x

المفتي في مقال لـ«تايمز»: الإسلام يرفض فكرة صراع الحضارات .. والغرب استفاد من الحضارة الإسلامية

الأحد 25-07-2010 10:27 | كتب: أحمد البحيري |

أكد الدكتور «علي جمعة» مفتى الجمهورية، أن الإسلام يدعو دائماً إلى تعاون الحضارات وتكاتفها لتحقيق الخير لكل البشرية، ويرفض فكرة صراعها والأقاويل التي تدعي تصادمها.

وقال جمعة فى مقاله المنشور  في صحيفة «تايمز» البريطانية، "الحضارة الغربية الحديثة استفادت من الحضارة الإسلامية الشيء الكثير، والعكس بالعكس، وإذا كنا نرى بعض الشخصيات الغربية التي تعمل على تشويه الإسلام والافتراء عليه، يقوم البعض الآخر أيضاً  برفض الغرب كلية، إلا أننا نجد أن هناك من أبناء الحضارتين قامات وشخصيات تتسم بالموضوعية والحياد والإنصاف في عرض حقائق عالمنا المتعدد‏ ، تلك الأصوات المعتدلة هي التي تضيئ شعلة نشاطنا نحو بناء عالم من التعايش السلمي.

وأضاف جمعة ، " إن الرؤية التي تميَّز بها الإسلام رؤية متكاملة للكون تدعو الإنسان إلىٰ المحافظة عليه وحسنِ الانتفاع بما فيه من موارد ، وطالما أن الكون يُسَبِّحُ رَبَّه ويَحمَد خالِقَه عز وجل، فإن أيَّ اعتداء عليه أو تصرُّف فيه بغير حق يُعَدُّ عَبَثًا وطُغْيانًا يؤدي حتمًا إلىٰ الفساد، وينبغي أن يُجَرَّمَ صاحبُهُ؛ لأن أيَّ اعتداءٍ علىٰ الكَوْنِ يُعَدُّ اعتداءً علىٰ حق الإنسان في الحياة. والمسلم بهذا التصَوُّر يحترِم جميعَ المخلوقات أصغرِها وأعظمِها؛ لأنه يراعي فيها عظمةَ مُوْجِدِها ومُدَبِّرِها، وقدرةَ من تَعَبَّدَهَا بالتسبيح والسجود".

وقال جمعة، إن من أبرز المنصفين فى الحضارة الغربية فى الوقت الراهن  الأمير «تشارلز» أمير ويلز وولي عهد المملكة المتحدة،"الذي لا يزال يؤكد أن الحضارة المعاصرة ليست نتاج حضارة كبيرة واحدة، ولكنها تراكم حضارات عديدة لها نفس الحجم والشأن الرفيع ، أسهم فيها آخرون"، معتبراً أن "خطابه الأخير عن الإسلام والبيئة خير شاهد على الطبيعة التعاونية التي تربط بين الحضارتين"، منوهاً إلى أنه يدعو إلى "استرجاع الإسهامات الكبيرة التي قدمتها ولا تزال تقدمها الحضارتين العربية والإسلامية للغرب".

وأوضح أن " الأمير تشارلز كان ولا يزال من أهم مؤيدي تعزيز أواصر التعايش والإخاء بين أتباع الديانات المختلفة، وجهوده لمد الجسور بين العالمين الغربي والإسلامي جديرة بالإشارة في هذا الصدد، وهو الآن يعمل على نشر مجموعة من خطاباته بالعربية تحت عنوان:"الأمير تشارلز يتحدث"، ضمنها مقدمة تدعو إلى تضافر جهود اصحاب الحضارات في عصر هيمنت عليه فكرة صراع الحضارات.

وأضاف، إن نقطة البدء في التعامل مع الخلق، وبالتالي مع الطبيعة،- وفقاً للتصور الإسلامي- هي العلاقة التي يتعين وجودها بيننا نحن البشر وضواحينا، وهو مستوىٰ رفيعٌ يَزيد علىٰ مستوىٰ المحافظة والتنمية، فالإسلام وَجَّهَ الإنسانَ إلىٰ إنشاء عَلاقة بينه وبين غيره من المخلوقات فيها مشاركةٌ وحَنِين وشوق، فالكـون في المنظور الإسلامي طائع للّٰه يُسَبِّحُ ويسجد، يحب المطيعين ويبكي رحيلَهم عن الدنيا، ويبغض العاصين الكافرين ولا يبالي بزوالهم وهلاكهم؛ وذلك لأن المطيعين متناغمون متشاركون معه في أداء السجود والتسبيح، أما الآخرون فهم معاندون متنافرون مع كل ما يحيط بهم.

وأكد جمعة ان  تجاهل حقيقة احتياجاتنا الروحية يؤدى إلى خواء عميق ينعكس في النهاية على الطبيعة ويؤثر فيها تأثيراً حاداً ، وأنه إذا تجاهلنا نداء الروح ، ونسينا أننا جزء من الطبيعة فإننا في الحقيقة نحدث فيها تدميراً هائلاً .

واختتم مفتى الجمهورية مقاله قائلاً، "وهكذا نجد أن الأزمة البيئية شأن مشترك يستلزم حلاً مشتركاً، وإذا كان الكثيرون لم يعودوا يؤمنوا بما للدين من دور فإن رؤية الإسلام للبيئة من القوة بحيث يمكن أن تجمعنا، عن طريق وضع الحفاظ على موارد الطبيعة الثرَّة فوق كل اعتبار، ومن ثم يمكن للحضارات، مستفيدة من بعضها البعض، أن تبني في نهاية المطاف جسورا أكثر قوة من التفاهم والتعايش".

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية