فى الوقت الذى تنتظر فيه مصر «دستور الثورة»، وتعلق عليه آمال أجيال حالية وقادمة، ووسط جدل لا يكاد ينقطع عن الهوية ودور الجيش ونظام الحكم والحريات العامة وحماية الأقليات والديمقراطية تفتح «المصرى اليوم» هذا الملف لتنقل تجارب دول أخرى، جميعها، عانى من الأسئلة نفسها، وصاغ دساتيره بحثاً عن «إجابات مطمئنة» تجمع المواطنين ولا تفرقهم، وتستجيب لتطورات ثقافية واجتماعية وسياسية ودولية مختلفة. تقرأ «المصرى اليوم»، دساتير 10 دول، معتمدة فى المقام الأول على ترجمة المركز القومى للترجمة، لنسخ الدساتير التى أودعتها تلك الدول فى الأمم المتحدة، لتكون عنواناً لها أمام العالم كله، وتستعين القراءة بفصول من تواريخ تلك الدول ووضعها السياسى والاجتماعى والثقافى والاقتصادى لحظة كتابة الدستور، وتتبع مسار التعديلات، وتربطها بسياقها لدى كل دولة، لتقدم تجارب هذه الشعوب، واختياراتها للتعامل مع الماضى وإدارة الحاضر، واستشراف المستقبل. وتنشر «المصرى اليوم» فى هذا الملف على حلقات، نصوصاً كاملة من دساتير كل من تركيا وإيران والهند واليابان كتجارب آسيوية فارقة، وجنوب أفريقيا وأستراليا كاثنين من أحدث الدساتير، فضلاً عن إيطاليا واليونان وفرنسا من أوروبا، والولايات المتحدة كنموذج لدستور رئاسى فريد، والبرازيل كنموذج لدولة تحمى الفقراء وتقفز اقتصادياً فى الوقت نفسه.
إيران.. دستور فى انتظار «الإمام المهدى»
وسط أجواء ثورة شعبية لم تعرف لها إيران مثيلاً، وصل الإمام الخومينى إلى طهران قادماً من باريس، ليتوج كزعيم لأمة انتفضت وقضت على واحدٍ من أكثر النظم الملكية قوة فى الشرق كله.. فى 1979 انتفض ملايين الإيرانيين ضد «الشاه» الذى كان رمز الدولة ورأسها أيضا، محاولين رسم خارطة طريق مختلفة عن تلك التى ارتضتها أسرة «بهلوى» الحاكمة، والتى انتهى آخر ملوكها طريداً لم يجد إلا «مصر السادات» لتحتضنه حتى الممات، بعد رفض حلفائه فى أوروبا والولايات المتحدة وأصدقائه فى إسرائيل أن يصل إلى بلادهم هارباً من الثورة..المزيد...
«ولاية الفقيه».. «الشيوخ» يقودون الدولة
عقب الثورة الإيرانية، تم التخلص من جميع الفصائل الأخرى، خاصة اليساريين، الليبراليين أنصار مصدق، وجاء الدستور الإيرانى ليكرس لمفهوم واحد أن كافة ما شهدته البلاد من انتفاضات ضد الظلم، قبل ظهور الخومينى على الساحة كانت فاشلة لأنها لم تكن دينية، فضلاً عن ذلك لا يعتبرها الدستور ثورة ولا حتى انتفاضة لكنه يسميها «حركة»، ليصبح الدستور العقائدى الجديد، نافياً لما قبله..المزيد...
حقوق الشعب: وضع خاص للمرأة.. والشريعة «خط أحمر»
يخصص الدستور الإيرانى، فصله الثانى للتحدث عن الحريات، تحت مسمى «حقوق الشعب»، ونظراً لأنه وقت صياغة الدستور، كان التهمة الرئيسية التى يواجهها الشاه هى «القمع»، حرص واضعو الدستور الجديد على «ثورة حقوقية»، تبدو متطورة بكثير عن عهد الشاه، إلا أنها تستبدل الخطوط الحمراء التى كان الشاه يفرضها فى دستوره لانتهاك حقوق الإنسان، بخطوط حمراء أخرى هى الشريعة وأسس الجمهورية ومعايير الإسلام، فيما قرر الدستور أيضاً وضعاً خاصاً للمرأة..المزيد...
دستور تركيا.. العلمانية بالأمر
منذ توقيع معاهدة لوزان الثانية فى 1923، بسويسرا وإعلان قيام الجمهورية التركية على أراضى شبه جزيرة الأناضول، ووفاة الإمبراطورية العثمانية، وحتى الآن يعيش الأتراك وفق «مبادئ القائد المؤسس كمال أتاتورك»، وهذه المبادئ ليست فقط كتباً أو مذكرات للجنرال الذى أسس الجمهورية، لكنها جزء أصيل «لا يجوز تعديله» من دساتير متعاقبة حكمت البلاد 89 عاماً، وأدارتها حكومات من اليمين واليسار، وتداخلت فيها «سلطة السلاح»، مع «سلطان الدستور»، حتى بدا أن تاريخ آخر قرن من حياة الأتراك، هو إما صراعات على «وجود الدولة ونقائها العرقى»، أو إزاحات متبادلة بين العسكر ومعارضيهم سواء كانوا شيوعيين أو إسلاميين..المزيد...
الحكم: البرلمان فوق الجيش.. والرئيس يقود العسكر
المبدأ الثانى الذى شدد عليه الدستور التركى أن «السيادة المطلقة هى للأمة التركية»، جاعلاً من الديمقراطية النيابية سلطة فوق كل اعتبار باستثناء «مبادئ وإصلاحات أتاتورك». وأفرد الدستور التركى الباب الثالث بكامله ليتحدث عن «أجهزة الدولة» بادئاً بالبرلمان الذى يسميه الدستور «الجمعية الوطنية التركية الكبرى..المزيد..».
الحريات: تعديلات مترددة من أجل «عيون أوروبا»
رغم «هواجس الذوبان» فى محيطها الإقليمى، سعت تركيا منذ أكثر من 80 عاماً للحاق بـ«ركب التحضر الأوروبى»، متجهة غرباً على الدوام، تاركة امتداداتها التاريخية شرقاً حتى عمق آسيا، وجنوباً فى الشام والعراق وشمال الجزيرة العربية، بعيداً عن «التوجه الرسمى» للدولة..المزيد...