حبر كثير سال في محاولة فهم الإخوان المسلمون؛ هذا التنظيم الذي لا يمكن كتابة تاريخ مصر في الأعوام المائة الأخيرة دون ذكره في كل صفحة من صفحاته.
لكن ربما كانت مشكلة تلك المحاولات، أصابها قليل أو كثير من نجاح، هو أنها تنطلق من البحث عن "حقيقة الإخوان". بيد أن الإخوان، والحق يقال، ليسوا "حقيقة واحدة"، بل "عدة حقائق" تتجاور وتتفاعل وتتصارع وتتطور.
على مدار تاريخ الإخوان، أربعة وثمانون عاما بالتمام والكمال، انتقلت الجماعة من طور إلى طور، وخاضت معارك انتصرت في بعضها وهُزمت في بعضها الآخر. وفي كل تجربة، وبعد كل صدام، يتكشف أن هذا التنظيم الهائل هو تجاور بين حقائق مختلفة تغلب إحداها في لحظة معينة، لكن سرعان ما تغلب أخرى قبل أن يتمكن المراقبون من هضم الحقيقة الأولى.
والآن، بينما تعيش الجماعة محنة ثورة الخامس والعشرين من يناير، والمحنة هنا من الامتحان، قد يكون من المستحسن أن نلقي ضوءا على "حقائق الإخوان المسلمين"، لنفهم علاقاتها ببعضها البعض وكيفية تصادمها حينا وتعايشها أحيانا، ولنفهم كذلك كيف أنتجت تلك الحقائق جسما عملاقا يخوض اليوم أهم معاركه، حيث أصبحت السلطة، لأول مرة في التاريخ، قاب قوسين أو أدنى من يدي الجماعة التي عاشت عقودا في وضع المعارضة المدللة أو المغضوب عليها.
في هذا الملف، حديثنا عن تاريخ "الجماعة" وطبيعتها، ظروف نشأتها والأزمات التي ألمت بها، ليس حديثا عن الماضي أو ترديدا لمعلومات يمكن للمنقب في بطون كتب التاريخ أن يعرفها. إن ما نسعى إليه هو إلقاء الضوء على تلك "المحنة الأخيرة"، بإمكانياتها وفرصها ومخاطرها وإشكالياتها.
وربما ليس هناك طريق أفضل لكشف الوجوه المتعددة لهذا التنظيم العتيد من تتبع مشاريع الإخوان المسلمين كما أرادها وسعى إليها أربعة من كبار رجالات هذه الجماعة. ذلك أن التنازع والتقلب بين وجوه الجماعة هو كذلك تنازع بين رموز برزت في تاريخها ولعبت دورا محوريا في حياتها.
وباختصار نتمنى ألا يكون مخلا، فقد تنازع على "روح الإخوان" أربعة رجال كانوا ملء السمع البصر في مراحل مختلفة من تاريخها: حسن البنا المؤسس الأول والمرجعية التي لا يمكن تجاوزها، سيد قطب أهم خوارج الجماعة وحلقة الوصل، والفصل، بينها وبين قوى الإسلام الجهادي، وعبد المنعم أبو الفتوح المؤسس الثاني للجماعة ورمز محاولات اندماجها في الحركة السياسية العريضة، وخيرت الشاطر رجل الجماعة القوي الآن ومهندس التنظيم الذي يمسك بالدفة في أجواء 25 يناير العاصفة.
اليوم رست السفينة على شاطئ الشاطر. لكن من يعلم ماذا يمكن أن يحدث في الغد؟ أوليس ممكنا أن تبحر السفينة إلى عوالم أخرى وترسو على شواطئ أخرى؟ فلا زال لدى الإخوان الكثير من المفاجآت ليقدموها لنا. وهذا الملف هو مجرد محاولة لرسم الخريطة والإشارة إلى الشواطئ الممكنة، لعلنا نفهم المستقبل الذي ينتظرنا أو ننتظره.
حسن البنا: لا تستعجلوا الثمرة قبل نضجها
"وكانت بيعة".. هذا ما كتبه حسن البنا (1906-1949) في "مذكرات الدعوة والداعية" واصفا نتيجة لقاءه بستة من عمال الإسماعيلية "الذين تأثروا بالدروس والمحاضرات التي ألقيها".المزيد
سيد قطب: المواجهة بين العصبة المؤمنة وجاهلية القرن العشرين
سيظل سيد قطب (1906-1966)، بإسهاماته التي ملأت السمع والبصر، حيا في تاريخ الفكر والسياسة المصريين. فقبل انضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين، كان الرجل شاعرا مجيدا وناقدا أدبيا ومصلحا اجتماعيا ومفكرا إسلاميا يشار له بالبنان المزيد
عبد المنعم أبو الفتوح: إصلاح الجماعة والتطبيع مع المجتمع
"لم ندخل الجماعة إلا من أجل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح"، كان هذا ما صرح به القيادي الإخواني السابق، ورئيس حزب الوسط حاليا، أبو العلا ماضي إلى الباحث في شؤون الإسلام السياسي حسام تمام في حوار أجراه الأخير معه في جريدة الشرق الأوسط المزيد
خيرت الشاطر: الطريق إلى التمكين يبدأ بالمال والتنظيم
يجد المرء صعوبة كبيرة في الكتابة عن خيرت الشاطر. فهذا الرجل ظل يعمل بعيدا عن الضوء سنوات وسنوات.وهو لم يكن معروفا إعلاميا على نطاق واسع حتى تم القبض عليه المزيد
تسلسل زمني: الإخوان المسلمون في 85 عاما
1906: مولد حسن البنا وسيد قطب
1928: تأسيس جماعة الإخوان في الإسماعيلية على يد حسن البنا المزيد