x

طارق الغزالي حرب لا ننتظر جديدا.. فقط لا نريدها حكومة «إثارة أزمات» طارق الغزالي حرب الأحد 05-08-2012 21:21


قُضى الأمر واختار الرئيس مرسى رئيس وزرائه قنديل على أسس ومعايير لا يعلمها أحد إلا هو.. واختار قنديل وزراءه، ونحن لا نعرف إن كان ذلك طبقاً لمعايير محددة أو نتيجة ضغوط أو ترشيحات مدسوسة، فنحن فى المحروسة لا نعرف ولا نحب أسلوب الشفافية فى العمل العام، وكل شىء يُدبر بليل وبدون وثائق مُتاحة أو شرح لأفراد الشعب الذين عليهم أن يتلقوا القرارات والتكليفات صاغرين، وينتظروا النتائج صابرين! لا بأس من ذلك كله فقد اعتدنا عليه منذ عقود طويلة قضيناها فى ظل أنظمة سُلطوية فاجرة أوصلتنا إلى أن تكون مصر دولة فاشلة بامتياز، غارقة حتى أذنيها فى بحور الفساد والاستبداد، وهو ما ثار عليه الشعب المصرى بقيادة وتضحيات شبابه الواعى المُستنير أملا فى تحول جذرى يطيح بميراث الماضى البغيض ويفتح أبواب الأمل فى مستقبل مُشرق لهذا الوطن الذى يذخر بإمكانات لا حدود لها. لا أريد أن أكرر ما قلته وقاله الكثيرون غيرى مراراً وتكراراً بأن الأمور سارت بعد الثورة فى عكس الاتجاه المُرتجى بفعل بقايا وأعوان النظام الساقط عديمى الكفاءة وأصحاب المصالح الخاصة عديمى الوطنية حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن..

فقد أصبح لدينا لأول مرة رئيس مدنى شرعى أتى بانتخابات حرة، يُواجه بتحدٍ وهجمات من كل اتجاه لأنه ممثل لأحد التيارات الوطنية التى يموج بها الشارع المصرى وهو تيار الإسلام السياسى. المجال لا يسمح فى هذه المساحة المحدودة للرد على آراء العديد من الكُتاب والمثقفين والكثير من النُخب السياسية الذين ظلوا طوال الأسابيع الماضية يتهكمون ويقُرظون وينددون بجماعة الوطنيين الشُرفاء الذين قرروا علانية وقوفهم مع د. مرسى برغم اختلافهم الفكرى مع جماعته ضد منافسه الذى كان يحلم بأن يكون الطاغية الجديد، ومن هؤلاء من تفنن فى السخرية من هؤلاء الثوار المحترمين وإعطائهم دروساً ساذجة عن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، وكأن هؤلاء المثقفين المخلصين لا يعرفون هذا السرد المُكرر لتاريخ يعرفه الأطفال!

أدعو حسنى النية من هؤلاء - وأحسبهم قلة - إلى قراءة ما كتبه الكاتب المُبدع والوطنى بحق د. علاء الأسوانى بـ«المصرى اليوم» الأسبوع الماضى تحت عنوان «هل ندعم الإخوان أم العسكر» وما كتبه قبله بأيام قليلة د. أسامة الغزالى حرب بـ«الأهرام» تحت عنوان «الإخوان أم الطغيان» لعلهم يتوقفون عن ترديد كلمات بلهاء يعرفها الصغير قبل الكبير. نحن نعلم تماماً ماضى جماعة الإخوان المسلمين وطريقتها فى التعامل مع القوى المختلفة على الساحة ولمن ينحازون، ونعلم كذلك أن نشأتهم واستمرارهم لعقود طويلة كتنظيم يعمل تحت الأرض لن يُمكنهم أبداً فى لحظة تاريخية فارقة أن يُجيدوا العمل فى النور أو يمارسوا الشفافية والمصارحة فى معاملاتهم، ولكن بالتأكيد فإن أجيالا شابة منهم سوف تتعلم الكثير ويختلف أداؤها فى مراحل قادمة عندما يظهر فشلهم ونفور الشعب المصرى الوسطى بطبيعته منهم، وربما الثورة عليهم فى حالة تحولهم إلى نظام سُلطوى لا مكان فيه إلا لمن يُبدى لهم السمع والطاعة.

لقد كانت طريقة تشكيل الوزارة سيئة، وأظن أن جهات مُضادة للثورة قد قدمت لهم مشورات خبيثة للإضرار بهم «ظهر ذلك جَلياً فى بعض وزارات الخدمات»، وكانت التغييرات المفاجئة وتأخير الإعلان عن بعض الحقائب الوزارية مثيراً للعجب والرثاء مثلما حدث مع حقيبة وزارة الأوقاف، وما ادعاه رئيس الوزراء من أن الكفاءة كانت هى المعيار الأساسى فى اختياراته بعيد تماماً عن الصدق، ويحزنى أن يقوله، خاصة ونحن فى شهر رمضان وهو الرجل التقى! قد يكون لا يعلم أو ضُلل أو فُرض عليه، ولكن ما أنا متأكد منه أن هناك اعتبارات أخرى كانت تسبق معيار الكفاءة فى اختياراته. أتمنى كل التوفيق والنجاح لهذه الوزارة فأوضاع الدولة لا تحتمل الفشل أو حتى استمرار الأوضاع على ما هى عليه، ولكن للأسف فأنا غير متفائل، وأتمنى أن يُكذب الله ظنى.. لقد سمعنا عن «حكومة إنقاذ» و«حكومة تسيير أعمال» وأقصى ما أرجوه لهذه الحكومة ألا تكون «حكومة إثارة أزمات» والله الموفق والمستعان.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية