x

الطفل محمد سليمان.. سار مع والده فى مسيرة «الاستقامة».. ورآه لآخر مرة بمعركة كوبرى قصر النيل

السبت 28-07-2012 16:42 | كتب: آيات الحبال, محمد طارق |
تصوير : بسمة فتحى

«هما بيعملوا كده فى اللى بيقول لأ ليه! أنا هكمل للتحرير عشان أقولهم لأ»، كانت هذه آخر الكلمات التى سمعها أسامة سليمان من ابنه محمد يوم 28 يناير 2011، أو جمعة الغضب، أثناء المسيرة من مسجد الاستقامة بالجيزة مرورا بكوبرى قصر النيل حتى التحرير.

يتذكر أسامة سليمان تلك الكلمات جيداً، ولحظة اختفاء محمد ابنه، فمنذ سنة وخمسة أشهر لم يعرف عنه شيئاً ولم يسمع عنه أى خبر.

محمد أسامة سليمان، الذى لم يتجاوز 15 عاماً، كان يدرس فى الصف الثالث الإعدادى، لديه أربع أخوات كان الأكبر لهن، يحكى والده أن كل ما كان يشغله هو التعليم واللعب مع أصدقائه، كأى طفل، وإرضاء والديه، وهو ما يرجع إلى النشأة الدينية حيث ينتسب والده لجماعة التبليغ والدعوة «كان يتابع مشاهد المتظاهرين يوم 25 يناير 2011 وتعامل الشرطة العنيف معهم فحزن كثيرا مما رأى، وطلب منى النزول إلى ميدان التحرير يوم جمعة الغضب»، ووافق والده وقررا النزول للتظاهر لأول مرة.

يروى أسامة سليمان، والد محمد، الذى يسكن فى شارع فيصل بمحافظة الجيزة، عن مشاركتهما فى يوم جمعة الغضب: «قررنا النزول والمشاركة فى مسيرة الدكتور محمد البرادعى التى خرجت بعد صلاة الجمعة من مسجد الاستقامة وسرنا من مسجد الاستقامة حتى كوبرى الجلاء، وهنا بدأ الازدحام الشديد وتوقفت من التعب ولكن محمد قرر أن يكمل إلى ميدان التحرير وتركنى ورأيته بعينى يمر بنادى القاهرة، وفى بداية كوبرى قصر النيل اختفى حتى اليوم».

لم يترك أسامة ميدان التحرير حتى يوم 11 فبراير «يوم التنحى»، بينما كان ملايين المصريين معتصمين، قضاها هو فى البحث عن ولده ولكن بلا فائدة.

«عملت محضر فى قسم الهرم وقدمت شكوى للنائب العام وفى إحدى منظمات حقوق الإنسان ولفيت عليه فى كل المستشفيات وفى مشرحة زينهم، ومكنتش لاقى أى خيط لابنى ولا جثة ابنى ورحت سجن طرة ووادى النطرون ولم أجد اسمه بين أسماء المحبوسين ولم يجبنى أحد يطمئننى عليه وذهبت إلى أمن الدولة فى لاظوغلى وقالوا لى محدش عندنا بالاسم ده».

ومن المفارقات أن أسامة سليمان يعمل إدارياً فى إحدى المؤسسات التابعة للجيش، وقام بإبلاغهم باختفاء ابنه ولا مجيب.

لم يكن لمحمد أسامة سليمان، نظراً لصغر سنه، أى نشاط سياسى، اعتاد أن يؤدى الفروض الخمسة فى المسجد مع والده، لكنه عرف بتدينه، فمعظم أفراد عائلته الكبرى ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، غير أن والده ينتمى إلى جماعة التبليغ والدعوة، كان أمن الدولة قبل الثورة يستدعيه كثيراً، بحسب قوله، يضيف: «أنا مقتنع أن ابنى (اتفرم) فى أمن الدولة، وممكن كمان يكون مات، دول ناس مالهمش قلب، وقادرين يفرموا أى شخص».

ويحكى أسامة سليمان أن ضباط أمن الدولة كانوا يترددون عليه كثيراً، وتعرض أكثر من مرة للاعتقال بسبب ذهابه إلى المسجد، «كانوا بيتبعوا معايا أساليب سيئة فى التحقيق وفى الحبس، فأنا حاسس إن أمن الدولة أخذوه وقتلوه».

بعينان تدمعان، يكمل أسامة: «البلد دى مفيهاش تغيير ومش هيحصل فيها أى تغيير، أنا مستعد أقدم نفسى وعيالى التانيين حتى يحدث أى تغيير فى البلد دى، مش عاوز أحس إن ابنى راح هدر، أنا مش لاقى أى خيط ألاقى بيه ابنى، دورت فى كل حتة وقدمت بلاغات إلى الرئيس مرسى فى قصر القبة بأن ابنى مفقود وعايزه يهتم بملف المفقودين ولكن محدش جابلى ابنى.. كله كلام مبناخدش إلا الكلام من الناس دى ومحدش فى الحكومة عمل لنا أى حاجة عشان يرجع عيالنا».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية