لم تلق دعوات التظاهر يوم 24 أغسطس الصدى الكبير لدى المصريين في الخارج، سواء المقيمين في الدول الخليجية، الذين صوتت غالبيتهم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، أو من المقيمين في الدول الأوروبية، الذين جاءت غالبية نتائجهم لصالح منافسه الخاسر الفريق أحمد شفيق.
مصريون في دول أوروبا
ففي النمسا، قوبلت دعوة بعض طوائف المعارضة للاحتجاج ضد ما وصفتها هيمنة جماعة الإخوان المسلمين باستياء معظم النشطاء السياسيين من الجالية المصرية، وحالت إجازات الصيف التي يقضيها معظم أبناء الجالية في مصر دون التفاعل مع تلك الدعوات حتى بين المؤيدين لها.
وأعرب أحمد الشرقاوي، المسؤول المالي في الاتحاد العام للمصريين بالنمسا، عن اعتقاده بأن هناك «حملة ضد جماعة الإخوان المسلمين لإثنائها عن السيطرة على كل السلطات فى البلاد».
وقال «الشرقاوي» لـ«المصري اليوم»: «إن الجماعة ما زالت مستمرة في ارتكاب الخطأ نفسه»، مشيرًا إلى أنها «لا تختلف عن الحزب الوطني المنحل الذي سيطر على كل شيء في البلاد طيلة عقود طويلة»، مطالبًا الجماعة بالحكمة في احتواء المعارضة من أجل الصالح العام.
من جانبه، رأى بهجت العبيدي، رئيس تحرير شبكة «مستقبل مصر»، بالنمسا، عضو الاتحاد العام للمصريين فرع ليوبن، أن دعوات المعارضة على الأرض جاءت مبكرة، ويمكن تفسيرها على أنها «حملة مسبقة لإسقاط الإخوان والرئيس المنتخب»، مؤكدًا أنه ضد سياسة «الإخوان»، لكنه يرفض تلك المظاهرات، كما طالب الرئيس مرسى وحكومة الدكتور هشام قنديل بضرورة الترفع فوق المصالح الحزبية، والتمسك بمصالح الوطن، حتى يستمر تأيييد الشارع لهم.
وفي إيطاليا التي صوتت غالبية المصريين فيها لصالح «شفيق»، قال رئيس الجالية المهندس عادل عامر، إن «الفرصة لم تعط كاملة بعد للرئيس مرسي»، مشيرا إلى أنه «يسير بخطى رائعة في عمله، فلماذا يسعى البعض لخلق حالة من عدم الاستقرار؟»، مؤكدًا أن الرئيس «أثبت أنه على مستوى المسؤولية خلال تلك الفترة البسيطة».
الأمر نفسه أكده عاصم مجاهد، أحد أبرز ناشطي الجالية المصرية في إيطاليا، متسائلا: «لماذا تسعى بعض التيارات لضرب استقرار مصر؟، ما الذى يضير في إعطاء مزيد من الوقت؟، لابد أن نسعى جميعا لتوحيد وجهات النظر والعمل، لا من أجل الصراع على كرسي الرئاسة».
وفي اليونان، ذات الأغلبية المؤيدة لـ«شفيق» أيضا، سيطرت حالة من الهدوء على أبناء الجالية، بالتزامن مع مظاهرات 24 أغسطس، ولم تظهر أي دعوات للمشاركة فيها، وقال طارق نجاتي، أمين عام جماعة «شباب التغيير» في اليونان: «رغم أنني ممن اضطروا إلى انتخاب مرسي لمجرد إسقاط منافسه، إلا أننا لم ندعُ الآن إلى تنظيم أية وقفة ضده لا أمام السفارة ولا أي فعاليات أخرى، لأننا ما زلنا نؤيد إعطائه الوقت الكافي والفرصة الكاملة لإتمام فترة الـ100 يوم التي حددها هو بنفسه».
وردًا على سؤال عما إذا كان «شباب التغيير» يعتزمون الاحتجاج ضد مرسي عقب فترة الـ100 يوم حال عدم تنفيذه لوعوده، قال «نجاتي»: «نحن من أول المشاركين في ثورة يناير التي دعت للحرية والعدالة الاجتماعية، وعندما نجد أن الرئيس أخفق في تحقيق هذه المطالب سنكون أول المنظمين لوقفات مناهضة لسياساته أو ممارساته».
وأوضح: «ما زلنا نترقب ما يفعله الرئيس، هناك أشياء نوافق عليها، وهناك ما نعارضه فيها بشدة، نحن ضد أسلمة الدولة وضد السطو على حرية الرأي والإبداع، وأيضا ضد إنتاج ديكتاتور جديد باسم الدين، بامتلاك الصحف القومية»، مشيرًا إلى أنه لا ينكر «بعض القرارات الصائبة التي قام بها مرسي، منها القضاء على الحكم العسكري بإقالة طنطاوي وعنان، وأيضا إعادة الصحفية شيماء عادل التي اعتقلت في السودان».
مصريون في دول الخليج
وعلى مستوى الدول الخليجية، ذات الكثافة الأعلى للمصريين في الخارج، لم تجد دعوة التظاهر تفاعلا يذكر بين أبناء الجالية، ففي الدوحة، شنت الصفحات الإلكترونية الخاصة بالمصريين على «فيس بوك» حملة للتقليل من أهمية تلك التظاهرات، متسائلة عن أهدافها والداعين لها.
وقال محمود حسن إن التظاهرات تهدف «لإعادة أعداء الإخوان والفلول إلى الساحة السياسية، بعد أن شهدت مصر في الفترة الأخيرة تجربة تؤكد أن الثورة في طريقها لتحقيق كل مطالبها».
في المقابل، قال محمد صلاح، أحد أبناء الجالية، أن التظاهر في هذا الوقت يعد مؤشرًا إيجابيًا على حيوية الشارع السياسي المصري، وتفاعله مع مستجدات الأوضاع الراهنة في مصر، مؤكدًا أن التأييد المستمر لنظام الحكم دون وجود ما يدعمه من مرتكزات وإنجازات حقيقة على أرض الواقع، يعتبر تكريسا لممارسات النظام السابق وبناء نظام ديكتاتوري جديد يستمر في حكم البلاد.
وفي الإمارات، رغم رفض الكثيرين لسياسات «الإخوان»، لم يخرج أي من أبناء الجالية للتظاهر أمام السفارة المصرية أو مباني القنصليات، وإن احتلت المظاهرات جانبا كبيرا من أحاديثهم.
وأعرب عادل محمد، مدير تسويق بإحدى الشركات الخاصة في دبي، عن تأييده لحق التظاهر ضد الإخوان المسلمين «في ظل جنوحهم للاستحواذ على السلطة بكل أشكالها»، حسب قوله، مشيرا إلى أن «الانتظار فترة رئاسية كاملة ربما يجر البلاد إلى خراب كبير».
فيما اختلف معه أحمد زيدان، منسق تجاري، مؤكدا أن من حق حزب الحرية والعدالة إدارة شؤون البلاد حسب السياسة التي يرونها «لأنهم وصلوا إلى السلطة بطريقة شرعية»، لافتا إلى أن الرئيس «لم يتصرف بطريقة تثير القلق، بل على النقيض، يتمتع بقدر من الهمة والنشاط».
وفي الكويت، قلل عدد كبير من أبناء الجالية من تأثير المظاهرات، وكشف غالبيتهم عن معارضتهم لها، فوصف علاء علي، 25 عاما، ويعمل موظفا في شركة إعلانات، المظاهرات بأنها «غير منطقية، لأنها موجهة ضد رئيس لم يمر على انتخابه سوى شهر ونصف تقريبا، ولا يعقل أن نحاسبه على شىء خلال تلك الفترة القصيرة»، معتبرا أن هذه المظاهرات تخلق حالة من عدم الاستقرار، و«تجعلنا أمام مظاهرات تطالب بإسقاط الرئيس كل شهرين، بغض النظر عن انتماء هذا الرئيس، لأنه لا يوجد شخص يجمع عليه الجميع مهما كان».
أما أحمد الشيتاني، صيدلي، فقال: «أنا مع أي شىء يسقط الإخوان، والثورة عليهم قادمة قادمة، إن لم تكن اليوم فغدا، والاستهانة بالمتظاهرين تعيدنا إلى نفس أسلوب نظام مبارك حين قال (خليهم يتسلوا)».