x

أيمن الجندي حرب الجينات أيمن الجندي الأربعاء 12-12-2012 22:04


تلقيت هذه الرسالة الممتعة المفعمة بالتأمل من د. محمد وجيه.

«فى هذا الكون الفسيح العظيم والرهيب ملايين المجرات!. وكل مجرَّة تحتوى على ملايين النجوم. أحدها هو الشمس، وعلى سطح هذا الكوكب المسمَّى الأرض توجد حياة صاخبة، تعيش على سطح الأرض وتسافر معها عبر الفضاء الفسيح.

على سطح هذه السفينة الفضائية التى تُدعى الأرض يوجد صراع مرير من أجل البقاء. فعندما تطارد الأسود قطيع الغزلان، تظفر الأسود السريعة القوية بالفريسة، بينما تهلك الأسود الضعيفة والبطيئة لعجزها عن اللحاق بالغزلان.

يبدو الصراع لأول وهلة بين الأسود والغزلان. ولكن بنظرة أعمق نجد أن الصراع الحقيقى هو بين جينات الأسود بعضها وبعض، وجينات الغزلان بعضها وبعض. فبالنسبة للأسود، تحصل الأسود ذات الجينات الأقوى على طعامها؛ فتعيش وتتزاوج وتورث جيناتها لجيل آخر. بينما تهلك الأسود الضعيفة، فلا تنتقل جيناتها لأجيال أخرى.

وينطبق الأمر على الغزلان. فالغزلان صاحبة الجينات المعيبة ستصير فريسة سهلة للحيوانات الضارية فتنقرض، بينما الغزلان الأسرع حركة ستفلت من المطاردة وستتزاوج وتنقل جيناتها إلى مواليد جدد.

إذاً جينات كل نوع على وجه الأرض هى فى حقيقة الأمر فى صراع رهيب من أجل البقاء.

تعرض الإنسان لنفس الاختبار. ولكن كان «الذكاء» هو جوهر الصراع. فعبر الزمن الطويل كان الرجال الذين يمتلكون الحظ الأوفر من جينات الذكاء هم من ينجحون فى الحصول على الطعام ويتزوجون، فيورثون جيناتهم لأجيال أخرى تتمتع بنوعية أفضل من الجينات.

وأهم أسباب الإجهاض هو وجود عيوب خلقية أو عيوب فى الجينات. وعندما يتخلص الرحم من الجنين المعيب فإنه يمنح فى حقيقة الأمر الفرصة للمرأة كى تحمل جنيناً سليماً فى مرة قادمة. ولو لم يكن هناك إجهاض لتعرضت البشرية لخطر جسيم؛ لأن الأم كانت ستقضى الكثير من عمرها فى حمل وإرضاع مواليد لن يستمروا فى الحياة بسبب عيوبهم الجينية!

وخلال مسيرة الحياة الطويلة كان من يولد بمرض لا فرصة له أن يتناسل أو يتكاثر فيمرر جيناته المعيبة لأجيال أخرى!. فكأن موت الأجنة والمرضى بمثابة إخراج لكل من يحمل جينات معيبة من مسرح الحياة، ليستمر فقط أصحاب الجينات الأفضل.

ولكن صار الوضع الآن غريباً. فبفضل التقنيات الحديثة صرنا نستطيع أن نعالج الكثير من الأمراض ونسمح لحامليها بالبقاء والتناسل ونقل الجينات «المعيبة» للأجيال القادمة!، وصار بإمكاننا كذلك أن ننقذ العديد من الأطفال المبتسرين رغم ضعفهم الجسدى والجينى!

وفيما مضى، كانت فرصة الإنجاب أكبر أمام الآباء الأذكياء. ولكن انقلب الوضع فى عصرنا الحالى؛ فالأذكياء، وهم عادة الأكثر علماً وثقافة، صاروا يحجمون عن إنجاب المزيد من الأطفال، بينما الأقل علماً وثقافة هم من يكثرون من الإنجاب!

لقد أوقف الذكاء الإنسانى حرب الجينات التى كانت تحتم النصر لأصحاب الجينات الذكية، بل غير الإنسان قواعد المعركة لتصير الأفضلية فى كثير من الأحيان لأصحاب الجينات الأقل تميزاً! فكم أخشى على الإنسان من ذكائه؛ فمن الذكاء ما قتل!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية