x

مصطفى محمود سليمان عن المليون ونصف المليون فدان ومكانها الصحيح (2- 2) مصطفى محمود سليمان الإثنين 03-07-2017 21:12


ربما لم تزد معلوماتنا عن المياه الجوفية فى خزان (خزانات) الحجر الرملى النوبى فى الصحراء الغربية بمصر (بما فيها الواحات) عما جاء بشأنها فى تقرير «المستر و. هـ. لتل 1932»، مما يشير إلى صعوبة وضع ميزانية مياه جوفية فى المناطق الداخلية من الصحراء الغربية. تستطيع أن تصمد أمام الفحص العلمى الدقيق، وأن كثيرا من التقارير والبيانات المتعلقة بتقديرات المياه الجوفية فى خزانات الحجر الرملى النوبى، فى الصحراء الغربية على وجه الخصوص، تنطوى على افتراضات مبالغ فيها جدا. ومثال ذلك ما جاء فى كتاب عن المياه الجوفية لأحد الجيولوجيين فى مصر (وكان رحمه الله رئيسا لإحدى جامعات الدلتا وأمين الحزب الوطنى فى محافظته ومستشارا لوزير الزراعة... إلخ) المنشور فى عام (2000 صفحة 287)، وهو أن حجم المياه الجوفية فى خزانات الحجر الرملى النوبى فى الصحراء الغربية بمصر (بما فيها الواحات) يبلغ نحو 240 ألف مليار متر مكعب (أى ما يعادل حصة مصر السنوية الحالية من مياه نهر النيل- وهى 55.5 مليار متر مكعب- خلال 4324 سنة)، وهذا تقدير خاطئ.

والمياه الجوفية فى خزان الحجر الرملى النوبى فى المناطق الداخلية من الصحراء الغربية فى مصر هى مياه غير متجمدة، ومن ثم فإنها وإن كانت كبيرة الحجم نسبيا إلا أنها لا تصمد طويلا إذا ما تعرضت للاستنزاف الجائر كما حدث فى مشروع الوادى الجديد فى مصر ومشروع النهر الصناعى العظيم (نهر الأنابيب) فى ليبيا. فى بحث بعنوان «موارد المياه الجوفية فى مصر» ألقاه الدكتور كمال حفنى، الأستاذ المتفرغ بمعهد بحوث المياه الجوفية فى وزارة الرى. فى ندوة «المياه فى الوطن العربى 1995»، والمنشور فى كتاب الندوة، الجزء الأول، صفحات 143- 160، والكتاب موجود فى الجمعية الجغرافية المصرية بالقاهرة. يقول الدكتور كمال حفنى عن المياه الجوفية فى خزانات الحجر الرملى النوبى بالصحراء الغربية: «لقد استقر الرأى فى مصر على معاملة المياه الجوفية فى خزانات الحجر الرملى النوبى على أساس أنها مياه غير متجددة (لا تصل إليها تغذية أو إعادة شحن)، وفى حالة ما توصلت الدراسات المستقبلية إلى وجود تغذية أو إعادة شحن فيمكن زيادة التوسع فى حصة المياه التى تسحب من تلك الخزانات».. انتهى كلام الدكتور كمال حفنى، وهو رأى صائب ويجب الأخذ به عند التخطيط لإقامة مشروعات زراعية أو غيرها فى الصحراء الغربية فى المناطق البعيدة عن وادى النيل والدلتا والمناطق المتاخمة لها.

وأقترح الآتى:

1- أن تنحصر مساحة المليون ونصف المليون فدان (وأكثر) فى المناطق المتاخمة لوادى النيل والدلتا فى الصحراء الغربية، وهى مناطق توجد بها أنظمة مائية متجددة مرتبطة هيدروليكيا بنظام وادى النيل والدلتا المائى وتمتد تلك المناطق لمسافات واسعة إلى الغرب من وادى النيل والدلتا وتصل إلى سيدى برانى ومنخفض القطارة فى الشمال، وأيضا تمتد لمسافات متفاوتة إلى الغرب فى مصر الوسطى والصعيد وتحصل هذه الأنظمة المائية على مائها من التسرب النيلى بصفة رئيسية.. ولذا فإن مياهها متجددة.

2- أن تستعين الدولة بثلاث شركات عالمية معروفة متخصصة فى دراسات المياه الجوفية فى المناطق الصحراوية مثل الصحارى المصرية لتحديد وضع المياه الجوفية فى المناطق البعيدة عن وادى النيل والدلتا فى الصحراء الغربية، وتشمل الواحات وتوشكى والعوينات... إلخ، وبناء على نتائج دراسات هذه الشركات العالمية يتم اتخاذ القرار المناسب.

بقيت كلمة أوجهها للمستر نيوتن، وهو أن الذى يقول الحقيقة من وجهة نظره لا يوصف بأنه ذو طاقة سلبية، فأصحاب الطاقة السلبية هم وأمثالهم من مثل الذين ضللوا الرئيس جمال عبدالناصر فى موضوع مديرية التحرير والوادى الجديد وقالوا له إن هناك مياها جوفية كثيرة فى تلك المناطق. وكذلك الذين ضللوا الرئيس القذافى فى مسألة النهر الصناعى العظيم (نهر الأنابيب- الذى تكلف 120 مليار دولار). وقالوا له إن هناك مياها جوفية كثيرة فى جنوب ليييا تكفى لإنشاء النهر الصناعى- وكلاهما مشروع فاشل.

ونأمل ألا يتكرر مثل هذا التضليل مع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مسألة المياه الجوفية واستصلاح الأراضى فى مناطق لا توجد فيها مياه جوفية بالقدر الكافى فى الصحراء الغربية.

[email protected]

* أستاذ الجيولوجيا بالجامعة البريطانية

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية