمه ولا رسمه أحد تقريباً على الرغم من وجوده بمنصبه منذ مايقرب من نصف العام،

وقد قمت بنفسى بتجربة سؤال كل من أقابله فى أى مكان أذهب إليه عن اسم محافظ القاهرة، فهالنى أن أكثر من 95% ممن سألتهم من مختلف الطبقات لايعرفون اسم الرجل، والأدهى أنهم لايكترثون بمعرفته، فما آلت إليه أحوال العاصمة، التى هو مسؤول عنها، يعيشونها واقعاً مريراً كل ساعة، ويرون أن الفرصة الوحيدة الممكنة لمدينة القاهرة لأن يُذكر فيها اسمها الآن على المستوى العالمى هو حال دخولها مسابقة أقذر مدن العالم وأكثرها تلوثاً وإهمالا، لأنها بالتأكيد سوف تحتل أحد المراكز المتقدمة فى هذا السياق.

لم تصل القاهرة طوال تاريخها العريق إلى المستوى الذى وصلت إليه فى العام الأخير من إهمال وانهيار وقذارة وانحدار.. القاهرة التى كانت ساحرة لم يعد فيها حى واحد يمكن أن يُوصف بالحى الراقى أو النظيف، سواء من تلك الأحياء القديمة التى نشأت منذ أكثر من قرن من الزمان ، أو تلك الأحياء الجديدة التى نشأت منذ بضع عشرات من السنين، وأحكمت العشوائيات – التى ظهرت مع بدايات حكم السادات وزادت واستفحلت فى عهود المخلوع وماتلاه - من حصارها حول أحياء العاصمة، وطَبعتها بطبعها ونقلت إليها سلوكياتها وأخلاقياتها، ولا أحد يفعل شيئاً..

لم تُفلح الثورة المصرية العظيمة التى أتت بمبادئ وقيم رفيعة وسامية، فى إحداث أى تغيير جذرى على الأرض على الرغم مما أحدثته من عودة للروح الوطنية والهمة القوية للمصريين كان يمكن أن تُستغل لو كانت النوايا صادقة فى تحقيق دعوة «تعالوا ننظف مصر» مادياً ومعنوياً. فشلت الثورة حتى الآن لأن هناك من اختطفها ولايهمه سوى ركوب جماعته وأنصاره على أنفاسها وأنفاس الوطن وتمكينهم منه وإقصاء الآخرين.

أمثلة الإهمال والانحدار لاحصر لها، ولكنى أسوق مثالا هو حى مدينة نصر الذى هو حى حديث، من المفترض أن يكون ضمن الأحياء الراقية.. هل يتصور أحد أن هذا الحى الكبير مترامى الأطراف لايوجد به شارع واحد رئيسى أو فرعى يمكن أن يوصف بأنه مرصوف عن حق؟!

هل مر هذا المحافظ أو أحد الموظفين التابعين له يوماً بطريق النصر (الأوتوستراد) عند تقاطعاته مع محاور مدينة نصر الرئيسية فى شارع الطيران وعباس العقاد ومَكرم عبيد، وشاهد مايحدث عندها من فوضى ورأى حالة الرصف التى عليها هذا الشريان الرئيسى؟

أين ضمير هؤلاء المسؤولين الذين لايكفون عن ذكر اسم الله فى كل صغيرة وكبيرة، وهم يشاهدون أكوام القمامة بكل ناصية فى الشوارع الرئيسية وليست الجانبية، ترتع فيها الحشرات وعليها أكوام الذباب؟ ماقيمة صلواتهم ومظاهر عباداتهم وقد ماتت ضمائرهم فتركوا الناس يخوضون فى مياه المجارى التى تطفح بصورة شبه يومية بالحى الراقى وتنتقل من الشوارع الجانبية إلى المحاور الرئيسية؟

المجال لايتسع لذكر المزيد والمزيد، فما ذكرته ما هو إلا مجرد أمثلة لمؤشرات خطيرة تنبئ عن خراب قادم أكثر بكثير مما هو الآن إذا ما استسلمنا لما نحن فيه، وطالما يبتعد أهل الخبرة والكفاءة والإخلاص للوطن عن مقاعد القيادة، ليُترك الأمر كله لأهل الثقة والخيبة والإخلاص للجماعة !

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية