كشف كتاب صدر مؤخراً أن أعضاء بارزين بالقيادة العسكرية للدكتاتور الأسباني «فرانسيسكو فرانكو» سعوا لدعم نظام النازية خلال الحرب العالمية الثانية، من خلال تسريب وثائق سرية بريطانية دون أن يعلموا أنها مزورة.
هذا هو ما يؤكده الكاتب والصحفي «بن ماسينتاير»، مؤلف كتاب «عملية مينسميت» الذي يشير فيه لأول مرة إلى أن قادة نظام فرانكو خرقوا الحيادية الأسبانية المعلنة خلال الحرب العالمية الثانية لمساعدة ألمانيا النازية.
ويضم الكتاب الذي نشرت صحيفة (التايمز) الانجليزية جزء منه اليوم، تفاصيل حول خطة دبرتها الاستخبارات البريطانية لإيهام الألمان أن الحلفاء على وشك القيام بغزو اليونان وسردينيا بدلا من جزيرة صقلية.
وتضمنت تفاصيل الخطة ظهور جثة كولونيل بريطاني وهمي يدعى «وليام مارتن» وهي تطفو على مياه جنوب أسبانيا وفوقها حقيبة بها وثائق مزيفة تضم معلومات عن "الغزو" الوهمي، في حين أن الجثة كان تنتمي لمتشرد بريطاني يدعى «ولشمان جليندور» وقامت الاستخبارات البريطانية بإلقائها في مياه البحر عمداً قبالة سواحل مدينة «ويلبا» الأسبانية في 30 أبريل 1943.
وبعدها بساعات قام صياد شاب بانتشال الجثة وسحبها على البر حيث دفنت في المدينة، ونجح الكولونيل الأسباني «خوسيه لوبيث بارون ثيروتي»، الشرطي السري البارز في عهد «فرانكو»، والمجاهر بتأييده للنازية، في اقتفاء أثر الحقيبة و تسليمها إلى العقيد «رامون باردو سوارث»، العضو بقيادة أركان الجيش الأسباني، الذي سلمها بدوره للألمان.
ويذكر الكتاب أن النازيين تلقوا مساعدات أيضا من الأدميرال «سلبادور مورينو» وزير البحرية، و«فرانسيسكو جوميث خوردانا اي سوثا» وزير الخارجية، اللذان ساهما في التحقق من صحة الوثائق.
وتم تصوير تلك الوثائق في السفارة الألمانية قبل أن يقوم خبراء فنيون أسبان بإعادة إدخالها في الأظرف التي كانت بداخلها، وإغلاقها كما لو كانت لم تمس، ثم إلقائها مجدداً في المياه المالحة لمدة 24 ساعة قبل تسليمها للبريطانيين، وإدعاء عدم الاقتراب منها.
ويشير المؤلف «ماسينتاير» إلى أن الأدميرال «ألفونسو أرياجو آدم» رئيس أركان الأسطول البحري، كان المكلف بتسليم الحقيبة بنفسه في السفارة البريطانية بمدريد.
وفي تصريحات للتايمز، أكد المؤرخ الأسباني «جابرييل كاردونا»، أنه يعتقد أن مساعدة القادة العسكريين الأسبان للنازية تمت بأوامر مباشرة من «فرانكو»، وقال إنه على يقين من أن الديكتاتور الأسباني رأى الوثائق لأن أفراد القيادة العسكرية كانوا يعتبرونه بمثابة "إله" ولم تكن لديهم الجرأة على اتخاذ تلك الإجراءات دون علمه، وأوضح المؤرخ الأسباني أن الصلات كانت قوية بين نظام «فرانكو» والنازية حيث أن الديكتاتور كان من أشد المعجبين بالأيديولوجية النازية بينما كان يكره البريطانيين والفرنسيين، كذلك أضاف أن «فرانكو» قام بتغيير زي الجيش الأسباني في 1943 ليصبح مشابها لزي الجيش الألماني، كما أنه ساعد نازيين على الهرب بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية.
ويشار إلى أن العقيد الأسباني الذي قام بتسليم الوثائق للألمان، وفقا لرواية الكتاب وهو «باردو سوارث» ترقى في نظام فرانكو وحصل على لقب جنرال وعين حاكماً لمستعمرة إقليم الصحراء الأسبانية، وعين في منصب المدير العام لوزارة الصحة العامة.
ويضيف الكتاب أن الاستخبارات البريطانية لم تعلم هوية من قام بتسريب المعلومات إلى الجانب الألماني حتى أبريل 1945 عندما قامت مجموعة من "الكوماندوز" بالاستخبارات البحرية البريطانية بالاستحواذ على وثائق أرشيفية تخص الأسطول الألماني في قصر «تومباخ» بالقرب من مدينة «كوبورج»، وتضمنت معلومات عن عملية «مينس ميت» البريطانية، فضلاً عن هوية القادة الأسبان المتورطين في دعم النازية.