تصدر إعلان فوز الدكتور محمد مرسى بانتخابات رئاسة الجمهورية اهتمام وسائل الإعلام والصحف العالمية الصادرة الاثنين، فأبرزت الصحف احتفالات المصريين فى ميدان التحرير وانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، قائلة إنه حظى بفوز تاريخى بعد عام ونصف العام من ثورة 25 يناير، وجاء كأول رئيس مدنى منتخب للبلاد، وسط حالة من الترقب للمرحلة المقبلة.
قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن إعلان فوز «مرسى» رئيسا لمصر فى أول انتخابات تنافسية فى تاريخها - يعد علامة فارقة فى طريق التحول نحو الديمقراطية بعد 16 شهراً من الإطاحة بـ«مبارك».
وتحت عنوان «التحديات تتزايد على الرئيس الجديد» أضافت الصحيفة أن «مرسى» قد تكون لديه فرصة تاريخية، باعتباره أول رئيس يصل إلى كرسى السلطة فى مصر من خلال انتخابات حرة ونزيهة، إلا أنه فى الوقت نفسه يواجه العديد من التحديات، ولعل أهمها الصراع المتوقع بينه وبين القادة العسكريين للبلاد، الذين سعوا إلى الاحتفاظ بسلطاتهم من خلال إصدار الإعلان الدستورى المكمل والذى يقلص كثيرا من صلاحيات رئيس الدولة لصالح المؤسسة العسكرية فى مصر. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية فى افتتاحيتها التى جاءت بعنوان «مصر تتعثر إلى الأمام» إن مصر تمكنت من اتخاذ خطوة جديدة نحو الديمقراطية، ونجت بنفسها من السقوط إلى حافة الفوضى، لافتة إلى أن المجلس العسكرى تجنب هو الآخر أن يكون جزءاً من صراع داخلى أو دولى بعدم محاولته التلاعب بنتيجة التصويت، ولأول مرة فى تاريخ مصر، انتخب الشعب الرئيس.
وأضافت الصحيفة أن هذا التطور يمكنه أن يكون أساسا للبناء أو مقدمة جديدة للمزيد من عدم الاستقرار فى البلاد، ويعتمد هذا على إمكانية كل من المجلس العسكرى والإسلاميين لإيجاد أرضية مشتركة والتوصل إلى تسوية مؤقتة ترتكز على مبادئ الديمقراطية.
من جانبها، اعتبرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية أن فوز «مرسى»، انتصار تاريخى وتتويج لهدف الجماعة الذى يعود لـ84 عاما بتوسيع شبكتهم من البرامج الاجتماعية والدينية وصولا إلى المشهد السياسى والحصول على مقاليد السلطة. ورأت الصحيفة أن الرئيس الجديد يرمز للمعركة بين الإسلام السياسى والمؤسسة العسكرية. وقالت الصحيفة إن فوز المرشح الإسلامى سيزيد من شدة الصراع بين الجماعة وبين القادة العسكريين حول مستقبل مصر، وأضافت: «ربما مرسى يكون الرئيس، ولكن الجيش هو سيد هذه الأمة»، وتابعت أن هذا «ظهر بوضوح فى الأيام الأخيرة عندما اضطرت الجماعة، برغم فوز مرشحها، للتفاوض على صيغة لتقاسم السلطة مع القادة خوفا من أن الجيش ربما يسمى الفريق أحمد شفيق رئيسا للبلاد، وكشفت هذه المناورة عزم المجلس منع قوة سياسية جديدة من توجيه دفة البلاد نحو دولة إسلامية. وفى الصحف البريطانية، قالت صحيفة «جارديان» إن فوز «مرسى» هو علامة فارقة لمصر فى تحولها الديمقراطى ما بعد ثورة يناير، ولحظة حاسمة فى الربيع العربى، معتبرة أن انتصاره الذى سيتردد صداه فى المنطقة المضطربة حالياً، وسيُعرف كإنجاز تاريخى، لكنه إنجاز مشروط، حيث سيكون «مرسى» أول رئيسى مدنى منتخب منذ قيام ثورة يوليو 1952، لكن أكبر مشكلة ستواجهه هى أن الجيش لا يزال باقياً، ويمسك بالسلطة الحقيقية من خلف العرش. وأضافت الصحيفة فى افتتاحيتها التى جاءت تحت عنوان «فوزاً فارقاً» أن فوز «مرسى» لحظة تاريخية بالنسبة لمصر، فقد تم دق آخر مسمار فى نعش النظام القديم، وكان رد الفعل فى ميدان التحرير منتشيا للغاية مثلما كان الحال ليلة سقوط «مبارك»، إلا أن السلطة نفسها لم تغير أيديها، والصراع مع جنرالات المجلس العسكرى ربما يستمر لأسابيع أو شهور. وقالت صحيفة «إندبندنت» فى افتتاحيتها إنه بعد الاحتفالات التى شهدتها مصر مع فوز محمد مرسى بالرئاسة، فإن التحدى الحقيقى يبدأ الآن، مؤكدة أنه لا شىء يمكن أن ينتقص من حجم هذا الإنجاز الذى شهدته البلاد.
وقالت صحيفة «تليجراف» إن «مرسى» فاز بالانتخابات الرئاسية فى مصر، لكن الجميع يتفق على أنه لا يحكم، مضيفة أن قادة دول العالم أرسلوا التهانى العرفية ودعت الولايات المتحدة الحكومة فى مصر لتكون ركيزة السلام فى المنطقة، كما لو أن الإخوان مثل أى حزب و«مرسى» مجرد سياسى أو أن مصر بلد ديمقراطى آخر.
وتابعت: «لا أحد يعرف حقا حتى الآن من هو القائم على السلطة فى مصر. نعم.. اتفق الكثيرون حول «مرسى»، لكنه مسؤول أمام رجلين: الأول هو المشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الذى تقع بيده السلطة الواسعة، والثانى هو محمد بديع، مرشد الإخوان الذى يدين له (مرسى) بالطاعة وفق منهج وأيديولوجية الجماعة».
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» إن نتيجة الانتخابات الرئاسية فى مصر تدفع البلاد نحو حقبة جديدة من عدم اليقين، يتم فيها تقاسم السلطة بين الجيش وجماعة الإخوان المسلمين، كما أنها كشفت عن انقسام عميق فى المجتمع المصرى، حيث إن احتمالات التغيير تثير الخوف، مثلما تثير الأمل.
وأضافت الصحيفة، فى افتتاحيتها: «هذه لحظة تاريخية لصحوة العرب الجديدة، واختبار لإعادة بعث الروح الإسلامية، التى أصبحت مركزاً له ثقله السياسى، كما أنها اختبار ما إذا كان يمكن لمصر إعادة مكانتها، باعتبارها القطب الثقافى فى المنطقة أم لا».
