15 شهيدا من فقراء الوطن راحوا ضحية عملية نفذها آخرون يعتقدون أنهم بفعلتهم هذه سيذهبون إلى الجنة بقطار سريع. الخط الزمنى للحادث الإرهابى والذى رسمه مراسلونا فى تغطية، أمس، أوضح أن ردة الفعل الإسرائيلية كانت سريعة للدرجة التى حالت دون توغل كبير للمدرعة المصرية المختطفة داخل الأراضى الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلى، فى وقت أبرزت فيه الصحف قبل الحادث بيومين تصريحات مسؤول مصرى، قال فيه إن التحذيرات الإسرائيلية تهدف لضرب السياحة فى سيناء.
، التى يبقى ثلثها دون حماية عسكرية كبرى، حسب بنود اتفاقية السلام، فقط جنود مسلحون ببنادق آلية، يواجهون من بين من يواجهون تجار مخدرات وخارجون على القانون يصل تسليحهم فى بعض المناطق إلى مدافع مضادة للطائرات وأسلحة آلية متطورة، بالإضافة إلى خطورة وجودهم بالقرب من قوات عسكرية إسرائيلية متأهبة ومستعدة فى جميع الأوقات.
بين محمد مهدى، أحد الشهداء، الذى كان يحلم بعمل محترم يعوض به والده المزارع، وثروت سليمان الذى انتظر انتهاء فترة خدمته ليسافر ويزوج أشقائه الأربعة الصغار، ومحمد رضا النجار المسلح الذى توقعت أمه وفاته قبل سفره بسبب كابوس، حكايات كثيرة وأحلام راحت مع زخات رصاص القتلة.
تحاول «المصرى اليوم» فى هذا الملف تكريم عدد من الشهداء الذين أمكن الحصول على معلومات قليلة عنهم، على طريقتها.
ثروت سليمان محمود رضوان
العمر:21 سنة
الرتبة: مجند بالقوات المسلحة
المحافظة: مركز الحسينية - الشرقية
انتظر اليوم الذى ينهى فيه خدمته العسكرية، ليطير بعيداً خارج الحدود المصرية للعمل فى أى دولة عربية لتوفير حياة كريمة لأسرته الكبيرة، إلا أنه لم يكن يعلم أن رصاصات غادرة ستقضى على أحلامه بتزويج أشقائه الأربعة وعلاج أمه المريضة التى ودعها بكلمات قليلة فى آخر مكالمة هاتفية قائلاً: «ادعيلى يا أمى».
«لا أعترض على قضاء الله، ولكنى أعترض على الطريقة التى مات بها ابنى»، تلك هى الكلمات التى ظلت ترددها الأم المكلومة على فراق ابنها «ثروت» منذ استقبالها خبر استشهاد ابنها.
فيما استبعد شقيقه إمكانية تحقيق القصاص للشهداء، قائلاً: «تعودنا أن يكون دم المصرى مهاناً وليست له قيمة، لذلك نحن لا نتوقع القصاص».
وليد ممدوح زكريا
السن: 22 سنة
الرتبة: مجند قوات مسلحة
المحافظة: الدقهلية
ستة أشهر كاملة كانت المدة التى بدأ بها وليد فترة تجنيده فى القوات المسلحة. عبارات كثيرة آثارها خبر استشهاد وليد فى أذهان أسرته المكونة من خمسة أفراد وأشقائه الثلاثة أهمها إلحاحه عليهم فى السعى لنقله من موقع تجنيده. الإحساس بقدوم خطر الموت ظل مسيطراً على وجدان وليد طيلة الثلاثة أيام التى انتقل خلالها لنقطة التفتيش التى استشهد فيها، وهو الإحساس الذى دفعه إلى الاتصال بأهله عبر هاتفه المحمول، والتحدث معهم قبل دقائق معدودة من الهجوم على موقعه، قبل أن يستأذنهم فى غلق هاتفه كى يتمكن من تناول طعام الإفطار.
محمد أحمد محمد مهدى
السن: 22 سنة
الرتبة: مجند بالقوات المسلحة
المحافظة: مركز بلبيس - الشرقية
التحق «محمد» بالقوات المسلحة قبل ثمانية أشهر، اتصل بأخيه الأكبر هاتفياً قبل وقوع الحادث بدقائق ليخبره بأنه ليس بعيداً عن الاستشهاد لأنه كان يرى سيارات تمر على الدوريات يومياً وبها أشخاص ملثمون ثم سرعان ما يفرون فور انتباه الضباط لنا، ليختم مكالمته الهاتفية مع أخيه «العمر واحد، ومصر ما فيهاش حاجة تستحق نعيش علشانه».
«محمد» الذى درس فى معهد السياحة والفنادق، هو الوحيد بين أشقائه الأربعة الذى استطاع استكمال تعليمه، وكان والده الفلاح ينتظر اليوم الذى يعلو فيه من شأن ابنه محمد إلا أن أيادى القتلة لم تمكنه من تحقيق حلمه.
محمد سليم سلامة
السن: 22
الرتبة: مجند قوات مسلحة
المحافظة: الإسماعيلية
«أنا فدا البلد» وعداً ذلك ظل قلب محمد شغوفاً بتحقيقه لبلاده فشارك فى تأمين شوارع ومنازل أهله وأقاربه لحمايتهم من البلطجية أثناء فترة الانفلات الأمنى، قبل أن تتوج خدمته العسكرية حلمه بالمشاركة فى تأمين حدود مصر كلها، ومن بعدها القدر الذى منحه شرف الموت فداء لوطنه.
«محمد» هو الشقيق الأكبر لأربعة أخوه، وذراع والده المزارع اليمنى وسنده فى الحياة - كما يصفه - فحتى آخر لحظات فى حياته بادر بالاتصال بوالده ليخبره بأنه سيحصل على إجازة قريبة لقضاء بعض أيام من رمضان معهم، كما طلب من والده أن يخبره بأى شىء يرغب فى أن يشتريه له من العريش.
حلم «محمد» بأن يتزوج وأن ينجب ليروى لأولاده كيف ساهم فى حماية بلاده والذى مات مبكراً معه دفع والد الشهيد بأن يحمل المشير طنطاوى مسؤولية القصاص لدماء الشهداء.
محمد إبراهيم إبراهيم عبدالغفار
السن: 22 سنة
الرتبة: مجند بقوات حرس الحدود
المحافظة: الدقهلية - عزبة أبوستيت.
كان الشهيد محمد إبراهيم يستغل إجازاته القليلة المتباعدة للعمل على توفير دخل إضافى لأسرته المكونة من والديه المسنين. وخصص الشهيد جانباً من دخله القليل لإنهاء تجهيز شقيقته «نصره» لزواجها الذى كان ينتظر إتمامه فى ثالث أيام عيد الفطر المقبل.
يتحدث أبناء قرية «محمد» عن طيبته وتدينه وحبه للعمل ونشاطه الجم الذى جعله يقضى إجازاته كلها فى العمل المستمر دون راحة.
محمد رضا عبدالفتاح
السن: 21 سنة
الرتبة: مجند بالقوات المسلحة
المحافظة: مركز منيا القمح - الشرقية
«رؤية (محمد) ملطخاً فى دمائه فى المنام تحولت إلى حقيقة» بهذه الكلمات تحدثت والدة محمد رضا، شهيد رفح، قائلة: «ابنى كان يعمل نجاراً مسلحاً للإنفاق علينا ولا يوجد لدينا عائل آخر، والتحق بالخدمة العسكرية منذ ثلاثة أشهر، وليلة سفره إلى رفح رأيته فى المنام ملطخاً بالدماء، وعندما سألته عن سبب هذه الدماء، قال (مش عارف)، ثم تركنى وانصرف، وعندما استيقظت من نومى طلبت من شقيقه الاتصال به للاطمئنان عليه إلا أنه لم يرد على الهاتف».
وتابعت الأم المكلومة وسط دموع ملأت عينيها: «إحنا غلابة ومالناش غير ربنا، ومقدرش أقول غير حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى موت ابنى».
حمدى جمال الحفناوى
العمر: 22 سنة
الرتبة: مجند بالقوات المسلحة
المحافظة: مركز كفر صقر- الشرقية
تحول مركز كفر صقر إلى سرادق عزاء كبير بعد تلقى نبأ وفاة «حمدى»، فهو المعروف عنه السماحة وطيب الخلق، انتقلت روحه البريئة دون وداع أهل قريته، قضى «حمدى» عاماً ونصف العام من خدمته العسكرية، وداخل منزله البسيط تلقت والدته خبر وفاته بالصراخ والعويل بدلا من التهانى والزغاريد لأن «حمدى» كان يستعد لإقامة حفل خطوبته قريباً، وبدلاً من ارتداء بدلة العرس ارتدى ثياب الكفن، وطالبت أسرة حمدى الرئيس مرسى بالقصاص لدماء الشهداء.
حامد عبدالمعطى عبدالعزيز حامد
السن: 22 عاماً
الرتبة: مجند بالقوات المسلحة
المحافظة: الدقهلية - نبروه
استشهد حامد مع ثلاثة آخرين من أبناء محافظته «الدقهلية» فور عودته من إجازة استمرت لثلاثة أيام قضاها فى الانتهاء من التشطيبات النهائية لشقته التى كان يستعد للزواج فيها خلال عيد الفطر المقبل.
وإن كان ابن محافظته محمد عبدالغفار قد وجد بين زملائه من يهتم بإبلاغ أهله باستشهاده خلال الاعتداء إلا أن زملاء حامد تركوا مهمة إبلاغ أسرته بوفاته للجيران والأقارب ممن شاهدوا خبر الاعتداء على شاشات الفضائيات.
يقول والد الشهيد البالغ من العمر 53 عاماً، إنه واصل الاتصال بابنه يوم الاعتداء إلا أن هاتفه ظل مغلقاً، ولم يتلق أى اتصالات تطمئنه على ولده. وظلت أسرة حامد لا تعلم باستشهاد ابنها حتى ظهيرة يوم الإثنين التالى للاعتداء.
قضى «حامد» عاماً ونصف العام فى خدمته العسكرية عقب تخرجه فى كلية التجارة، وكان يستعد لإتمام زواجه فى خامس أيام عيد الفطر المقبل.
محمد محمود حسن البغدادى
السن: 21 عاماً
الرتبة: مجند بالقوات المسلحة
المحافظة: الإسماعيلية - المحسمة القديمة
كان محمد ينتظر انتهاء خدمته بعد ستة أشهر ليعود بعدها إلى بلدته التابعة لمركز التل الكبير، للالتحاق بالعمل ومساعدة والده الذى يعمل باليومية فى أحد المصانع الخاصة باعتباره الأخ الأكبر لأربعة أخوة.
اجتهد «محمد» قبل استدعائه للتجنيد لشراء «توك توك» ليجمع به جنيهات تساعد فى الوفاء باحتياجات الأسرة.
>محمد أحمد عبدالنعيم
السن: 21 سنة
الرتبة: مجند بالقوات المسلحة
المحافظة: المنيا
قبل أربعة أيام من استشهاده ودع محمد ابن قرية «ساقية داقوت» بمحافظة المنيا قريته وأهله، متجهاً إلى موقع تجنيده بمدينة رفح، لأداء واجبه العسكرى فى تأمين حدود بلاده.
ترك محمد زوجته وطفله الذى لم يتجاوز من العمر عاماً ونصف العام فى بيت عائلته الريفى بالقرية، وقلوبهم جميعاً تنبض حلماً باليوم الذى ينهى فيه محمد خدمته العسكرية بحلول شهر أكتوبر المقبل، كى يشق لنفسه طريقاً آخر فى الحياة، بالسفر خارج البلاد، بحثاً عن فرصة عمل، تضمن لهم حياة كريمة، يستقبل بها جنينه، الذى لاتزال تحمله زوجته.
استشهاد «محمد» برصاص غادر دفع أهالى القرية إلى التجمهر أمام مركز شرطة سملوط، انتظاراً لاستقبال جثمان الشهيد.
>أحمد محمد عبدالنبى
السن: 21 سنة
الرتبة: مجند بالقوات المسلحة
المحافظة: أبوتشت - محافظة قنا
أعلنت قرية «الكعامات» قبلى بأبوتشت بمحافظة قنا الحداد على ابنهم أحمد محمد عبدالنبى، ووسط هدوء تام بالقرية خوفاً من تسرب خبر استشهاد «أحمد» لأمه التى لم تعلم نبأ وفاة ابنها الأكبر حتى الآن، تجمع المئات من أهالى القرية لاستقبال جثمان أحمد القادم من القاهرة.
أوضح على رشوان، عمدة القرية: «أن الشهيد كان من أطيب شباب القرية، وله ثلاثة أشقاء، ووالده يعمل بالكويت عامل أجرى، وكان يسارع فى عمل الخير لأسر القرية الفقيرة».
وقال عيد عبدالسميع، خال الشهيد: «إن والدة الشهيد لم تعرف بخبر استشهاد ابنها حتى الآن لأنها مصابة بالسكر والضغط، مما سيعرضها للخطر إذا علمت بخبر وفاته، ولم يتحدث معنا فى آخر زيارة له وكأنه على علم بيوم استشهاده».
الشهيد الحاصل على دبلوم تجارة كان يعمل باليومية عند أصحاب الأراضى الزراعية للإنفاق على نفسه قبل تجنيده منذ أربعة أشهر.