x

ألم وقلم: ١٥ عام زواج ولا أشعر بالسعادة

الأربعاء 30-01-2019 22:10 | كتب: أحلام علاوي |

عزيزتى المحررة:

أنا فتاة ريفية، نشأت فى أسرة كل أفرادها ريفيون، سواء من بلغ منهم قسطا متوسطا من التعليم، أو حتى وصل إلى منتهاه. فلدى شقيقة واحدة وأربعة أشقاء بنين. وجميعهم منذ الصغر وهم يعملون فى الحقول لدى الغير، لأننا لا نملك أرضا خاصة بنا. حصلت على قسط بسيط من التعليم، فأبى وأمى لم يكونا مهتمين بذلك، وفقا للنشئة والعادات الريفية القديمة بأن البنت «مالهاش غير بيت جوزها». لم أتجاوز بعض الصفوف الابتدائية فى التعليم، لكنها مكنتنى من القراءة والكتابة وحفظ بعض سور القرآن الكريم. حينما أتممت السابعة عشر عاما، جاءنا جار لنا، ليأخذ موافقة أبى على عريس يريد خطبتى. لكنه من بلدة أخرى، لذلك اتخذه وسيطا قبل أن يأتينا برفقة أهله. فوافق أبى قائلا «خلينا نشوفه والبت تشوفه وبعدين نقرر». وتم تحديد موعد زيارة العريس وأهله، لنا يوم الخميس وكان ذلك فى صيف عام 2003. وبالفعل حضروا فى الموعد المحدد لهم، وهم العريس وأبواه، وأخو العريس. لمحته خلسة من وراء باب غرفة الضيوف، الذى قام أبى لقفله، لكنه لم يحكم قفله، وظل مواربا، وكأنها إشارة بأن الخطبة ستتم، وسأعبر إلى حياة جديدة. كان شابا هادئ الملامح، وشعره ناعما شديد السواد، ذا وجه مريح، من يراه لأول وهلة يعتقد أنه يعرفه، أو رآه من قبل. شعرت بالراحة تجاهه، وقررت بينى وبين نفسى، عندما ينادينى أبى ليأخذ رأيى، القبول به. ومر وقت ليس بالقليل، وأنا أنتظر صوت أبى مناديا لى. إلى أن أذن لى بالدخول والسلام عليهم، وهو من بينهم. لكننى فوجئت بأنه لا يرد على التحية، مما أثار دهشتى، التى قطعها أبى قائلا «لا يسمع ولا يتكلم» إنه من الصم والبكم، لكنه متعلم وحاصل على ما يعادل المؤهل المتوسط. فجلست ناظرة إليه، وأنا أقول لنفسى سبحان الله، «الحلو ما بيكملش» وقطع صوت والدته شرودى وهى تمدحنى، بسم الله ما شاء الله عروستنا قمر، وإن شاء الله تبقى حياتكما كلها سعادة. استأذن منهم أبى، فرصة يومين للرد عليهم. جلس معى هو وأمى ليعطيانى كل المعلومات عنه، ولمحت فى نبرة صوتهما موافقتهما المبدئية عليه. فهو يكبرنى بثلاث سنوات فقط، ولديه شقة فى منزل والده، جهزها له بكل شىء. وله أخ واحد، وأخت واحدة لكنها متزوجة وتعيش مع زوجها فى دولة عربية. حتى الشبكة، اشتراها له والده، ولن يكلفنا شيئا فى الجهاز، سوى بعض أدوات المطبخ البسيطة جدا فى ذلك الوقت، والتى كانت موجودة لدى، كعادة الأمهات الريفيات التى تجهز لابنتها وهى «فى اللفة». فقد كان من وجهة نظر أسرتى عريس «لقطة». فقلت لهم وكيف سأتعامل معه؟ فأخبرانى بأنه يفهم بالإشارة جيدا، ولا يتعامل حتى مع أهله بلغة الإشارة التى تعلمها ويجيدها، لأن أهله لا يجيدونها. لأنه الوحيد بين شقيقيه، على هذه الحالة. وعلمت أن زميلات له بالدراسة كن يحببنه، ويذهبن لزيارته فى المنزل، ومنهن من كانت تريد الزواج منه. تعاملت معه فى فترة الخطوبة التى لم تطل، ووجدتنى أفهمه وأتجاوب معه. بل شعرت بارتياح شديد تجاهه. بتاريخ 21/7/2003 تزوجنا وغلبت حنيته وكرمه معى. «عيبه» ورزقنا الله بأربعة أبناء. جميعهم يتحدثون ويسمعون جيدا والحمد لله. ستسأليننى، أين المشكلة إذن؟ المشكلة أننى منذ بداية زواجنا وحتى بعد مرور 15 عاما علينا، وأنا أشعر بشىء ينقصنى لتكتمل سعادتى. فأنا أريد من يحادثنى دون إشارة. من يسمعنى كلمة إطراء، تطيب بها أذنى ونفسى. أحتاج لأعبر عن مشاعرى شفاهية. بل ستصدقينى إن قلت، إننى أحيانا أحتاج لمن ينهرنى ويملأ صوته المكان. كنت أغير من زوجة أخيه، وأحسدها على زوجها. كان أى مشهد رومانسى فى المسلسلات، يصيبنى بالحسرة، وأغضب من زوجى، وأعزف عن الحديث معه، لمللى من التحدث بالإشارة. فكيف أتخلص من ذلك؟