وفى فرنسا، رأت صحيفة «لوفيجارو» فى افتتاحيتها أن المجلس العسكرى تنازل عن الرئاسة للإخوان المسلمين، مشيرة إلى أن «مرسى» الآن صاحب الشرعية الشعبية، وانتخابه له دور مركزى فى الوطن العربى، لأنه أول إسلامى يقود أكبر دولة فى الوطن العربى. وقالت «لوفيجارو» إن المجلس العسكرى سيحاول إجهاض صعود الإخوان المسلمين وحلفائهم، مشيرة إلى أن المواجهة بين الجيش والإخوان ستأخذ شكلا جديدا. ورأت الصحيفة أنه رغم جميع الضمانات التى يحتفظ بها الجيش، فإنه يواجه رجلاً يجسد الإرادة الشعبية. ورأت صحيفة «ليبراسيون» أن انتصار «مرسى» أمر رمزى، والحديث عن نقل السلطة والخروج من المرحلة الانتقالية لايزال مبكراً جداً، مشيرة إلى أن الأيام المقبلة ستشهد مزيداً من المواجهات بين المجلس العسكرى والإخوان. وقالت الصحيفة أن مهمة «مرسى» تتمثل فى إقناع نصف المصريين الذين لم يصوتوا لصالحه، خوفا من قيام دولة إسلامية، وذلك رغم رسائل الطمأنة التى يبعثها دائماً للأقباط والنساء. وفى ألمانيا، أكدت صحيفة «بيلد» أن «مرسى» فى انتظاره عدة تحديات كبيرة، من بينها الوضع الاقتصادى المتردى للبلاد، وقالت إن عليه أن يثبت للمصريين الذين اصطفوا خلفه كأملهم الوحيد فى التخلص من النظام القديم أنه قادر على أن يواجه مخاوفهم من الدولة الدينية، كما أن عليه الاستعداد لمواجهة التهديدات التى يمثلها المجلس العسكرى.
وتحت عنوان «رجل الدين يحكم مصر»، قالت صحيفة «تسايت» إنه رغم التطمينات التى بعث بها مرسى فى خطابه للمسيحيين والليبراليين فإنه لايزال يساورهم القلق تجاه توجهاته المحافظة. واهتمت صحيفتا «ديرشبيجل» و«زودويتشه» بمقابلة «مرسى» مع وكالة أنباء فارس الإيرانية، وقالتا إنه يسعى للتحالف مع إيران وتوثيق العلاقات معها، وأشارتا إلى قوله إن ذلك «جزء من برنامجه».
وفى إيطاليا، أكدت صحيفة «كوريرا ديلا سيرا» إن ما حدث كان مجرد حلم قبل الثورة، مشيرة إلى أن المصريين انتخبوا رئيسهم بشكل حقيقى لأول مرة، وأنه فاز بنسبة تقل عن 52%. وقال موقع «الفاتو» الاخبارى إن المجلس العسكرى «انتزع لنفسه جزءا من الوليمة»، وأضافت أن الرئيس الجديد «ليس أمامه سوى التعايش معهم وهو يلعب دور نصف رئيس لأن البديل سيكون مدمرا للجميع»، متوقعة أن يستمر هذا «الحكم الثنائى» لمدة عام.
وفى إسرائيل، رأت صحيفة «هاآرتس» أن اكبر التحديات التى تواجه «مرسى» هو قدرته على إثبات أنه رئيس لجميع المصريين، والامتناع عن تحويل مصر إلى دولة دينية، بالإضافة إلى سرعة العمل لمنع إفلاس مصر، وقالت إن ذلك «سيجبره على ابتلاع الضفدع المسمى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل»، لضمان استمرار المساعدات الأمريكية لمصر. أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية فكتبت تحت عنوان «مصر تختار الإسلام»، أن «فرصة التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين تصل إلى صفر، واتفاق السلام مع الأردن بات فى خطر، إذا استمرت قطع الدومينو العربية فى السقوط فى حضن الإسلام».
وفى إيران، قالت صحيفة «طهران تايمز» إن «مرسى» فاز بالانتخابات الرئاسية، فإنه لا يزال تواجهه كثير من الأسئلة حول سلطاته لا تزال دون إجابة، مشيرة إلى الإعلان الدستورى المكمل، وسيطرة المجلس العسكرى على السلطة التشريعية، والميزانية، حتى يتم انتخاب برلمان جديد. وفى تركيا، قالت صحيفة «زمان» إن على الرئيس مرسى وحزبه من ورائه، إدراك أنه دون التعاون مع الجيش و«الدولة العميقة» المكونة من رجال الأعمال وأصحاب المصالح المؤسسية، سيواجه مشاكل عديدة ستجعله محل لوم فى حال عدم تحسن الأوضاع على نحو سريع.