x

مصطفى محمود سليمان الرمال السوداء ومصنع البرلس مصطفى محمود سليمان الأربعاء 13-06-2018 06:09


نشرت صحيفة «المصرى اليوم» فى صفحتها الأولى يوم الأحد 20 مايو 2018 خبرا عنوانه «اتفاق لبناء مصنع لفصل معادن الرمال السوداء بمنطقة البرلس بمحافظة كفر الشيخ». ذكرنى هذا الخبر البائس بقصة اليورانيوم فى مصر والإدارة الفاشلة عبر العقود الماضية. لقد كان حلما كبيرا للرئيس الراحل جمال عبدالناصر هو إنشاء برنامج نووى وأنشأ لذلك هيئة المواد النووية وذلك بهدف البحث عن اليورانيوم فى الصحارى المصرية لسد احتياجات البرنامج النووى المأمول. وكان حلم البرنامج النووى أحد أسباب شن إسرائيل حرب 1967.

يعرف أصغر جيولوجى فى مصر أنه لا توجد خامات يورانيوم فى مصر ولكن توجد آثار ضئيلة من المواد المشعة تشمل اليورانيوم والزركونيوم وغيرهما فى الصخور النارية الحامضية مثل الجرانيت. ومن الناحية العلمية يطلق على تلك الآثار المشعة «شواهد معدنة المواد المشعة» بمعنى لو أنك عزيزى القارئ حملت جهازا يقيس الإشعاعات النووية وتجولت به فى الصحراء الشرقية وجنوب سيناء حيث توجد الصخور النارية والمتحولة التى تحتوى على تلك الآثار الضئيلة من المواد المشعة فإن الجهاز سوف يشير إلى وجود نشاط إشعاعى متغير فى تلك المناطق. تجدر الإشارة إلى أن السيراميك والطوب الطفلى والأسمنت كلها تحتوى على آثار ضئيلة جدا من المواد المشعة.

نعود الى الصحارى المصرية ونقول إن أغلب صخور الجرانيت تحتوى على آثار ضئيلة جدا من المواد المشعة حيث يحتوى طن الجرانيت على نحو ثلاثة جرامات من اليورانيوم فى المتوسط وبالطبع لا يمكن استخراج هذه الكميات الضئيلة من الناحية الاقتصادية والتكنولوجية المتاحة.

وطوال تاريخ هيئة المواد النووية لم تحقق شيئا يذكر من الهدف الذى أُنشئت من أجله رغم إجراء آلاف البحوث ورسائل الماجستير والدكتوراه (لزوم الترقيات والكادر الخاص) المتعلقة بالنشاط الإشعاعى بالصحراء الشرقية ويمكن إيجاز نتائج تلك البحوث كلها فى جملة معروفة فى كتب الجيولوجيا الأولية وهى أن النشاط الإشعاعى فى الصخور مرتبط بالكسور والصدوع فى تلك الصخور. وحينما فشلت الهيئة فى العثور على رواسب يورانيوم فى مصر اتجهت الى الرمال السوداء على شواطئ البحر الابيض المتوسط المصرية. ومعروف ان الرمال السوداء فى معظم انحاء العالم ومنها مصر تتكون اساسا من معادن الحديد والتيتانيوم مع نسبة صغيرة جدا من بعض المعادن ذات النشاط الاشعاعى مثل الزيركون والزينوتيم وغيرهما.

والاستخدام الاقتصادى الأمثل للزركون والزينوتيم ليس لاستخراج ما تحتويه من مواد ضئيلة من اليورانيوم او الثيوريوم او العناصر الارضية النادرة (اللانثانيدات) وانما فى صناعات اخرى.

وفى رأيى أن استخراج الرمال السوداء من كل مناطق الساحل الشمالى فى مصر ليس له جدوى اقتصادية بالاضافة الى آثاره البيئية المدمرة والمعروف ان دلتا نهر النيل هى من أولى المناطق المعرضة للغرق إبان العقود القليلة القادمة، ومن ثم يجب ألا نحفر فى هذه المناطق بل يجب تدعيمها امام الارتفاع المحتمل لمستوى سطح البحر.

هل يمكن للقائمين على هذا المشروع أن ينشروا للناس موجزا لدراسات الجدوى والآثار البيئية المحتملة مع بيان القائمين على تلك الدراسات.

[email protected]

*أستاذ الجيولوجيا بالجامعة البريطانية

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية