x

جامع الرفاعي.. مقام الأولياء ومسجد «العائلة المالكة»

الجمعة 17-08-2012 23:31 | كتب: أحمد البحيري, ماهر حسن |
تصوير : نمير جلال

في موسوعتها المهمة «مساجد مصر»، نعرف من الدكتورة سعاد ماهر، أن الاسم الأصلى لجامع الرفاعي، هو «مسجد الذخيرة»، أما سيرة الرفاعي نفسه، وفق ما ورد في الموسوعة، فتقول إنه الإمام أحمد الرفاعي بن صالح أحمد محيي الدين بن العباس. ولد يتيما في جزيرة أم عبيدة، قرب واصل بالعراق، 512 هجرية. توفي أبوه وهو جنين ببطن أمه، فكفله خاله، الشيخ منصور البطائحي.

ينسب الرفاعي إلى جده السابع، رفاعة، الذى هاجر إلى المغرب هربا من اضطهاد العباسيين للعلويين، فهو علوي. استقر رفاعة في أشبيلية بالأندلس، حيث تزوج وأنجب عددا كبيرا من الأولاد. سافر حفيده، يحيى، إلى الحجاز لتأدية فريضة الحج، وبعد إقامة قصيرة في مكة، رحل إلى البصرة، حيث استقر به المقام، وأنجب ولديه الحسن وأحمد. تلقى أحمد علومه الدينية وحفظ القرآن، وهو لايزال حدثا صغيرا، وبدأ يتردد على حلقات العلم ليتلقى العلم على يد كبار العلماء، وهو في السابعة من عمره. على رأس هؤلاء العلماء خاله، الشيخ منصور البطحائي، وعلى الواسطى، والإمام الخرنوبى.

على أن تردد الرفاعي على أئمة الصوفية وفقهائها لم يشغله عن كسب قوته من كده، حتى إنه زاول كل الحرف تقريبا، فجمع بين العلم والعمل. عمل حطابا وسقاء، وكان يشترط على مريديه وتلاميذه أن يعملوا مثلما يتعلموا. ويحذرهم: لن ينضم لصفوفنا عاطل.

في الخامسة والعشرين من عمره توفي أستاذه وخاله البطحائي، بعد أن ولاه خلافة الطريقة. أخذ يلقى دروسه في المسجد الكبير بالبصرة، وكان شعاره الأثير: «طريقى دين بلا بدعة.. وهمة بلا كسل.. وعمل بلا رياء.. وقلب بلا شغل.. ونفس بلا شهوة».

عن كرامات الرفاعية، كإخضاع الثعابين واختراق جسد الإنسان بمواد صلبة، دون إراقة دم، يصفها ابن خلكان بأنها «من ابتداع أتباعه ومريديه»، لكن من يزور مولده بالقاهرة سيجد نماذج منها مازالت تمارس، ويقول فريد وجدي: «ما يروى عن أتباع الرفاعي، من أكل النار والجلوس عليها، وغير ذلك، فذلك صحيح، ويمكن تحقيقه إذا ما دخل الإنسان في حالة غير اعتيادية، سواء كانت بالذكر أو التنويم المغناطيسي».

ترك الرفاعي الكثير من الأوراد والكتب، في مختلف العلوم الدينية، التوحيد والتفسير والحديث والتصوف والفقه، مثل «البهجة وشرح التنبيه في الفقه الشافعى». توفي الرفاعي في قرية أم عبيدة، سنة 572 هجرية، ودفن في ضريحه هناك.

أما رفاعي مصر فهو أحد أحفاده، يسمى على أبوالشباك. جاء والده إلى مصر في 683 هجرية، وتزوج حفيدة الملك الأفضل، أحد أمراء المماليك، في عهد السلطان المنصور سيف الدين قلاوون، فأنجب منها ولده على.

ورحل أحمد الصياد، حفيد الإمام الرفاعي الأكبر، عن مصر قبل أن يولد ابنه على، الذى بقى في كنف أمه وأخوالها في مصر، واتخذ طريقة جده الصوفية، وأخذ يدعو لها، وجعل من سكن أسرته وعائلته، في سوق السلاح، مقرا للطريقة الرفاعية.

على أن على أبوالشباك، الرفاعي الصغير، لم يكن أول من أدخل طريقة جده لمصر، فقد سبقه الشيخ أبوالفتح الواسطى، الذى جاء إلى مصر من العراق في أوائل القرن السابع الهجرى، وأقام في الإسكندرية.

مسجد الرفاعي الحالى، كان يشغل جزءا من أرض مسجد قديم، يرجع إلى العصر الفاطمى، عرف بمسجد الذخيرة، وذكره المقريزى: «يقع مسجد الذخيرة تحت قلعة الجبل بأول الرميلة، تجاه مدرسة السلطان حسن بن محمد بن قلاوون، وقد أنشأه ذخيرة الملك جعفر، متولى الشرطة والحسبة، سنة 516. وجاء في الخطط التوفيقية لعلى مبارك: «أن زاوية كانت تعرف باسم الزاوية البيضاء، أو الزاوية الرفاعية، كانت تشغل جزءًا من مسجد الرفاعي، وكان بها عدة أضرحة، منها ضريح سيدى على أبوالشباك، وسيدى يحيى الأنصارى، والسيد حسين الشيخونى، شيخ سجادة الرفاعية. وكان حفيد الإمام الرفاعي، يأتى لزيارته خلق كثير، خصوصًا من المصابين بأمراض عصبية».

اشترت السيدة خوشيار هانم، والدة الخديو إسماعيل، سنة 1286هـ، أرض مسجد الذخيرة، والأماكن المحيطة بزاوية الرفاعي، من الجهات الأربع، منها: حوش بردق أو حوش الحدادين، وحمام كان بجوار الزاوية، وأمرت ببناء ضريح لسيدى على أبو الشباك وسيدى يحيى الأنصارى، ومدافن لها ولمن يموت من ذريتها، على أن يظل المسجد مسمى «جامع الرفاعي».

يتكون المسجد من مربع مساحته 1767 مترًا مربعًا، به صفان من الدعائم، بأركانها الأربعة أعمدة ملتصقة، وتقسم الدعائم المسجد إلى ثلاثة أروقة، وأقيم على عقود الرواق الأوسط، وفي وسط المسجد رقبة، بها نوافذ تعلوها قبة كبيرة، وفي وسط الجدار الشرقي محراب كبير، يكتنه من جانبيه عمودان من الرخام، أحدهما أبيض والثانى أخضر داكن، وحلى باطن المحراب بفسيفساء من الرخام الدقيق، والصدف، ويعلوه شريط من الكتابة بالخط الثلث لآية: «قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها». وجزء من الرخام المستخدم في المسجد مستورد من تركيا وإيطاليا وبلجيكا، والجزء الأكبر منه مقطوع من محاجر بني سويف، وبالمسجد منبر وكرسى للمصحف وكلاهما مصنوع من خشب الساج الهندي وللمسجد ثلاثة أبواب رئيسية.

بناء المسجد استغرق 43 عاما، من 1268 هجرية حتى 1329 هجرية، والسبب في ذلك يعود إلى وفاة خوشيار هانم، فتوقف العمل في بنائه، حتى استأنفه ورثتها. والمسجد به مقابر أكثر أفراد الأسر العلوية، لهذا كلفت خوشيار أكبر مهندسي مصر، وقتها، حسين فهمي باشا بتصميمه. ويوجد بداخل المسجد قبر الملك فاروق الأول، والخديو إسماعيل، ووالدته وقبر شاه إيران رضا بهلوي، ومحمد رضا بهلوي.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية