x

شيخ الأزهر لـ«نواب الشعب»: انسوا انتماءاتكم الحزبية والفكرية ومصالحكم الشخصية

الأحد 22-01-2012 17:48 | كتب: أحمد البحيري |
تصوير : محمد هشام

دعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، نواب برلمان الثورة الذى يبدأ أعماله  الإثنين إلى تذكر الفقراء والمهمشين وشهداء ثورة 25 يناير، وأن يتمسكوا بسماحة المصريين المعتدلين بفطرتهم وبالإخاء الوطنى، وأن ينسوا كل انتماءاتهم الحزبية والفكرية ومصالحهم الشخصية، مؤكدا أن «الشعب الثائر» هو الرقيب عليهم بعد الله تعالى. وقال شيخ الأزهر، فى المؤتمر الصحفى الذى عقده فى مقر مشيخة الأزهر الأحد ، لتوجيه كلمة إلى نواب «برلمان الثورة»: أوصيكم - أيها النواب المحترمون - أن تذكروا أن كلاً منكم يمثل الآن الشعب المصرى كله ومصر بأسرها وليس الدائرةَ التى جاء منها فحسب، وأن تذكروا الشهداء من شبابنا الذين ضَحَّوا بحياتهم، فكنتم أنتم فى هذا المكــــــان، لتحملوا عنهم أمانات الثـــورة وتحققــوا أهدافهــا التى لابـد أن تُستكمل، وتضيئوا شعلتها التى لا تنطفئ بعد اليوم بإذن الله». وأضاف: «كما أدعوكم أن تذكروا الفقراء والمهمشين والمحرومين والمظلومين، وسكان المقابر والعشوائيات، من رجال مصر ونسائها وأطفالها، الذين يتطلعون للعدل والإنصاف والكرامة الإنسانية، وأن تذكروا دومًا شرف هذا الوطن الذى أكده القرآن الكريم والكتب السماوية، وانتماءه للأمة العربية انتماء الدم والثقافة واللسان، والتاريخِ والمصير والمصالح والكيان». 

كما دعا شيخ الأزهر نواب مجلس الشعب إلى التمسك بسماحة المصريين المعتدلين بفطرتهم، وبالإخاء الوطنى، وطهارة الذمة وعلوّ الهمة، وتجرُّد المجاهدين، واستقامة الصادقين، وأن يتذكروا دائما انتماءنا إلى الشعوب الأفريقية والآسيوية التى نحن منها وهى منا، وإليها تتطلع أنظار العالم كله، وهى تأخذ بيدها مقاليدَ أمورها، وتقرر بإرادتها قرار مصيرها، وفى القلب منها العالم الإسلامى الذى يموج بالتوجه الديمقراطى، عائدًا إلى جوهره الحضارى، واعيًا بمسؤوليته نحو الإنسانية، نابذًا للعنصرية والطائفية، ورافضًا للخضوع والتبعية.

وطالب شيخ الأزهر النواب بالاهتمام بقضية التعليم، قائلا: «إن التعليم الذى تدهور وانهار هو نافذتنا الوحيدة إلى المستقبل المنشود، وإن الاقتصاد المتين هو عصب الحياة، ومرتكز القوة السياسية والعسكرية فى كل نهضة شاملة، وإننا - بعد تخلف طويل وأداء هزيل - مضطرون فورًا إلى إعلان الحرب على المرض والفقر، والجهل والأُمية، مع السهر على التخطيط لتنميةٍ شاملة طموح تضع مصر فى المكان اللائق بها وبمواردها وثرواتها الطبيعية والبشرية. وفى هذه الخطط التنموية أَوْلوا عناية خاصة لمسؤولياتنا نحو الأهل والتاريخ والأرض والوطن فى سيناء وأسوان والوادى الجديد».  

ولم ينس «الطيب» أن يدعو أعضاء مجلس الشعب إلى تذكر الشعب الفلسطينى دائما، قائلا: «أدعوكم أن تذكروا - على الأخص- الشعب المظلوم المحاصر، على حدودنا الشرقية، شعبَ فلسطين، الأمينَ على مقدساتنا جميعًا مسلمين ومسيحيين». وأكد «الطيب» أن «الفقر أخطر الآفات التى تصيب المجتمعات، ومبعث الرذائل والأمراض الاجتماعية، استعاذ منه النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون»، مضيفا: «رحم الله أبا الحسن الذى قال: (لو تمثل لى الفقر رجلاً لقتلته) فطاردوه بموارد مصر الغنية، وتنميتها الذاتية وبمحاربة الفساد، والمحسوبية، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وكلكم - بفضل الله تعالى - متدينون، مسلمين كنتم أو مسيحيين، وفضائل الدين وشرائعه لا تزدهر ولا تنمو إلَّا فى وسط من الكفاية والحرية والكرامة، فهذه مصر وهذا تاريخها».

كما طالب شيخ الأزهر الأعضاء بأن ينسوا انتماءاتهم الحزبيـة والفكريـة والفئويـة والمحلية، قائلا: «احذروها أن تفرقكم وتبدد شمـلكم (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، واجعلوا التوافق الوطنى نصب أعينكم كلما حزبكم أمر من الأمور».ودعاهم إلى نسيان مواريث الماضى ومعاناته إلا ليغيروها، ويصلحوا فسادها، وقال: «أدعوكم أن تنسوا ذواتكم ومصالحكم الشخصية، فقد تقدمتم لحمل دور وطنى ثقيل، وجئتم فى مرحلة تاريخية فارقة دقيقة وحساسة، لا تحتمــل إلا البذل والتضحية، والتجرد والإخلاص، وطهارة اليد وعفة اللسان، واعلموا - أيها الإخوة - أن شعب مصر، بعد ثورته، ينتظر منكم أداءً برلمانيًا رفيع المستوى: نزاهة وكفاءة ووطنية. وحرصًا على مصالح الأمة كلِّها».

وطالب «الطيب» النواب بـ«عدم انتظار العون إلا من الله سبحانه وتعالى، حافظِ الكنانة بما يحفظ به عباده الصالحين، وألا يعوِّلوا فى بنـــاء مستقــبل الوطـن إلَّا على ســواعد المصريين وطاقاتهم وإبداعاتهم، وألا يحملنهم ذلك على بغــض أحدٍ أو معاداته أو التنكر له، فمصرُ مُفتحة الأبواب على الجميع شرقًا وغربًا».

وأكد «الطيب» أن الشعب الثائر هو بعد الله سبحانه وتعالى - الرقيب والمحاسب، ولن يملك أحد خداعه أو تزييف وعيه بعد اليوم، مشيرا إلى أنهم ليسوا فقط أعضاءً ممثلين للشعب فى أول مجلس نيابى بعد ثورته المباركة، بل أعضاء لأول مجلس نيابى نابع من إرادته الشعبية، منذ نصفِ قــــرن أو يزيد من تاريخنا المعاصر. واختتم «الطيب» كلمته قائلا: «أيها الإخوة: إن الأزهر الشريف وعلماءه ودعاته وأبناءه إذ يهنئون الشعب المصرى ببرلمانه الجديد يتوجهون إلى الله تعالى أن يكلأ بعنايته ورعايته أرض الكنانة وممثلى شعبها العظيم، «اللهم إنَّا نسألك لمَّ الشمل وجمع الكلمة ونسألك نهضة مباركة تضع مصر فى مكانها اللائق بها وبشعبها وبتاريخها، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية