بين أزقة شوارع الموسكى أصوات ماكينات خياطة ترتفع على استحياء، تعلن عودة الورش للحياة، كان لدواء «التعويم» المر مفعول سحرى فى إحياء صناعة الشنط المدرسية، الصناعة ذات التاريخ الطويل، والتى اندثرت مع هوجة الاستيراد من الصين، غير أن ارتفاع تكلفة الاستيراد وبلوغ أسعار الشنط لمستويات لم تعد مقبولة لدى الفئة الأكبر من المستهلكين، أعطى الضوء الأخضر لمستثمرين أغلبهم يعملون فى مجال الاستيراد للتحول للتصنيع والعودة من جديد لإحياء صناعة الأجداد.
وقال سامح عيد، المدير التنفيذى لشركة «SOM»، المالكة لورشة تصنيع شنط مدرسية، بجانب نشاطها فى الاستيراد، إنه خلال فترة التسعينيات وقبل موسم الدراسة، كانت الورش الصغيرة تنتشر أسفل البيوت، تعمل 24 ساعة لتوفير احتياجات الموسم، الشنط المستوردة كانت نادرة، تقتصر على الفئات الغنية، الأمر تغير سريعا بانفتاح الاستيراد من الصين، وساعده على ذلك تدنى جودة المنتج المصرى فى الورش وأذواقه التقليدية، وعدم الاهتمام بالتصميمات الحديثة، حتى جاء قرار تعويم الجنيه نهاية عام 2016.
وأضاف «عيد» أن قرار التعويم كان فاصلًا فى قرار عودة الورش، ساعدها على ذلك ارتفاع أسعار المستورد بأرقام كبيرة، بما أعطى متنفسا للورش أن تعود بهامش ربح صغير، موضحا: «نحن نستورد كل الخامات من الصين، سواء القماش المنسوج أو الاكسسوارات، ويتم تجميعها فى ورش صغيرة، وتكلفة الشنطة المحلية تقل عن مثيلاتها المستوردة 30%».
وأكد أن أغلب المشكلات التى تواجه الصناعة حاليا تتعلق بندرة العمالة، ولدينا ماكينات كثيرة فى الورش ولا نجد من يعمل عليها، رغم أن متوسط أجر الصنايعى على المكنة 250 جنيها يوميًا، أما المشكلة الثانية فتتعلق بارتفاع الرسوم الجمركية على مدخلات الصناعة المستوردة.
ومن جانبه، قال ضياء حسن، مؤسس مصنع «ريفيل» للشنط، إننا بدأنا العام الماضى تجهيزات المصنع وإدخال خطوط إنتاج بتكنولوجيا عالية، وإجمالى الإنتاج منذ بداية التشغيل بلغ مليونا و200 ألف شنطة، أغلبها تم توجيهه للتصدير، ولكن خلال الموسم الدراسى الحالى طرحنا 150 ألف شنطة فى الأسواق تحت «براند» مصرى خاص بنا، ونستهدف طرح 150 ألف شنطة أخرى تتلاءم مع ذوق واحتياجات الطالب الجامعى، بأسعار تقل 80% عن مثيلها المستورد، ونسعى خلال العام المقبل لأن يتم توجيه مليون شنطة للسوق المحلية.
ويبلغ عدد التلاميذ فى المراحل الدراسية المختلفة 20 مليون طالب، وفقا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فيما يقدر متوسط فاتورة استيراد الشنط المدرسية بحوالى 2 مليار دولار سنويا.
وأوضح «حسن» أن مصنعه يستهدف الاستحواذ على 17% من سوق الشنط المدرسية والجامعات خلال عامين، إلى جانب التصدير، لافتا إلى أن الشنطة المصنعة محليًا تخضع حاليا لاختبارات الجودة فى ألمانيا للحصول على شهادة الاعتماد الأوروبية. وأضاف أن الشنطة التى تخرج من مصنعه يتم بيعها فى الأسواق بمتوسط 250- 300 جنيه، توازى فى الشكل والجودة الأصناف المستوردة من الصين بمتوسط سعر 650 جنيها، و87% من جودة مثيلها الأروربى، الذى يصل سعره إلى 1400 جنيه. وفيما يتعلق بالمنافسة مع المصانع الجديدة، قال إن السوق ما زالت مفتوحة وحجم الطلب كبير، نحن نعمل معا فى خندق واحد لمنافسة الصينى، أما المنافسة مع الورش الصغيرة، فأوضح أن لديه أكثر من 300 ورشة تعمل فى هذه الصناعة، ولكن إنتاجها لا يزيد على مليون شنطة وتخدم الطبقات الشعبية، حيث تتراوح أسعارها ما بين 40- 60 جنيها.
ووفقا للدراسات التى أجرها «حسن»، على سوق استهلاك الشنط المدرسية، فإن حجم الطلب على الشنط التى يقترب سعرها من ألف جنيه فيما فوق، نسبة 1% من حجم الطلب، فيما ترتفع نسبة الطلب إلى 30% للشريحة السعرية من 300- 600 جنيه، وتعد الشريحة من 100- 300 هى الأكبر فى السوق، بما يتجاوز 60% من حجم الطلب، وهذه الشريحة هى التى يستهدفها المصنع.