x

عزت القمحاوي دعم مصري كامل لـ«حتة» من فلسطين عزت القمحاوي الإثنين 19-11-2012 21:16


لا تستطيع مصر أن تعيش فى عزلة حتى لو أرادت. قدرها الجغرافى يحتم عليها هذا، وقد خسر السودان نصفه وخسرنا خلال حكم حسنى مبارك، كما خسرنا ود شركائنا الآخرين فى النيل، ولم نتمكن من استعادته إلى اليوم.

من المفروغ منه إذن أن يكون لمصر دورها الإقليمى حماية لأمنها أولاً ووفاء لروابط الجوار مع أفريقيا والأخوة مع الدول العربية الأخرى. وهذان الاعتباران يحتمان على مصر التصرف بوصفها دولة محورية وألا تتأثر العلاقات بالهوى الشخصى لرئيسها أو نظامها.

فى الملف الفلسطينى كان هوى السلطة أيام مبارك مع رام الله من دون غزة، ومنذ تسلم الرئيس مرسى السلطة صار واضحاً أن هوى مصر أصبح غزاوياً. وفى الحالتين فإن مصر لا تتصرف بوصفها دولة قائدة ولا تدعم الشعب الفلسطينى كله بل جزءاً منه، والأمر خطير على مستقبل الفلسطينيين فى الحالتين، لكن التوجه الحالى بالانحياز إلى حماس فى غزة أخطر على مصر من انحيازها إلى فتح فى رام الله.

لا ينبغى لمصر أن تصمت على العربدة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بل لابد أن تكون لديها القدرة على المساعدة الأكبر من التعاطف وزيارات المؤازرة، وهذا لن يحدث قبل مساعدة النفس. فى تعليمات الطيران ينصحون الأم بارتداء الكمامة أولاً قبل مساعدة ابنها، لأن البدء بالابن قد يعرضها للاختناق قبل أن تلحق به.

سلامة مصر الأم وسلامة الابن الفلسطينى تقتضى وقف نزيف الدم المصرى المؤلم على الطرق، إذ تجاوزت خسارتنا فى ذات الأسبوع ثلاثة أضعاف عدد الأرواح التى بددتها طائرات إسرائيل، ينبغى كذلك أن يكون احتياطينا من القمح أكثر من ثلاثة أشهر، ولن يتحقق لنا ذلك إلا بخطة تنمية حقيقية.

وهذه ليست دعوة للانغلاق حتى تحقيق القوة، بل دعوة لتحسس خطواتنا والاستثمار الجيد لأوراق مصر الدولة، لا مصر الجماعة أو الحزب. ومصر الدولة ينبغى ألا تشجع الحمساويين على العناد وتعطيل الوحدة الفلسطينية. وكل دعم منفرد لغزة يعطى حركة حماس هذه الإمكانية.

أياً كانت أسباب الانقسام الفلسطينى، فإن هذا الوضع غير مقبول طبقاً لأى منطق وطنى أو سياسى. منح الانقسامُ إسرائيل ذريعة التنصل من الحلول، ولسان حالها يرد على كل الضغوط: مع من يمكن أن نتفاوض إذا كانوا منقسمين؟ لكن تأخير الحل الناتج عن الانقسام الفلسطينى سيتحول إلى كارثة إن لم تستخدم مصر قوتها فى الضغط على الطرفين الفلسطينيين لإعادة توحيد الضفة والقطاع. والكارثة ستكون مصرية هذه المرة، لأن إسرائيل التى لحست اتفاق أوسلو تخطط منذ لحظة توقيعه إلى التخلص من الفلسطينيين بطرد سكان الضفة إلى الأردن وطرد سكان غزة إلى سيناء. وهذا الهدف الأخير أكثر وضوحاً فى ذهن الدولة العبرية، وتسعى إلى تحقيقه حرباً بالضغط على سكان غزة فى تجريدة عسكرية ضخمة تتجاوب معها مصر وتستقبل اللاجئين فى سيناء ليبقوا فيها، أو سلماً من خلال خطأ ترتكبه مصر بتحويل سيناء إلى منطقة حرة بدعوى تنميتها!

ولهذا فإن أى تنمية لسيناء يجب أن تكون مصرية، كما ينبغى أن نتوجس من أى تطورات عسكرية قد تدفع بنازحين فلسطينيين إلى سيناء. ومن غير المقبول أن يكون النداء الأول من إسماعيل هنية إلى الرئيس مرسى وتجاهل محمود عباس الذى يمثل الشرعية الفلسطينية دولياً.

بدت صرخة «واإسلاماه» الصادرة عن هنية فى غزة، صرخة عشائرية تنتمى إلى القرون الوسطى، وجاء الرد المصرى على ذات الموجة. من حق حماس أن تعتمد الكفاح المسلح وسيلة لتحرير الأرض، من دون القطيعة مع منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، وقد أدار عرفات القضية بهذا الشكل، فكانت المفاوضات خياراً رسمياً وكان الكفاح خياراً آخر موجوداً يُدعم مركز المفاوض، أما أن يتحول الاثنان وعشرون بالمئة من أرض فلسطين التاريخية إلى دويلة وإمارة صغيرة، فهذا ما لا يجب أن تدعمه مصر الكبيرة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية