بدأ عشرات آلاف الطلاب الجزائريين تظاهرة جديدة، الثلاثاء، في وسط العاصمة الجزائرية، وعدة ولايات أخرى، للمطالبة برحيل رموز «نظام» الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، ومحاسبة «العصابة»، غداة حبس 5 من رجال الأعمال في البلاد، وردد المحتجون هتافات «إرحل»، وبدأوا التجمع في ساحة البريد المركزى، واحتلوا الشوارع المحيطة بها وخصوصا شارع ديدوش مراد حيث تقع جامعة الجزائر.
وابتعدت شاحنات الشرطة عن موقع التظاهرة وتمركزت على الطرق المؤدية إلى مقر البرلمان على بعد 500 متر، دون تدخل.
وتحت شعار «يا احنا يانتوما ارحلى يا حكومة»، أي «إما نحن وإما أنتم على الحكومة أن ترحل» سار الطلاب بشكل منظم بحسب اختصاصاتهم، وردد المتظاهرون هتافات: «عصابة يا عصابة جاء وقت المحاسبة»، وارتدى طلاب الهندسة المعمارية قبعات بيضاء، ووضع زملاؤهم في الهندسة المدنية قبعات صفراء، رافعين لافتة كبيرة كتبوا عليها بالفرنسية «لنبن جزائر جديدة»، أما طلاب الطب والصيدلة فارتدوا معاطفهم البيضاء وساروا تتقدمهم لافتة «الصيادلة ضد هذا النظام المتعفن».
ورفض الطلاب إجراء الانتخابات الرئاسية التي دعا إليها رئيس الدولة الانتقالى عبدالقادر بن صالح في 4 يوليو المقبل، وطالبوا برحيله ورحيل رئيس حكومة تسيير الأعمال نور الدين بدوى، ورئيس البرلمان معاذ بوشارب، فيما يعرف بـ«الباءات الأربعة»، بعد استقالة رئيس المجلس الدستورى عبدالعزيز بلعيز الأسبوع الماضى، وقالت الطالبة صفية21 سنة: «نحن نحو مليونى طالب ولن نشارك في الانتخابات».
وشهدت اجتماعات حزب جبهة التحرير الوطنى الحاكم، خلال عهد بوتفليقة، خلافات حادة بين أعضائه، أمس، وقرر نواب الحزب انتخاب أمين عام جديد والإطاحة بمنسق القيادة معاذ بوشارب، ولم يستطع أعضاء اللجنة الجلوس، بسبب الأجواء المشحونة والمناوشات بين أعضائها وما تبعه من فوضى عارمة، ورغم محاولات التهدئة التي قادها القيادى أحمد بومهدى لإقناع الحضور بالجلوس، إلا أن كل محاولاته لساعات باءت بالفشل، وقدم وزير الشباب والرياضة السابق، عبدالقادر خمرى، استقالته من اللجنة المركزية للحزب، وقال إن الانتفاضة الشعبية أثبتت حجم القطيعة بين الحزب والمجتمع، وأن مصير حزب جبهة التحرير أصبح في يد الشعب، مؤكدا «أن ما عشناه من اختراق القانون ومن عار من خلال حل اللجنة المركزية يجعلنى في موقف لا يسمح لى بتحمل حجم هذه القطيعة مع المناضلين والمناضلات»، وندّد الوزير السابق بالوضع المزرى، وقال إن الحزب يواجه مسارًا عسيرًا نتيجة تراكمات مشينة عشناها على مدى عشرية كاملة، فيما قال رئيس الأركان الجزائرى، الفريق أحمد قايد صالح، أمس: «أود أن أطمئن الشعب وأؤكد أن الجيش سيواصل مرافقته بنفس العزيمة والإصرار، وفقا لاستراتيجية مدروسة، حتى تحقيق تطلعاته المشروعة».
وتأتى الاحتجاجات الطلابية كل يوم ثلاث بجانب المسيرات الحاشدة كل يوم جمعة للمطالبة برحيل رموز نظام بوتفليقة أو من بات يطلق عليهم المحتجون وصف «العصابة»، فيما ذكر التليفزيون الجزائرى، أمس، أنه تم إيداع رجل الأعمال رئيس ومدير عام مجموعة «سيفيتال» يسعد ربراب، أغنى رجل في الجزائر، السجن إثر مثوله أمام النيابة في إطار تحقيق يتصل بمكافحة الفساد.
وذكر التلفزيون الرسمى أنه تم توقيف ربراب، 74 عاما، «للاشتباه بتورطه في التصريح الكاذب المتعلق بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج»، إضافة إلى «شبهة بتضخيم فواتير استيراد عتاد مستعمل رغم استفادته من امتيازات مصرفية وجمركية وضريبية»، وتوظف «سيفيتال» 12 ألف شخص وتعمل في الإلكترونيات والفولاذ والأغذية، وكانت الشرطة اعتقلت 4 رجال أعمال من عائلة «كونيناف» ذات النفوذ الواسع والمرتبطة ببوتفليقة.
وقال عضو مجلس الأمة عن حزب جبهة التحرير الوطنى الجزائرى عبدالوهاب بن زعيم، إن لقاء الرئاسة التشاورى، طرح فكرة تأجيل الانتخابات في 4 يوليو المقبل، موضحا أن قرار التأجيل قد يُتخذ إذا لم تسمح الظروف بذلك.