«ف. ع»- الشرقية

المحررة: أيتها الزوجة الفاضلة. أنت طيبة الأصل، وتحبين زوجك. وكل ما يدور بداخلك من أفكار، ما هى إلا وساوس الشيطان، الذى يريد أن يصرفك عن كل النعم التى منَّ بها الله عليك. ويجعل كل تركيزك فى شىء واحد فقط، ترينه «عيبا» للأسف كما وصفتيه، وهو ليس بذلك. لأن الله لا يخلق «عيبا» لكنها مشيئته التى لا اعتراض عليها، ولها حكمة لا يعلمها إلا هو. لكن العيب من صنع البشر. وأنت وافقت عليه بمشيئتك، دون إجبار من أحد. فزوجك أيتها الزوجة الفاضلة، وفقا لوصفك أقرب إلى الرجل المثالى، الذى ربما يكون فتى أحلام كثير من الفتيات. وبالعشرة اكتشفت جمال خُلقه، أيضا على حد قولك. حيث يتمتع بصفات جميلة مثل الحنية، الكرم، يحبك، ويقضى كل وقته معك ومع أبنائكما. فبالله عليكى، أجيبى أنت على نفسك. ماذا تريد أية زوجة من زوجها أكثر من ذلك؟ وأما عن غيرتك وحسدك لأخيه وزوجته، أو أية امرأة أخرى، فجاهدى نفسك للإقلاع عن ذلك. فما أدراكى أنه يعاملها جيدا كما يعاملك زوجك، فلا تحكمى بمجرد الظاهر أمامك. بل ربما تكونين أنت من فى موقع الحسد. ألم يخطر ببالك، ماذا لو تزوجت بغيره يتحدث ويتكلم، لكنه سليط اللسان. أو يحجر على كل آرائك ويسفه منها. وإن كان غير ذاك وذلك، فيكون غير مهتم بك ويقضى معظم أوقاته على المقاهى مع أصحابه، أو بخيلا؟ ختاما.. صدقينى أنت امرأة طيبة وعلى خلق. ولهذا أكرمك الله وكافأك بهذا الزوج الطيب. فحافظى عليه وعلى بيتك، وعلى أبنائك. واذكرى الله كثيرا، وادعوه بأن يعينك على التخلص من تلك الأوهام. واخلقى جوا من الألفة والود بينك وبين زوجك، فالعواطف الصادقة تصل من القلب إلى القلب مباشرة، ولا تحتاج إلى سمع أو كلام.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية