أكد المستشار عادل قورة، رئيس لجنة الدستور بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، عضو المجالس القومية المتخصصة، تشكيل لجنة برئاسته، لإعداد مذكرة حول مقترحات المجالس المتخصصة بشأن الدستور الجديد، وإرسال المذكرة إلى الأمانة العامة لمجلس الشعب.
وقال «قورة» الذى شغل منصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، رئيس محكمة النقض سابقاً، فى حواره مع «المصرى اليوم»: إن مبادرة المجالس القومية، جاءت من منطلق رؤيتها حول ضرورة أن يكون هناك عدد من المبادئ الحاكمة للدستور، وأكد أن اللجنة لم ترشح شخصيات بعينها كأعضاء فى الجمعية التأسيسية، لأنها توقعت الحكم ببطلانها.. وإلى نص الحوار:
■ ما تعليقك على حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور؟
- الحكم صدر فى الشق المستعجل، وليس فى الموضوع، ما يعنى وقف تنفيذ القرار الصادر من البرلمان بتشكيل الجمعية، وتعطيل عملها، انتظاراً للفصل فى الدعوى.
■ وماذا عن اتجاه هيئة مفوضى الدولة للدفع بعدم اختصاص المحكمة؟
- كان هذا متوقعاً، لأن هناك اختلافاً فى طبيعة القرار، هل هو قرار إدارى يخضع لرقابة مجلس الدولة، أم أنه جزء من عملية التشريع، وأعتقد أنه كان يجب إسناد مهمة الفصل فى الدعوى للمحكمة الدستورية، لاختصاصها بكل ما يتعلق بالدستور، وتشكيل الجمعية التأسيسية والإعلان الدستورى، وهى الأحق والأفضل فى تفسير النصوص الدستورية وفقاً للقانون.
■ إذن كيف نخرج من هذه الإشكالية القانونية من وجهة نظرك؟
- يجب أن نحتكم إلى المحكمة الدستورية، فما يحدد هذه الأمور هو قانون المحكمة الدستورية العليا، فيمكنه أن يمنح اختصاصات للمحكمة الدستورية فى تلك الفترة الحرجة، عن طريق إضافة نصوص جديدة، وإقرارها من قبل القائمين على السلطة.
■ يرى البعض أن الإعلان الدستورى الصادر 19 مارس 2011 هو الذى أوصل الأمور إلى هذه النتيجة؟
- كان رأينا منذ البداية أن يتم وضع الدستور أولاً، حتى تستقر الأوضاع، وبعدها تجرى الانتخابات التشريعية، ثم الرئاسية، واتفقنا على أن دستور 1971 سقط، وإصدار الإعلان الدستورى كان ضرورياً، لكن يمكن القول إنه كان يجب أن تأخذ الأمور منحى آخر.
■ كيف؟
- عن طريق إقرار مبدأ «الدستور أولاً»، بالموافقة على إجراء استفتاء حول التعديلات الدستورية، كان بداية الدخول فى جدل دستورى وسياسى، والغريب أن هذا الإعلان كان مرحبا به، وأغلب القوى السياسية وافق على هذه الخطوة.
■ تقصد تيار الإسلام السياسى مثل جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين الذين يطالبون الآن برفض ما جاء فى الإعلان الدستورى؟
- كان ذلك بسبب وجود شرط الأبوين المصريين بالنسبة لمرشحى الرئاسة، ولى تحفظات على هذه المادة، لأنها لا توجد فى دساتير الدول الأخرى، لكن بما أنها موجودة فى الإعلان الدستورى، الذى حظى بموافقة الأغلبية فى الاستفتاء، فيجب أن نأخذ بها.
■ وكيف ترى الجدل الدائر حول شروط الترشح، خاصة بعد صدور قرار باستبعاد حازم صلاح أبوإسماعيل، بسبب جنسية والدته؟
- هناك مشكلتان، أولاهما أن النص القانونى والدستورى يجب احترامه، والثانية أن المرشح نفسه يدعى أنه ليست هناك جنسية أخرى، فإذا ثبت وجود هذه الجنسية، فهناك مشكلة أخرى، سيعانى منها.
■ تقصد الاتهامات بالتزوير؟
- الأهم من جريمة التزوير، هو الأخلاق، فالأمر يتعلق بمدى صدق أو كذب المرشح.
■ يتردد أن «أبوإسماعيل» ذكر فى إقراره لدى تقديم أوراق ترشحه، أن والديه لا يحملان جنسية أخرى، وأضاف جملة «على حد علمى»؟
- إذا حدث هذا، فإنه قد يكون تحرى الحيطة والحذر، وإذا كان لا يعلم أن لأحد والديه جنسية أخرى، فإنه لم يكذب، لكن الأهم هنا، أنه سيتولى أموراً عامة كثيرة حال انتخابه، وبالتالى يجب أن يكون صادقاً.
■ هل ترى أن اللجنة التى وضعت الإعلان الدستورى هى المسؤولة عما يحدث الآن، وأن وضعه بهذا الشكل كان متعمداً؟
- كان يجب أن نقيم الإعلام الدستورى كمجموعات سياسية، فإذا كان دستور 1971 سقط فى 25 يناير، فما سقط لا يمكن إعادته مجدداً، وما حدث معناه إحياء هذا الدستور مرة أخرى.
■ الكثيرون يرون أن تيار الإسلام السياسى يسعى للاستحواذ على مقاليد السلطة فى مصر، فما رأيك؟
- هؤلاء لم يقوموا وحدهم بالثورة، بل شارك فيها جمهور لا ينتمى إلى الإخوان المسلمين مثلاً، وإن قلنا إن لهم دوراً فى الدفاع عن المتظاهرين يوم 28 يناير، وما تبعه من أحداث مثل «موقعة الجمل»، فمعنى ذلك أن هناك متظاهرين آخرين شاركوا فى هذا الحدث، وهم الآن يحكمون بمنطق الشرعية الدستورية، بعد فوزهم فى انتخابات البرلمان، وبما أننا نسير فى الطريق الديمقراطى، فلا يمكن التحدث عن شرعية ثورية، وهذه المقولة تحتاج إلى إعادة تأمل.
■ لكن الفقر وغياب العدالة الاجتماعية كانا أبرز أسباب الثورة، وهذه المشكلات مازالت قائمة، والبعض يخشى منها، ويعتبرها مقدمة لثورة أخرى؟
- أرجو ألا يحدث ذلك، ويجب السير فى اتجاه التنمية، والارتقاء بالناس وإصلاح أحوال البلاد اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، فموازنة الدولة تشكو من العجز، والاحتياطى النقدى يتراجع، وهناك حالة من الهروب، أو الكمون لرجال الأعمال، الذين لا يريدون إخراج أموالهم واستثمارها، فقد كانت هناك تسهيلات لبعض المستثمرين، لكنهم استخدموها بشكل خاطئ، واليوم تم منع تلك التسهيلات نهائياً.
■ وهل توافق على إعادة هذه التسهيلات؟
- الكل يشكك فى بعضه البعض، لكن يجب أن نعيد النظر فى تلك التسهيلات مرة أخرى، وألا نضع قيوداً على الاستثمار، تجبر رجال الأعمال على العزوف عنه.
■ يرى الخبراء أن ما يحدث الآن مقدمة لموجة ثانية من الثورة؟
- ينبغى أن نتفادى قيام أى ثورة متعلقة بالجياع ومحدودى الدخل والفقراء بشتى الطرق.
■ نعود إلى الجمعية التأسيسية، ما تعليقك على الجدل القانونى حول تفسير المادة 60 من الإعلان الدستورى؟
- يجب إعادة مسار الجمعية التأسيسية لتكون معبرة ومحققة لأهداف ثورة 25 يناير، وأن تسمح بمشاركة جميع فئات المجتمع، فضلاً عن أن النص فى حد ذاته مطاط، وإصرار فصيل على الاحتفاظ بنسبة عالية من المقاعد مرفوض، ولابد من المشاركة، حتى لو اختلفنا فى الرأى، والمرحلة التمهيدية لتشكيل «التأسيسية» شهدت عدداً من المبادرات منها وثيقة الأزهر ومبادرة المجالس القومية المتخصصة، التى كان لها موقف سابق من الإعلان عن تشكيل الجمعية التأسيسية، فقد شكلنا لجنة برئاستى، واتفقنا على وضع مبادئ حاكمة، يجب أن ينص عليها الدستور الجديد، بالنسبة لشكل الدولة ونظامها السياسى وصلاحيات سلطات رئيس الجمهورية واختصاصاته.
■ وما أبرز ما انتهت إليه اللجنة؟
- قيدنا سلطات رئيس الجمهورية، وجعلنا لمن يحصل على الأغلبية البرلمانية سلطة اختيار رئيس الوزراء، عن طريق الانتخاب، على أن يكون هناك توازن بين سلطات رئيس الدولة، ورئيس الحكومة ورأينا أن النظام المختلط بين الفردى والقائمة فى الانتخابات هو الأصلح، وأن يكون اختيار رئيس الوزراء من الأغلبية النيابية، بينما يكون اختيار رئيس الدولة عن طريق الاقتراع السرى المباشر.
■ وماذا عن مدة الرئاسة؟
- أن تكون مدتين، 5 سنوات أو 6، وليس 4 سنوات لكل مدة، واقترحت أن يكون هذا النص حاكماً للمرحلة المقبلة بحيث لا يستطيع أحد الاقتراب منه.
■ وماذا عن استقلال السلطة القضائية؟
- النصوص الدستورية ليست كافية، وما نرجوه أن يعالج قانون السلطة القضائية بعض النصوص فى القانون الحالى، واقترحنا أن يمنح المجلس القومى لحقوق الإنسان صلاحيات فى الدستور الجديد منها الطعن بعدم الدستورية على القوانين التى تتعارض مع مبادئ وقيم حقوق الإنسان.
■ هل خاطبتم مجلس الشعب بهذه المقترحات؟
- بالفعل، أعددنا مذكرة بها، وأرسلناها إلى الأمانة العامة، ولم نرشح شخصيات بعينها كأعضاء فى اللجنة التأسيسية، لأننا توقعنا الحكم ببطلانها، وهو ما حدث بالفعل.
■ البعض يرى أن هناك صداماً بين العسكر والإخوان، فماذا تقول؟
- ليس هناك صدام، لكننى أرى أن هناك خلافاً فى وجهات النظر بينهما، وأرجو ألا نصل إلى مرحلة الصدام، لأنه لن يكون فى مصلحة مصر.
■ يتردد أن هناك صفقة بين المجلس العسكرى والإخوان؟
- الصفقات لا تحدث فى العلن، ويجب التحقق مما إذا كان هناك اتفاق بينهما أم لا.
■ هدد العسكر- الجماعة- بسيناريو 1954، فى إطار حرب البيانات المتبادلة بين الطرفين كيف ترى هذه التهديدات؟
- لا يمكن أن يحدث هذا السيناريو مجدداً، والمجلس العسكرى ليس طامعاً فى السلطة، ومن يرى غير ذلك فهو لا يرى الحقيقة، وهى واضحة مثل عين الشمس.