x

ناجح إبراهيم تخصصوا يرحمكم الله ناجح إبراهيم الأربعاء 31-10-2012 21:05


■ من أكبر المشكلات التى تعانيها الحركة الإسلامية المصرية غياب التخصص الدقيق فى عملها.. فتجد فلاناً الداعية والفقيه فى الوقت نفسه رغم ما بينهما من اختلاف فى المهام والاستعدادات العقلية والفكرية والشهادات العلمية.. وهو الإعلامى ومقدم البرامج.. وهو أيضاً نائب البرلمان الذى يحسن أمر التشريع ويفهم فى أحكام الشريعة والفقه الوضعى بدقائقهما وتفاصيلهما.. وهو أيضاً فى الهيئة التأسيسية رغم أنه لم يدرس شيئاً عن الدساتير لا بطريقة أكاديمية ولا حرة.. وهو الثائر الأعظم الذى يريد هدم الكون مع التكفل الكامل بإعادة بنائه سريعاً بشكل أفضل وأحسن.. وهو السياسى المخضرم رغم أنه كان عدواً لها منذ عهد قريب.. وقد يشغل مع ذلك كله منصباً فى الدولة، وثانياً فى جماعته، وثالثاً فى الحزب.

■ قد يكون ذلك كله مقبولاً فى بداية الأمر.. ولكن إذا استمر ذلك فسوف يؤدى إلى كارثة محققة لا تحيق بالوطن وحده ولكن تحيق بهذا الشخص وبأتباعه والمسؤول عنهم.. فقد لا يستطيع أن يؤدى أى عمل بطريقة صحيحة.. وقد يفشل فى التركيز فى مهمة واحدة.. فضلاً عن مهامه الكثيرة.. وهو بالقطع لا يحسن إلا تخصصاً واحداً من هذه التخصصات.

■ أما فكرة الداعية الفقيه الثائر النائب السياسى رجل الدولة، القانونى البرلمانى المحنك، فهى فكرة فاشلة يأباها المنطق السليم ويرفضها العقل الصحيح، ويمجها الواقع المعاش، وترفضها مبادئ الإدارة السليمة.. ولا تصلح للتعميم.. لكنها قد تكون استثناء من الأصل.

■ لقد أدرك أصحاب النبى، صلى الله عليه وسلم، أن كل واحد منهم يتميز فى مجال واحد فاهتم بهذا المجال وركز جهده عليه فأبدع فيه وقدم للكون والحضارة أعظم ما عنده.. فـ«ابن عباس» قد آتاه الله العلم والحكمة والتأويل فعكف عليه حتى فاق الجميع.

■ أما «ابن عمر» فقد جمع الله له الزهد مع العلم فاستغنى بهما عن السياسة التى طلقها.. أما «أبوهريرة» الذى وهبه الله ملكة الحفظ والفقه والتثبيت فعكف على أحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، يحفظها ثم ينشرها بعد وفاته، معرضاً عن التجارة والصناعة ليقوم بأعظم مهمة فى الإسلام.. فى الوقت الذى انشغل فيه سيدنا عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف بالتجارة والاقتصاد حتى جهز سيدنا عثمان وحده جيش العسرة «تبوك» من ماله الخاص.

■ أما خالد بن الوليد فلم يكن يحفظ الكثير من القرآن أو الأحاديث حتى إنه أخطأ وهو يؤم الناس فاعتذر بأن الجهاد قد شغله عن ذلك.. لكنه كان الرمز الأكبر والأشهر للعسكرية الإسلامية فى تاريخ الصحابة، وهو الذى فتح الله به الفتوح العظيمة.

■ أما حسان بن ثابت فقد كان الإعلامى الأول فى عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يحسن القتال على الإطلاق ولم يحاوله.. أما أصحاب الملكات الشاملة فهم قلة أو استثناء لا يقاس عليه مثل الخلفاء الراشدين، وعلى رأسهم أبوبكر الصديق، فهو أمة، وكذلك عمر بن عبدالعزيز وصلاح الدين الأيوبى فهؤلاء قل أن يجود الزمان بمثلهم.

■ يا قوم تخصصوا يرحمكم الله.. حتى وإن أزال هذا التخصص بعض مناصبكم أو مكانتكم أو سابق عملكم لصالح أجيال أخرى.. فالنجاح إذا وُزع على خمسة فسيكون أفضل من أن يستأثر به واحد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية