x

نائب يؤذّن.. وآخر «يتجمّل».. وثالث يرفع «الخرطوش».. وقوانين تنتظر التغيير

الجمعة 23-03-2012 16:33 | كتب: أحمد محجوب |
تصوير : أحمد المصري

فى 23 يناير 2012، كانت مصر على موعد مع بدء انعقاد جلسات البرلمان، تفاءل الجميع خيراً بـ«الوجوه الجديدة»، وانتظر «الإصلاح التشريعى» على أقل تقدير من برلمان زحف لانتخابه ملايين المصريين عبر 45 يوماً من التوتر والترقب وانتظار الفرج. انتظر الجميع تغيير قوانين، مثل قانون الطوارئ سيئ السمعة، أو إصدار قوانين تجرم التمييز ضد المواطنين، أو قانون السلطة القضائية، أو إصدار تشريع جديد للمحامين، إلا أن المجلس لم يصدر أياً من تلك القوانين، التى تحدثت عنها برامج جميع الأحزاب سواء التى وصلت أو التى لم تصل إلى «كراسى النواب».

بدا المجلس، فى أولى جلساته، متوتراً وعصبياً، وسط حالة من «الفرز» قام بها «النواب أنفسهم»، فبينما اشترط عدد من النواب السلفيين أن يكون «احترام الدستور والقانون بما لا يخالف شرع الله»، أضاف نواب آخرون عبارة «أقسم بالله العظيم أن أحافظ على دماء الشهداء وأهداف الثورة»، ولم تكد تمر حالة الفرز هذه حتى ظهرت أولى مشاكل النواب مع رئاسة المجلس مبكراً، فقام النائب عن حزب الأصالة السلفى، ونائب رئيس الحزب، ممدوح إسماعيل، بالأذان داخل المجلس لصلاة العصر بعد مرور أكثر من 30 دقيقة على موعد الأذان الفعلى، فنهره رئيس المجلس د. سعد الكتاتنى قائلا: «لست أكثر إسلاماً منا، وهناك مسجد يمكنك أن تصلى فيه».

مرت أزمة «النائب المؤذن» بسلام، ليدخل البرلمان فى أزمة جديدة بسبب النائب زياد العليمى.

كان «العليمى» صرح فى مؤتمر جماهيرى فى بورسعيد، بعد مجزرة الاستاد بأن «العيب مش فى مدير أمن ولا ضابط ولا محافظ.. بلاش نفضل نمسك البردعة ونسيب الحمار»، وهو التصريح الذى اعتبره النواب، إهانة للمجلس العسكرى والمشير طنطاوى، وبعد جلسة عاصفة، رفض فيها العليمى «الاعتذار الصريح»، تمت إحالة النائب للتحقيق ولم تعلن النتيجة حتى الآن.

بالمقابل، طلب 30 من النواب، معاقبة النائب مصطفى بكرى، وقالوا إنه تورط فى سب وقذف السياسى المصرى البارز، د. محمد البرادعى، واتهمه بـ«تحريض العملاء على تقسيم مصر»، إلا أن النواب الثلاثين، ضاعت أصواتهم وسط أغلبية رفضت التحقيق مع النائب، وسط تصفيق له وتهنئة من نواب حزب النور.

وسط أجواء الاستقطاب والفرز فى المجلس، ظهر النائب محمد أبوحامد، كأحد أشهر الوجوه البرلمانية، خاصة حين رفع طلقات خرطوش داخل المجلس، رافضاً حديث وزير الداخلية عن عدم استخدام قوات الأمن الخرطوش لمواجهة المتظاهرين فى محيط الوزارة.

تصرف «أبوحامد» لم يمر مرور الكرام، فبعد أن انتهى النواب من التصفيق لوزير الداخلية، شاهد الملايين «خناقة» بين نواب من الأغلبية و«أبوحامد»، الذى ظل متمسكاً بموقفه فى «قضية الخرطوش»، وتحول السؤال من «من المسؤول عن سقوط شهداء وجرحى فى الاشتباكات»، إلى «هل خرطوش النائب حقيقى أم كده وكده؟».

قبل نهاية الأيام الستين من عمر «برلمان الثورة»، فجرت حالة الانفلات الأمنى، أزمة برلمانية، تابعها الملايين. فبعد الاعتداء المسلح على المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، والقيادى الإخوانى السابق، عبدالمنعم أبوالفتوح، وبعد تعرض النائب السكندرى حسن البرنس لحادث تصادم قال إنه «محاولة اغتيال»، ظهر النائب المنوفى، عن حزب النور، أنور البلكيمى، على الشاشات، وادعى أن عصابة مسلحة هاجمته واعتدت عليه بالضرب وسرقت منه مبلغ 100 ألف جنيه.

تسببت رواية البلكيمى فى هجوم برلمانى شديد تعرضت له وزارة الداخلية، حيث قال نواب إن المشهد يبدو كمسلسل اغتيالات لـ«الإسلاميين»، لكن مدير مستشفى «سلمى» لجراحات التجميل، كشف رواية أخرى قلبت الطاولة على «البلكيمى»، حيث قال إن النائب حضر للمستشفى قبل ساعات من ادعائه التعرض للهجوم، وأجرى عملية تجميل فى الأنف، وأصر على الخروج من المستشفى فى وقت متأخر من الليل، وأن الضمادات التى ظهر بها على الشاشات، هى نفسها التى وضعها الأطباء للنائب عقب العملية.

عادت مرة أخرى حالة «الاستقطاب»، بين مصدق للبلكيمى، مكذب لمدير المستشفى، وبين مكذب للبلكيمى مصدق للتقارير الطبية، حتى أثبتت النيابة أن النائب اختلق الحادث، وأنه بالفعل أجرى جراحة تجميلية، مطالبة مجلس الشعب برفع الحصانة عن النائب، ليخرج حزب النور، ويعلن فصل «أنور» من عضوية الحزب، وتوقيع النائب على اعتذار «للجهات الإعلامية والرسمية والرأى العام»، فضلاً عن طلب لإسقاط العضوية عنه بعد واقعة «التجميل».

وسط جراحات التجميل، و«خناقة الخرطوش» واستقطاب «اليمين»، تاهت المهمة الأساسية للبرلمان، أو على الأقل ابتعدت عن «حديث الشارع»، فبعد 60 يوماً من «التشريع»، وافقت اللجنة التشريعية على تعديل المادة 6 من قانون القضاء العسكرى، فى جلسة حضرها اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس العسكرى، وهى المادة التى كانت تمنح رئيس الجمهورية إحالة المدنيين للقضاء العسكرى، فيما رفض اللواء أى مساس بالمادة 48 التى تجعل القضاء العسكرى «يحدد اختصاصاته بنفسه».

تعديل آخر أجراه المجلس على قانون الرئاسة، حيث تم تعديل المادة 30 من القانون لتعطى لكل قاض الحق فى إعلان نتيجة الفرز أمام وكلاء المرشحين والمراقبين، وهو التعديل الذى لم يتدخل فى المادة 28 من الإعلان الدستورى، الذى جعل قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية هى الفيصل فى النتيجة، وجعل ما تعلنه اللجنة «محصناً ضد الطعن القضائى».

وحول تعويضات أسر وورثة شهداء الثورة، قرر المجلس الموافقة على مشروع قانون لجنة الخطة والموازنة، لرفع قيمة التعويض من 30 إلى 100 ألف جنيه لأسرة كل شهيد ووافق على ضم المصابين بعجز كلى، غير أنه رفض اقتراحين من النواب بإلزام الحكومة بصرف التعويضات خلال مدة أقصاها 6 أشهر.

دخل البرلمان أكثر من منطقة شائكة فى الـ 60 يوماً الماضية، الأولى كانت بموافقة لجنة الاقتراحات والشكاوى، الثلاثاء الماضى، على اقتراح بمشروع قانون قدمه النائب مصطفى بكرى لتعديل المادة 20 من قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية، والتى تحظر قيام المرشحين بالدعاية حتى قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع، ونص التعديل على السماح للمرشحين بالدعاية، اعتباراً من تاريخ فتح باب الترشح للرئاسة، وحتى 48 ساعة قبل بدء الاقتراع.

المنطقة الثانية التى بدأ المجلس يقتحمها هى موافقة لجنة الاقتراحات والشكاوى بالمجلس، على مشروع قانون مقدم من نائب الحرية والعدالة، ناصر الحافى، لمحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء. وحسب المشروع، فإن مجلس الشعب يقيم الدعوى الجنائية ضد الرئيس أو الوزير أو رئيس الوزراء باقتراح مقدم من ثلث أعضاء المجلس، على أن يشكل مجلس الشعب لجنة للتحقيق تتكون من 7 نواب، منهم 5 منتخبون، فيما يرشح رئيس المجلس 4 من القانونيين فى المجلس، لاختيار 2 منهم للجنة أيضا.

وبعد انتهاء أعمال اللجنة، حسب المشروع، تقدم اللجنة تقريرًا لرئيس المجلس خلال شهر من تاريخ التكليف، ويصدر المجلس قراره فى التقرير بأغلبية الثلثين، على أن يتم وقف الرئيس عن عمله بمجرد صدور قرار الاتهام، الذى يرسله المجلس إلى النائب العام، ويحدد القانون للنائب العام إعلان موعد ومكان المحاكمة، وإبلاغ المتهم خلال 8 أيام.

ورغم هذه التعديلات والمقترحات المهمة، فإن المجلس فاجأ الرأى العام بمشروع قانون آخر جمعته اللجنة التشريعية من اقتراحات عدد من النواب، لتنظيم حق التظاهر، وهو القانون الذى أثار انتقادات عنيفة، حيث جعل اليد العليا فى ممارسة حق التظاهر لوزارة الداخلية، وألزم المتظاهرين فى مواده الثلاث عشرة، بالخضوع لهوى «الجهة الإدارية»، فهى التى تقرر السماح بالتجمع السلمى، أو تفريقه بالقوة (دون استخدام السلاح النارى)، وهى أيضا التى تحضر الاجتماعات وتطالب بفضها، وتتدخل بالقوة فى جميع التفاصيل الخاصة بأى مظاهرة أو اجتماع أو مؤتمر سلمى.

وأخيراً يخوض البرلمان معركة تشكيل الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور.. وهو واحد من أهم قراراته التى اتخذها بعد أيام عديدة شهدت خلافاً واضحاً بين التيارات السياسية حول نسبة تمثيل نواب الشعب والشورى فى الجمعية، وبعد اجتماعين عقدا فى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر تمت الموافقة على أن تتشكل الجمعية التأسيسية بواقع 50٪ من داخل البرلمان و50٪ من خارجه، ليبدأ بعدها تلقى طلبات الترشيح.

وبعد مرور أول 60 يوماً، تجنب المجلس، المناطق «الملغومة»، التى مازالت تنتظر دورها مثل قوانين التصالح مع المستثمرين فى قضايا الفساد، والتأمينات الاجتماعية والمعاشات، وقوانين الإيجار القديم، وتنظيم الصحافة والمطبوعات، وتجنب الحديث عن قوانين الأزهر والسلطة القضائية ودور العبادة وضرائب الدخل، والضريبة العقارية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية