تبدأ الانتخابات التشريعية في إيران، الجمعة، وسط مخاوف من اندلاع احتجاجات مشابهة لتلك التي صاحبت انتخابات الرئاسة التي فاز فيها الرئيس الإيراني الحالي أحمدي نجاد بولاية ثانية عام 2009، وتطمينات حكومية تؤكد المشاركة الواسعة المرتقبة، وصراع على السلطة بين التيار المحافظ، من الموالين دينياً للزعيم آية الله خامنئي، والموالين سياسياً للرئيس أحمدي نجاد.
وقبيل الانتخابات، ملأت تصريحات آية الله خامنئي، أعلى سلطة دينية إيرانية، وسائل الإعلام، التي نقلت عن «قائد الثورة الإسلامية»، قوله إن «الشعب الايراني سيوجه في انتخابات الدورة التاسعة لمجلس الشورى الإسلامي صفعة للاستكبار أقوى من مسيرات انتصار الثورة الإسلامية».
في المقابل، تتزايد المخاوف الحكومية من خلو مراكز الاقتراع من الناخبين الإيرانيين في أول انتخابات عامة منذ إعادة انتخاب نجاد 2009، على الرغم من الدعاية الواسعة للانتخابات في وسائل الإعلام الإيرانية، التي اعتبرت أن تصويت الإيراني في الانتخابات يؤدي إلى «تقدم إيران في العلوم والاقتصاد».
ويخشى النظام الإيراني أن يؤثر قرار المرشحين الإصلاحيين بمقاطعة الانتخابات الأهم منذ 3 سنوات على وجود ناخبين، وهو ما يجعل حلبة الصراع تخلو للحرب داخل التيار المتشدد الإيراني نفسه، أي أن يضم أطرافاً حكومية متنازعة فيما بينها للتأثير على سير انتخابات الرئاسة المقبلة في 2013.
وقال صادق زيباكلام، أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، لشبكة «سي إن إن» الأمريكية إن «المسألة الأساسية هي ما إذا كنت تدعم نجاد أم لا، إنها منافسة بين نجاد من جهة، والمرشد الأعلى خامنئي من جهة أخرى، ليس بشكل علني، وليس مباشرة بالطبع».
ورغم أن خامنئي كان قد دعم حملة نجاد الرئاسية عام 2009، إلا أن التوتر تصاعد بينهما منذ ذلك الوقت وحتى الآن. ونقلت شبكة أخبار «فرانس 24» عن محللين اعتقادهم بأن الانتخابات ستحسم الصراع بين تيار «متشدد دينياً» وآخر «متشدد سياسياً»، إلا أنها لن تغير شيئاً غالباً من موقف إيران دولياً، وبالتحديد موقفها من الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن ذلك لن يؤثر على البرنامج النووي الإيراني والاستمرار فيه.
وتحتاج المؤسسة الدينية العليا في إيران إلى إقبال كبير على التصويت لتأكيد شرعيتها وشعبيتها التي تضررت بشدة بعد انتخابات عام 2009 والاضطرابات المناهضة للحكومة التي أعقبتها، ولهذا تظهر وسائل الإعلام الإيرانية شوارع إيران وهي تعج بلافتات خامنئي التي يحث الإيرانيون فيها على التصويت والمشاركة.
وأوضح فرح واشيان لوكالة الأنباء الفرنسية أن «الموالين لخامنئي لا يتركون شيئاً للصدفة، ويحتاجون أغلبية في البرلمان لعرقلة فرص حلفاء أحمدي نجاد المحتملة في الفوز في انتخابات 2013»، مشيرًا إلى أنه لو حدث ذلك وأصبح المجلس التشريعي الإيراني معارضاً لنجاد، فإن فرص الرئيس الحالي وأنصاره سوف تضعف خلال ما تبقى من مدة رئاسته.
ومن المرجح أن يكون لتيار آية الله خامنئي الفرصة الأكبر في الفوز، إذ يتمتع بتأييد أكثر من 20 مليون في أنحاء إيران، ويتهم أنصار خامنئي الرئيس الإيراني نجاد «بالسعي لتقويض مكانة الزعيم الأعلى بإقحام نفسه في قضايا دينية تعتبر تقليدياً مجالاً محفوظاً للزعيم الأعلى»، وبالتالي انضم الحرس الثوري ورجال الدين ذوو السلطة والتجار النافذون وبعض الساسة المتشددين دينياً لتيار أنصار خامنئي، ومنع أنصار نجاد من الفوز بالانتخابات.
من جانبها، رأت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية أن الانتخابات المرتقبة ستكون «أكثر الانتخابات زيفاً في تاريخ إيران»، كما وصفتها بأنها ستكون الأقل «حرية ونزاهة»، وأنها معلومة النتائج مسبقاً.
وقالت إنه بالنسبة للإيرانيين يوضح المشهد الحالي بالصراع على البرلمان أن فرص تغيير النظام من خلال سياساته الداخلية أصبحت أقل، خاصة مع تلاعب القيادات الدينية الإيرانية بالعملية الانتخابية «ليس فقط لإحباط الإصلاح، وإنما لغلق كل السبل أمام التغيير».