أكد خبراء سياسيون أن الأحداث والاشتباكات الدامية التى شهدها شارع مجلس الوزراء بين المعتصمين وأفراد الشرطة العسكرية تنذر بكارثة حقيقية، وأن كلاً من الجيش والمعتصمين ارتكبوا عددا من الأخطاء، ففيما لا يجوز للمعتصمين الخروج على الشرعية وتعطيل مصالح المواطنين لا يحق للمجلس العسكرى استخدام القوة المفرطة فى فض الاعتصامات مادامت سلمية.
وقال الدكتور عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن أحداث العنف التى وقعت فى شارع مجلس الوزراء من شأنها أن تحرق حكومة الدكتور كمال الجنزورى بعد التصريحات التى خرج بها عقب توليه رئاسة الوزراء، بتأكيده عدم استخدام العنف فى فض أى اعتصامات، إضافة إلى حرق أعضاء المجلس الاستشارى الواحد تلو الآخر.
وحمل «جاد» مسؤولية الاعتداء على المعتصمين وقتل عدد منهم للمجلس العسكرى، مشيراً إلى أن أخطاءه تمثلت فى تكرار استخدام سياسة العنف، التى سبق أن اختبرها مع المتظاهرين، ولم تحل أى مشكلة، بل زادت الأمر تعقيداً، وأدت إلى تزايد أعداد المتظاهرين وأعداد المتعاطفين معهم.
وقال «جاد»: إن الأحداث تنذر بزيادة أعداد الثوار والاحتقان بين الطرفين، والكثافة فى المظاهرات. وأشار إلى أن كل الأحداث الحالية تؤكد أن الإدارة السياسية للأزمة والإدارة الأمنية هى التى تسيطر على المشهد، ما يزيد احتمالات العودة لنفس مرحلة 19 نوفمبر الماضى وما حدث فى شارع محمد محمود والأحداث الدامية التى شهدها، وبذلك يمكن أن يصل سقف المطالب إلى تنحية العسكرى عن الإدارة السياسية للبلاد خلال المرحلة الانتقالية. وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن الشباب المعتصم والجيش مخطئون، فليس من حق أحد منع التظاهر والاعتصام السلمى، مادام لا يعطل العمل والمصالح. وقال: «إذا أراد الشباب الاعتصام فى ميدان التحرير، والتجمع ورفع اللافتات والشعارات، ونصب الخيام على الرصيف سنتين وثلاثاً فلا مانع، ولكن نصب الخيام فى الطريق ومنع إنسان من دخول مكان عمله ولعب الكرة ووقف الطريق وتعطيل من يريد الذهاب إلى المستشفيات والمطارات، فذلك شىء مرفوض.
وقال «ربيع» إن الشباب إذا كان قد أخطأ فليس ذلك مبرراً لفض الاعتصام بالقوة، ولكن بالحوار، وبالتالى فالجيش مخطئ فى استعمال القوة، وأطالب بتدخل العقلاء من أعضاء مجلس الشعب والمجلس الاستشارى للتحاور مع الشباب. ووصفت الدكتورة المستشارة نهى الزينى، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، ما حدث بأنه «أمر مؤسف»، ووصمة للمجلس الاستشارى، فأين المجلس الاستشارى من هذا الحدث؟ وهل تمت استشارته أم كان موافقاً؟ نريد إجابة على هذا السؤال خاصة بعد استقالة الدكتور معتز بالله عبدالفتاح.
وأشارت «الزينى» إلى أنه أياً ما كان الخطأ من المتظاهرين فلا يجوز استخدام القوة الغاشمة بهذا الشكل المفرط والمدان قانوناً، والذى لا يرضى عنه أحد، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على أن الشرطة العسكرية غير مؤهلة للتواجد فى المعترك السياسى، خاصة أن التركيبة العسكرية ليست مهيأة للتعامل مع المشاكل السياسية، وليست لديها المرونة الكافية، حيث إنها تركيبة صارمة وتستخدم القوة.