x

بابا الفاتيكان يدعو من بيروت إلى «نبذ الانتقام» و«الاعتراف بالأخطاء»

السبت 15-09-2012 13:26 | كتب: أ.ف.ب |
تصوير : رويترز

حث بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر، السبت، شعوب الشرق الأوسط على «نبذ الانتقام» و«الاعتراف بالأخطاء»، وذلك في خطاب ألقاه أمام المسؤولين الرسميين والدينيين اللبنانيين في القصر الجمهوري في بعبدا.

ودعا إلى منع «العنف الشفوي والجسدي»، في وقت تسود اضطرابات في المنطقة، لا سيما الأزمة السورية والتظاهرات العنيفة، احتجاجًا على فيلم مسيء للإسلام. وركز البابا خطابه على الظروف الدينية والاجتماعية التي يمكن أن تشجع السلام في كل المنطقة.

وألقى الحبر الأعظم كلمته في القصر الجمهوري، أمام مئات الشخصيات السياسية والدينية والثقافية اللبنانية بينهم رؤساء الطوائف المسلمة.

ودعا البابا إلى «نبذ الانتقام والاعتراف بالأخطاء وقبول الاعتذارات وأخيرًا الصفح، لأن الصفح وحده الذي يمنح ويتم تلقيه، يرسي الأسس الدائمة للمصالحة والسلام للجميع».

وتابع رئيس الكنيسة الكاثوليكية: «في لبنان، المسيحية والإسلام يتعايشان في المكان نفسه منذ عقود. وغالبًا ما يمكن رؤية ديانتين في العائلة نفسها. وإذا كان الأمر ممكنًا في العائلة الواحدة، فلم لا يمكن أن ينطبق ذلك على مستوى كل المجتمع؟».

وقال: «إن خصوصية الشرق الأوسط قائمة على أساس الخليط العلماني لمكونات مختلفة»، مستعيدًا فكرة التنوع والتسامح الديني التي هي محور «الإرشاد الرسولي» الذي وقعه البابا مساء الجمعة.

وتابع الحبر الأعظم: «يجب بالتأكيد منع العنف الشفوي أو الجسدي، إنه يشكل على الدوام مساسًا بالكرامة البشرية بالنسبة للمرتكب والضحية على حد سواء»، من دون الإشارة بشكل مباشر إلى أعمال العنف الأخيرة في المنطقة.

وقال الحبر الأعظم أيضًا إن «مجتمعًا تعدديًا لا يقوم إلا بسبب الاحترام المتبادل والرغبة في الاعتراف بالآخر وبالحوار المستمر».

ورأى أن «تماسك المجتمع يؤمن عبر الاحترام المستقر لكرامة كل شخص والمشاركة المسؤولة لكل إنسان، كل حسب قدراته، باستعمال أفضل ما لديه. ولتوفير الديناميكية الضرورية لبناء وتعزيز السلام، يجب الرجوع بلا كلل لركائز الكائن البشري».

وقال: «إذا كنا نريد السلام، فلندافع عن الحياة. هذا المنطق لا يستبعد الحرب والأعمال الإرهابية فقط، بل يراعي حياة الكائن البشرية، الخليقة التي أرادها الله».

وأكد البابا أن «هذه التأملات القليلة عن السلام والمجتمع وكرامة الإنسان، وعن قيم الأسرة والحياة، وعن الحوار والتضامن لا يمكن أن تبقى مجرد مثل عليا معلنة، بل يمكن ويجب أن تعاش. نحن في لبنان وهنا يجب أن تعاش. لبنان مدعو، الآن وقبل أي وقت مضى، أن يكون مثالا».

وأضاف: «إن البطالة والفقر والفساد والإدمان بمختلف أشكاله والاستغلال والاتجار بكل أصنافه، والإرهاب، تسبب، مع ألم ضحاياها غير المقبول، إضعافًا للمقدرة البشرية. يريد المنطق الاقتصادي والمالي بلا هوادة أن يفرض نيره، وأن يقدم الامتلاك على الكينونة. لكن فقدان أي حياة بشرية هي خسارة للبشرية بأسرها. لأن البشرية هي عائلة كبيرة وجميعنا مسؤولون عنها».

وقبل ذلك ألقى الرئيس اللبناني ميشيل سليمان كلمة ترحيب بالبابا وقال «نضع تجربتنا اللبنانية الفريدة، تحت نظركم الكريم، وهي تجربة لم تنل منها الصعاب التي امتحنت إرادتنا بالعيش معا، خلال العقود المنصرمة، وإن كانت التحديات ما زالت تعترض مسيرتنا الوطنية، في عالم متقلب ومتداخل».

وأضاف: «من بين هذه التحديات، العمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بكل مندرجاته، وثني إسرائيل عن خروقاتها وتهديداتها المتمادية ضد لبنان، ومواجهة خطر الإرهاب والدسائس والفتن، والحؤول دون أي شكل من أشكال توطين اللاجئين الفلسطينيين على أراضينا».

وتابع الرئيس اللبناني: «لقد توافقنا في لبنان على ضرورة تجنب التداعيات السلبية الممكنة لما يحصل حولنا من أحداث، وعلى تحييد بلادنا عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، درءًا للمخاطر، وحرصًا منا على استقرارنا ووحدتنا الوطنية، من دون أن ننأى بأنفسنا بطبيعة الحال، عن واجب التزام القضايا العربية المحقة، وعلى رأسها قضية فلسطين، وقرارات الشرعية الدولية، وكل شأن إنساني».

وقال: «من هنا إيلاؤنا كل اهتمام ورعاية ممكنة، لعشرات آلاف النازحين السوريين الذين وفدوا إلى الأراضي اللبنانية، نتيجة خوف أو حاجة أو ضيق. كذلك أعلنا منذ البدء أن لبنان يتمنى للشعوب العربية الشقيقة، وللشعب السوري بالذات، ما تريده لنفسها من إصلاح وحرية وديمقراطية، وأن تتمكن من تحقيق مطالبها المشروعة بالطرق الحوارية والسياسية المناسبة، بعيدًا من أي شكل من أشكال العنف والإكراه».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية