x

ناجح إبراهيم الحركة الإسلامية بين الجماعة والدولة ناجح إبراهيم الأربعاء 07-11-2012 21:22


تمر الحركة الإسلامية المصرية اليوم بأزمة خطيرة.. ولكنها قد لا تنتبه لها مبكراً.. وقد تفاجئها أو تصدمها بعد عدة سنوات.. ألا وهى تغير حاجات الناس وطلباتهم منها بعد وصولها للسلطة.

فقد كان الناس يأتون إلى دعاة وقادة الحركة الإسلامية قبل الوصول للسلطة يسألونهم فى أمور الدين ويشكون إليهم ظلم الحكام ويشاركونهم الأسى من ممارساتهم ويستفتونهم فى الدين أو يتعلمون منهم الطريق إلى الله.

وبعد وصول الإسلاميين إلى السلطة يقبل الناس إلى دعاة وقادة الحركة الإسلامية ليحدثوهم عن همومهم ومشاكلهم الحياتية المزمنة.. فهذا يريد توظيف ابنه.. أو يريد العلاج لمريضه.. وثالث يشكو من سوء الخدمات الصحية.. وآخر يشكو من سعر أنبوبة البوتاجاز التى بلغ ثمنها 70 جنيهاً.. أو رغيف الخبز الذى لا يصلح للطعام الآدمى.. فضلاً عن إهدار كرامة المصرى فى طوابير الخبز.. وهذا يريد المساعدة فى سداد دينه.

وحينما ينظر هذا الداعية والقائد فى مفكرته الحمراء التى تمتلئ أسبوعياً بالطلبات يدرك أنه لن يستطيع أن يلبى أغلبها.. وبعضها لا تستطيعه الدولة بإمكانياتها الاقتصادية المتواضعة.. وبعضها معقد لا يستطيع حله.

ويفاجأ هذا الداعية أن هؤلاء يسألون عن طلباتهم بعد أسبوع ويلحون عليها بعد أسبوعين ويغلظون له القول بعد ثلاثة ويهاجمونه أو يشتمونه بعد أربعة معددين كل الآمال التى علقوها على الحركة الإسلامية إذا وصلت للحكم.

وهذا يطرح أمام الإسلاميين تلك الإشكالية التى كتبت عنها منذ أكثر من عشر سنوات عن الفرق بين الجماعة والدولة فى كتابى نهر الذكريات.. فأنت فى الجماعة مسؤول فقط عن زرع الإيمان والصدع بالحق فى وجه الحاكم الظالم ومقاومة استبداده مع الدعوة إلى الله ونشر العلم النافع.

أما إذا وصلت الجماعة إلى الحكم فإن مسؤولياتها سوف تتغير ولن يكتفى الناس منك بالوعظ أو الشعارات.. ولكنهم سيطلبون منك طلبات معيشية عادلة محددة.. وإذا لم تنفذ هذه الطلبات العادلة فى وقت قريب سلقوك بألسنة حداد سراً أو علناً.. وانتقدوك جهاراً نهاراً.. وتحول رضاهم إلى سخط وهم فى هذه الحالة لا ينتقدونك باعتبارك داعية من الدعاة أو ممثلاً عن الدين ولكن باعتبارك مسؤولاً إدارياً عنهم يرون أنك قصرت فى حقوقهم أو أغفلت طلباتهم أو لم تعدل بينهم.

فالدعوة والجماعة لها مسؤولياتها اليسيرة والسهلة والتى قد لا تكلف أصحابها شيئاً سوى بلاغة القول والصدع بالحق فى وجه الظالمين.

أما الدولة فهى المرحلة الأصعب إذ لا يحتاج الناس فيها إلى وعظك ولكن إلى إدارتك.. ولا تعنيهم بلاغتك وفتاواك ودروسك بقدر أن تصل إليهم خدمات التعليم والصحة والكهرباء والمياه النقية والأمن والمسكن والوظيفة بسهولة ودون فساد أو رشوة.

مرحلة الدولة هى الأصعب والأشق فى تاريخ الحركة الإسلامية.. إنها لا تحتاج إلى الحناجر القوية بقدر ما تحتاج إلى الإدارة السليمة والإرادة القوية.. لقد كان يسعدهم من قبل حديثنا عن عدل عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز ولكنهم اليوم لا يقبلونه منا.. إلا إذا كان واقعاً معاشاً بينهم.. كما فعله العمران من قبل فى صمت وأناة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية