تظاهر عشرات آلاف الطلاب في العاصمة الجزائرية وعدة مدن، الثلاثاء، للأسبوع العاشر على التوالى، مطالبين مجددا برحيل رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، ومحاكمتهم، بالتزامن مع استماع النيابة العامة، أمس، إلى شهادة رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى في اتهامات بالفساد وتبديد أموال عامة.
ونقلت قناة «النهار» التليفزيونية عن رئيس أركان الجيش الجزائرى الفريق أحمد قايد صالح قوله، أمس، إنه سيتم الكشف عن ملفات فساد كبيرة ضمن المساعى المستمرة لمحاربة الكسب غير المشروع.
وأكد الطلاب المحتجون في العاصمة أنهم «سيتظاهرون حتى رحيل» كافة رموز النظام، وأولهم الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوى، ورفع الطلاب لافتات ضخمة كتبوا عليها: «دعونا نبنى دولة القانون»، ورددوا هتافات: «أويحيى إلى الحراش» في إشارة إلى سجن الحراش بضواحى العاصمة الجزائرية، الذي أودع فيه مؤخرا العديد من رجال الأعمال المحسوبين على نظام بوتفليقة، وفى تيزى أوزو، بمنطقة القبائل شرق العاصمة، تظاهر بضعة آلاف من الطلاب، كما خرج الطلاب في مظاهرات مماثلة في قسنطينية، ثالث أكبر مدن البلاد، ووولايتى بجاية والبويرة بمنطقة القبايل، بحسب ما ذكر موقع «كل شى عن الجزائر»، الإخبارى، والتف معظم المحتجين بالعلم الوطنى الجزائرى.
وجاء ذلك بينما أعلن التليفزيون الجزائرى الحكومى أن النيابة العامة استجوبت أحمد أويحيى، الذي أقيل من منصبه في مارس الماضى، في محاولة تهدئة حركة الاحتجاج غير المسبوقة ضد النظام، في ملفات «تبديد أموال عامة وامتيازات غير مشروعة»، ووصل أويحيى، الذي شغل منصب رئيس الحكومة 4 مرات منذ 1996، بينها 3 مرات في عهد بوتفليقة إلى المحكمة، وقال التليفزيون إن «أويحيى مثل أمام وكيل الجمهورية لمحكمة سيدى أمحمد في قضايا تبديد المال العام وامتيازات غير مشروعة».
وكانت النيابة العامة استجوبت، أمس الأول، وزير المالية، الحاكم السابق للمصرف المركزى محمد لوكال، الذي غادر المحكمة حرّا، ويعتبر «لوكال» أول مسؤول حكومى في منصبه يتم الاستماع إليه من قبل القضاء منذ إعلان فتح التحقيقات حول قضايا الفساد.
وكان القضاء الجزائرى أعلن، في 20 إبريل الماضى، أنه استدعى لوكال وأويحيى دون أن يوضح ما إذا كان يريد الاستماع إليهما كشاهدين أو كمشتبه بهما، ومنذ أن تنحى بوتفليقة، تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة، فتح القضاء الجزائرى سلسلة تحقيقات في قضايا فساد ضد رجال أعمال نافذين ومسؤولين كبار في الدولة، واستجوب القضاء، المدير العام للأمن الوطنى السابق عبدالغنى هامل، الذي كان يتمتع بنفوذ كبير، وأقيل في يونيو 2018، كما استمع إلى ابنه في محكمة تيبازة، بحسب التليفزيون الحكومى، فقد غادر هامل ونجله قاعة المحكمة، وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية أن «المدير العام السابق للأمن الوطنى، اللواء هامل، دخل بمفرده»، مشيرة إلى أنه غادر المحكمة «دون أن توجه له أي تهمة»، وتقول وسائل إعلام جزائرية إن «هامل» وابنه يواجهان «تهماً تتعلق بأنشطة غير مشروعة واستغلال النفوذ ونهب العقار واستغلال الوظيفة»، كما يواجهان في قضية أخرى تتعلق بمحاولة إدخال 700 كيلو جرام من الكوكايين، في نهاية مايو 2018، في ميناء وهران غرب العاصمة، قبل أن يصادرها الجيش في البحر.
ومنذ بداية حركة الاحتجاجات، في 22 فبراير الماضى، يندد المتظاهرون الذين لا يزالون يطالبون برحيل «النظام» الحاكم، بالعلاقات المشبوهة بين رئاسة بوتفليقة ومجموعة رجال أعمال أحاطو به جمعوا ثرواتهم بفضل عقود عامة ضخمة، وكانت البداية مطلع إبريل الجارى باعتقال الرئيس السابق لمنتدى رجال الأعمال الجزائرى على حدّاد، وهو رجل أعمال ثرى مقرّب من عائلة بوتفليقة، أثناء محاولته مغادرة الجزائر إلى تونس برّاً بكمية من الأموال، وهو حاليا رهن الحبس المؤقت، كما وضعت السلطات رهن الحبس المؤقت 3 رجال أعمال، هم: كريم ونوح طارق ورضا الذين يطلق عليهم لقب «الإخوة كونيناف»، وهم أشقاء من عائلة مقربة من بوتفليقة، وأعاد القضاء فتح ملف الفساد في مجموعة «سوناطراك» للنفط والغاز المملوكة للدولة باستدعاء وزير النفط الأسبق شكيب خليل، للتحقيق معه، وكان خليل ملاحقا في الجزائر في قضايا فساد، بينما غادر إلى الولايات المتحدة بين 2013 و2016، وعاد بعد أن توقفت ملاحقته، ووضع القضاء رجل الأعمال القوى يسعد ربراب، المدير التنفيذى لمجموعة «سيفيتال»، وصاحب أكبر ثروة في البلاد، في الحبس، وهو المعروف بعلاقاته التي شهدت توترات وخلافات مع الرئاسة في عهد بوتفليقة، وأثار سجنه الشكوك لدى المحتجين حول الأهداف الحقيقية لفتح هذه التحقيقات.