x

معركة «تكسير العظام» الطائفية تشتعل بين معسكرى «المالكى» و«علاوى» فى العراق

الأربعاء 21-12-2011 18:07 | كتب: غادة حمدي, وكالات |
تصوير : رويترز

أكملت الحكومة العراقية عامها الأول فى الحكم الاربعاء، وسط اضطراب سياسى متصاعد دفع واشنطن إلى دعوة قادة البلاد للتحاور، بهدف إيجاد حل للأزمة التى تعصف بالبلاد الخارجة حديثاً من ظل الوجود العسكرى الأمريكى، فيما بدأت بوادر تصدع اتفاق تقاسم السلطة الهش فى العراق تظهر على السطح، مع تهديد رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى «شيعى» الاربعاء باستبدال الوزراء المنتمين إلى ائتلاف «العراقية» «سنة»، إذا واصلوا مقاطعة اجتماعات الحكومة، ملمحاً إلى إمكانية تشكيل حكومة «أغلبية سياسية».

وبعدما اتخذ ائتلاف «العراقية» «82 نائبا من أصل 325»، الذى يقوده رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوى، قراراً فى وقت سابق بمقاطعة جلسات الحكومة «9 وزراء من بين 31» وجلسات البرلمان، قال المالكى فى مؤتمر صحفى فى بغداد الاربعاء إنه «ليس من حق الوزير أن يقاطع جلسات الحكومة، لأنه سيعتبر مستقيلاً»، مهدداً باستبدال وزراء الائتلاف، إذا واصلوا مقاطعة الحكومة، ما ينذر بانهيار اتفاق تقسام السلطة الهش، الذى تم التوصل إليه العام الماضى برعاية أمريكية، وعكس تقاسماً للصلاحيات والرئاسات الثلاث بين الطوائف والاثنيات. واعتبر المالكى أن «مبدأ التوافق، الذى كنا بحاجة إليه» فى الأعوام الماضية «انتهى الآن»، داعياً إلى عقد اجتماع موسع «فى الأيام المقبلة» لبحث الأزمة المستجدة التى انزلقت إليها البلاد بعد الانسحاب العسكرى الأمريكى. وقال: «إذا لم ننجح فى التوصل إلى صيغة تفاهم، فسنتجه إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية».

ودعا المالكى، من ناحية أخرى، الحكومة المحلية فى إقليم كردستان إلى «تسليم» نائب الرئيس العراقى طارق الهاشمى «سنى منتم للقائمة العراقية» إلى القضاء، وذلك بعد صدور مذكرتى توقيف ومنع سفر بحقه إثر اتهامه بالتورط فى «قضايا إرهابية»، وشدد المالكى على أن حكومته «لا تقبل بأى تدخل فى القضاء العراقى»، مضيفا: «ما دخل الجامعة العربية وما دخل العالم بقضية جنائية؟»، وذلك بعدما كانت قيادة العمليات فى بغداد أعلنت، الثلاثاء، أن القوات الأمنية «ملزمة» بتنفيذ أوامر القبض على الهاشمى «فى جميع المناطق دون استثناء».

وجاءت دعوة المالكى بعد ساعات من نفى الهاشمى الاتهامات بحقه، واصفاً إياها بـ«المختلقة»، وبأنها جزء من مؤامرة مدبرة من المالكى، معتبراً أن استهدافه ينطوى على أجندة طائفية، وأكد الهاشمى أن جهات سياسية - لم يسمها - ابتزته كى يعلن مواقف سياسية معينة وإلا فستبث اعترافات حراسه، مشددا على توفر معلومات بمحاولة جهات خارجية «اغتياله سياسيا»، فى إشارة ضمنية إلى إيران. وقال الهاشمى، فى مؤتمر صحفى فى اربيل بإقليم كردستان «شبه المستقل)، الثلاثاء إنه مستعد للمثول فقط أمام القضاء فى الإقليم الكردى، وطالب أيضا بأن «يحضر التحقيق والاستجواب ممثلون عن الجامعة العربية ومحامون عرب من أجل ضمانة التحقيق»، فيما اعتبر علاوى أن «الإتيان باعترافات مختلقة أمر مفزع، هذا يذكرنى شخصياً بما كان يفعله «الرئيس الراحل» صدام حسين، حيث كان يتهم المعارضين السياسيين بأنهم إرهابيون».

جاء ذلك فى الوقت الذى ذكر فيه موقع «العربية. نت» أن قوات الأمن منعت نائب رئيس الوزراء «السنى» صالح المطلك من حضور جلسة مجلس الوزراء، الثلاثاء، وسط مساعٍ من المالكى لحجب ثقة البرلمان عن المطلك - الذى ينتمى أيضاً لـ«العراقية» - بعد اتهام الأخير لرئيس الوزراء «الديكتاتورية».

وذكرت «العربية» أن المطلك أبدى عدم ممانعته ترك منصبه كنائب لرئيس الوزراء، شريطة تشكيل حكومة جديدة يغيب عنها المالكى.

وفى حادث قد يزيد المخاوف من استهداف السنة وتعرضهم للتهميش بعد الانسحاب الأمريكى، أكدت مصادر أمنية أن شقيق العضو بـ«القائمة العراقية» ظافر العانى، الموظف فى وزارة التخطيط، أحمد العانى، نجا الاربعاء من محاولة اغتيال بانفجار عبوة ناسفة بالقرب من منزله شمال العاصمة.

وفى بغداد وأربيل، تستمر المفاوضات على أعلى المستويات بين شخصيات سياسية عراقية لمحاولة تحقيق انفراجة سياسية، ومنذ الثلاثاء دخل السفير الأمريكى فى العراق جيمس جيفرى على خط المحاولات لحل الأزمة التى انقسم فيها المشهد إلى فريقين متقابلين، معسكر يقوده المالكى وآخر يقوده علاوى، ما وصفه البعض بـ«معركة تكسير عظام» بدأت بين القطبين، فيما يقف الأكراد فى الوسط.

وفى واشنطن، دعا نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن، رئيس الحكومة العراقية إلى الالتزام بالحوار لحل الأزمة، فيما عبر البيت الأبيض عن قلقه بشأن مذكرة اعتقال الهاشمى، داعياً إلى الالتزام بالقانون فى التحقيق.

وفى الوقت ذاته، تسلم الرئيس الأمريكى باراك أوباما رمزياً علماً أمريكياً كانت تستخدمه القوات الأمريكية فى العراق، إيذانا بعودة آخر الجنود إلى بلادهم، وذلك فى احتفال أقيم فى قاعدة عسكرية بالقرب من واشنطن.

ويرى محللون أن الأزمة السياسية العراقية تمثل تحدياً لأوباما، بعدما قال معارضون جمهوريون إن قرار الانسحاب فى هذا الموعد زاد من احتمالات تزعزع استقرار العراق، كما أن تجدد التوترات الطائفية فى العراق يمثل تحدياً جديداً لرجال السياسة الأمريكيين فى دولة استراتيجية غنية بالنفط. وقد رصدت الصحف العالمية تطورات المشهد فى العراق، حيث رأت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن المالكى يستعد للانفراد بالسلطة، فيما ذكرت صحيفة «جارديان» البريطانية أن فكرة «استعادة السنة بعض ما فقدوه من سلطة عن طريق القائمة العراقية قد أصبحت شيئاً من الماضى، فالمالكى لم يعد يتصرف أبداً وكأن هناك ائتلافاً».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية