x

محمود جبريل: ترشح سيف الإسلام القذافي للرئاسة «مشروط بنسيان الماضي» (حوار)

رئيس المكتب التنفيذى بالمجلس الانتقالى الليبى: حفتر يسئ لنفسه بـ«شخصنة الجيش»
الثلاثاء 29-05-2018 04:16 | كتب: عبدالله سالم |
محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي الليبي ورئيس تحالف القوى الوطنية محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي الليبي ورئيس تحالف القوى الوطنية تصوير : أيمن عارف

بعد 7 سنوات منذ سقوط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، لم تتمخض انتفاضة 17 فبراير 2011 إلا عن محض تشوهات؛ حكومتان تتنازعان السلطة، و1600 مليشيا مسلحة تتعارك لنهب الثروات وإشاعة الدمار والفوضى، ناهيك بتدخلات القوى الخارجية التي لا تزيد الأمر إلا تأزمًا.

الدكتور محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي، ورئيس تحالف القوى الوطنية الليبية، بدا متحسرًا، في حواره مع «المصري اليوم»، على مآلات الأوضاع في البلاد، وعلى رفض مبادرة القذافي، التي «أبدى فيها، لأول مرة، استعداده للتخلي عن السلطة».

يدفع «جبريل» بكامل قوته في اتجاه بناء الجيش الوطني الليبي، الذي يعوّل عليه أولًا، وقبل أي شئ آخر، في إعادة بناء الدولة الليبية، ويثمّن للمشير خليفة حفتر، قائد الجيش، معركته في هذا الصدد، ولكنه يبدو مشفقًا عليه من «الإساءة لنفسه»، هكذا يقول، إذا ما اختصر الجيش في شخصه.

■ ماذا قدمت 17 فبرير 2011 للشعب الليبي وللعالم؟ وهل هي ثورة أم ماذا؟

ما حدث في 17 فبراير 2011 هو انفجار بركاني لتراكمات من الاحتقان والرغبات غير المشبعة؛ البطالة إلى ازدياد، بعد أن تعدت نسبتها 30%، رغم قلة عدد السكان، ووفرة الموارد في بلد غني بالنفط، بالإضافة إلى ظاهرة التوريث، وانعدام الأمل في التغيير. 17 فبراير كانت انتفاضة تلقائية وغير مخططة، ولم يكن لها قيادة ولا مشروع، والثورات هي تغيير جذري كامل وعادة ما تحمل أهدافًا، لكن الانتفاضات العربية رفعت شعارات، وكان مطلبها العيش والحرية، والغرب ألبسها ثوب الديمقراطية.

التيارات السياسية المؤدلجة والممولة والأكثر خبرة مثل «الإخوان المسلمين»، نتيجة لغياب التنظيم والمشروع عن الانتفاضات، وجدتها فرصة سانحة لركوب عليها، وعلى كل حال؛ انتفاضة ليبيا انتهت بالاغتيال المؤسف لمعمر القذافي في 20 أكتوبر 2011، وما تبع ذلك فوضى واستباحة ومجتمع بلا دولة يتبارى فيه الكثيرون لنهب ثروات الوطن، والصراع الآن صراع على الموارد المالية وليس صراعًا سياسيًا.

■ تقول إن القذافي اغتيل، من في اعتقادك المتورط في اغتياله؟

اغتيال معمر القذافي تم بأياد خارجية، وأذكر الآن لحظة اعتقاله، كانوا يوجهون إليه الإهانات، وأركبوه سيارة نصف نقل، وفي ذلك الوقت كنت أتحدث مع أحد المسلحين في سيارة أخرى كانت تقودهم، وكان ذلك المسلح ينقل إليّ المشهد، وأخبرني وهم في الطريق من سرت إلى مصراتة أن القذافي كان حي ولكنه مصاب ووجهه ملطخ بالدماء، وفجأة قُتل القذافي.

■ لم تخططوا في المجلس الانتقالي لإنهاء حياته؟

نحن لم نعلم باعتقال القذافي إلا من خلال وسائل الإعلام، والناس تتحدث عن المجلس الانتقالي وكأنه كان يخطط للمعارك في الجبهات. كنا نعلم بالفعل عن تلك المعارك، لكننا لم نكن نوجهها أو نخطط لها. فعلنا فقط في انتفاضة طرابلس، التي تولى المكتب التنفيذي التخطيط لها حتى تحولت من سلمية إلى مسلحة. بعد ذلك تولى المسلحون الجبهات وأداروا معاركهم بتلقائية.

محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي الليبي ورئيس تحالف القوى الوطنية

■ تقصد أن المجلس الانتقالي رفع يديه تمامًا عن المعارك؟

ليس كذلك، المجلس كان يحضر السلاح والتموين والأدوية، لكن التخطيط للمعارك كان من نصيب الضباط العسكريين والمسلحين، أو من يطلق عليهم الثوار. لم يكن هناك تنسيق من الأساس، والعمل كان تلقائيًا. وأذكر في الشهر الرابع من الانتفاضة أن وزير الدفاع في المجلس الانتقالي، جلال الدغيلي، حاول السيطرة على المعارك، لكنه كان يدين بالولاء لقطر، وكان السلاح يصل من الخارج ويوضع في المزارع، مثل مزرعة أشرف بن إسماعيل، وليس في مخازن الجيش.

■ رئاسة الأركان القطرية كانت تمدكم بالمعلومات، وطلبت تأجيل انتفاضة طرابلس، لماذا؟

كان مخططًا لتنفيذ الانتفاضة يوم 17 رمضان، في ذكرى غزوة بدر، وتلقينا اتصالًا من رئاسة الأركان في قطر، تطلب تأجيل الانتفاضة بدعوى أن الأهداف داخل طرابلس لم تكن واضحة، وأن قوات القذافي رجعت إلى المدينة، وأنه لو وقع اشتباك ربما تحدث إصابات مدنية كثيرة. اتضح فيما بعد أن السبب هو عدم جاهزية المسلحين الإسلاميين التابعين لقطر، وتكرر الأمر يوم 20 رمضان، الموافق 20 أغسطس 2011، وطلبوا مجددًا تأجيل الانتفاضة، ولكننا رفضنا التأجيل وبدأنا الانتفاضة.

■ ما سبب تواجدك في السودان قبل بدء الانتفاضة؟

السلاح الذي كان يأتي من قطر إلى بنغازي تمهيدًا للانتفاضة انتهى إلى أيدي المسلحين الإسلاميين، عن طريق أشرف بن إسماعيل، الذي أرسلها إليهم في الجبل الغربي، فذهبت برفقة بعض الأخوة من المكتب التنفيذي والمجلس الانتقالي إلى السودان، في محاولة للحصول على الأسلحة، وعندما وصلت دخل بها الثوار إلى طرابلس.

■ ما تفسيرك لهذا الدعم القطري للمسلحين؟

قلت مرارًا وتكرارًا إن سبب عدم بناء جيش وطني هو المعارضة القطرية، وإن قرار حل المليشيات المسلحة اعترض عليه المجلس الانتقالي بضغط قطري، وقلنا إن القطريين دعموا الإسلاميين، ويدفعون منذ البداية في اتجاه حرس وطني وليس جيش، ووقعت خلافات حادة بيني وبين أمير قطر السابق، حمد بن خليفة، كل هذا تاريخ، والشطارة الحقيقة هي كيف نخرج من المأزق الآن، لكن من تسبب في هذه المصيبة لن يفيديني الآن. ليبيا بلد مستباح وليست دولة، وأصبحنا ساحة لدول تتنافس وتصفي خلافاتها مثلما جرى في الحرب اللبنانية.

■ لم تكن هناك مبادرات تسوية تضمن الخروج الآمن للقذافي مقابل التخلي عن السطة؟

كانت هناك مبادرة حملها بشير صالح، مدير مكتب القذافي حينذاك، إلى الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، مطلع مايو 2011. لم نعلم حتى الآن فيما إذا كانت المبادرة من القذافي نفسه، لكن أن يحملها مدير مكتبه ليعطينا دلالة على مباركته لها. كنت وقتها في زيارة إلى واشنطن، وتلقيت اتصالًا من ساركوزي، يطلب مني الحضور فورًا لأن هناك تطورًا كبيرًا في القضية الليبية، فقطعت الزيارة واتجهت إلى باريس، وقابلت ساركوزي الذي أخبرني أنه استقبل البارحة مدير مكتب القذافي لعرض مبادرة النظام للتسوية.

■ ما هي بنود تلك المبادرة؟

الرئيس ساركوزي كان يقول إنها المبادرة الأولى التي تتضمن قبول القذافي بالتخلي عن الحكم، وجميع المبادرات السابقة لم تصل إلى إبداء هذا الاستعداد. تضمنت المبادرة أيضًا أن يكون للقذافي ملجأ آمن؛ إما في الجنوب الليبي تحت حماية فرنسية، أو في أوغندا، بالإضافة إلى إجراء انتخابات رئاسية يتولى تنظيمها المجلس الانتقالي، الذي يكون له الحكم في الفترة الأولى، على أن يتاح لسيف الإسلام القذافي فرصة المشاركة في الحكم. والحقيقة لأول مرة تكون هناك مبادرة فيها شئ من المنطق والمعقولية، وكان بإمكانها أن تكفينا الدمار وسفك الدماء.

■ ما موقف المجلس الانتقالي حيال المبادرة؟

اتصلت على الفور بالسيد مصطفى عبدالجليل، رئيس المجلس الانتقالي، وأبلغته بالمبادرة، وكان رده أنه سيعرض الأمر على المجلس، وفي اليوم التالي أخبرني أن المبادرة مرفوضة، واتضح فيما بعد أنه لم يعرض الأمر على المجلس من الأساس، وأنه اتخذ قرارًا فرديًا بأن المبادرة غير صالحة، وأبلغت بدوري الفرنسيين بأن المجلس يرفض المبادرة، التي يمكن القول بأنها كانت الفرصة الوحيدة للخروج من الأزمة.

محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي الليبي ورئيس تحالف القوى الوطنية

■ هناك حديث عن عودة سيف الإسلام القذافي إلى المشهد. كيف ترى هذه العودة؟

سيف الإسلام مواطن ليبي، وإذا لم تكن هناك أية عوائق قانونية أمام ممارسة حقوقه السياسية، فمن حقه أن يترشح للانتخابات الرئاسية. السؤال الحقيقي الذي لا يسأله الإعلام هو؛ هل سيف الإسلام مستعد أن يلعب دورًا في ليبيا الجديدة التي تحاول أن تبني دولة القانون والمساواة والاقتراع وتداول السلطة؟ هل هو مستعد أن يتناسى الماضي وينظر إلى المستقبل؟ هذا سؤال موجه إلى سيف الإسلام. إذا كانت الانتفاضة حقيقية فيجب عليها ألا تقصي أحدًا طالما انطبقت عليه شروط ممارسة حقوقه السياسية، والفيصل هو الشارع.

■ البعض يصفك بأنك عراب التدخل الأجنبي في ليبيا، لماذا؟

هذه المقولة مبعثها عاملان؛ إما الجهل أو الكيد السياسي، وربما كلاهما، يقولون إن محمود جبريل هو الذي أحضر الناتو إلى ليبيا، وكأنما الناتو ميكروباص في موقف أحمد حلمي. الناتو منظمة دولية تحركت بقرار من مجلس الأمن، والمجلس الانتقالي عندما صدر قرار التدخل لم يكن معترفًا به، وقلت مرارًا إن الناتو لم يتحرك إلا لتصفية حسابات قديمة مع القذافي، واتخذ من حماية المدنيين مظلة، والدليل أن ما يتعرض له المدنيون اليوم أكثر بكثير مما كانوا يتعرضون له في 2011. كان مسعانا كمجلس انتقالي هو وقف آلة القتل ضد المدنيين، وصدر قرار مجلس التعاون الخليجي وأعقبه قرار الجامعة العربية، 12 مارس، وأخيرًا قرار مجلس الأمن الشهير، 17 مارس. هي إرادات دولية، وليست إرادة جسم هزيل لا يسمع عنه أحد، وإذا كنت عميلًا للناتو فلماذا لا أحكم ليبيا الآن؟

■ البعض يرى في سؤالك هذا تفسيرًا لانقلابك على الأطراف الخارجية، أي أنك لم تجد ما كنت تصبو إليه.

الدول لا تبحث عن أصدقاء، ولكن تبحث عن عملاء، وأنا أرحب بالصداقة مع أي دولة في إطار المصالح المتبادلةـ وأرحب بالتحالف لأهداف مشتركة، لكن أن تتحول إلى مطية لرغبات دول أخرى هنا العمالة الحقيقية. أنا استقلت من المكتب التنفيذي رغم إصرار مصطفى عبدالجليل، رئيس المجلس الانتقالي، ورغم إصرار القطريين لأنهم وضعوا لي شروطًا، فقلت لهم «آسف». بالعكس لو أنت جاهز لتلبية مطالب الأطراف الخارجية فأنت مرحب بك. وأنا دائمًا ما أردد مقولة مارتن لوثر كينج «لا أحد يستطيع أن يمتطي ظهرك ما لم تنحني».

■ مجلس العموم البريطاني اعتبر أن دخول الحرب في ليبيا استند إلى معلومات غير دقيقة حول القذافي.

كان هناك توجه لدخول بنغازي بالقوة، وتصفية الانتفاضة في المنطقة الشرقية بكاملها بقوة السلاح، هذا شاهده الجميع في الداخل والخارج مشاهدة العيان. الأمر ليس إشاعات، بل كان حقيقة، والحكومات التي أرادت التدخل في ليبيا لا تكذب، ولكنها ربما ضخّمت الأمر لتبرر تدخلها. شئ آخر؛ في اليوم التالي لقرار مجلس الأمن بالتدخل، أجرت «سي إن إن» مقابلة مع سيف الإسلام، وقال حينها إن «الوقت متأخر» على القرار. ربما بعض الحكومات ضخّمت الأمر، وربما المجلس الانتقالي، وربما أيضًا آلة القذافي الإعلامية، هذه دعاية حرب متبعة عبر التاريخ، لكن نفي الأمر برمته غير صحيح، كان هناك رطل كبير وطويل مصمم على تصفية الانتفاضة بالقوة، ولو دخل لكان بحر دم.

■ ما تقييمك للدور المصري في ليبيا؟

ليبيا لا تمثل لدول الجوار العربي مجرد دولة جوار شقيقة، ليبيا بالنسبة إلى مصر هي مسألة أمن قومي، والدور المصري ليس خيارًا، بل ضرورة، ولا بد أن يكون دورًا قويًا وفاعلًا. لن تستقر مصر، وكذلك تونس والجزائر، ما لم تستقر ليبيا. نحن بلد في حالة فوضى، ونمثل تهديدًا للأمن القومي المصري، سواء بانتشار الإرهاب أو الأسلحة أو الهجرة غير الشرعية وتجارة البشر، وكلها مبررات تعول عليها دول الشمال للتدخل ولو بالقوة، وهذا لن يكون في مصلحة مصر.

أكرر أن الدور المصري في ليبيا هو ضرورة حتى يحدث نوعًا من التوازن مع التدخلات الأوروبية، والخطوة التي بدأتها مصر لمحاولة توحيد المؤسسة العسكرية خطوة حيوية في منتهى الأهمية، ويجب أن تستمر وأن تعظّم. وأتمنى ألا يقصى أحد من القيادات العسكرية الفاعلة في هذا الصدد.

محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي الليبي ورئيس تحالف القوى الوطنية

■ كيف تنظر إلى المشير خليفة حفتر؟ وتحركات الجيش الوطني الليبي؟

بناء مؤسسة عسكرية وجيش موحد في ليبيا أمر لا غنى عنه، ومن دونه تصبح كلمة السيادة كلمة خيالية لا وجود لها، ويشكر للمشير خليفة خفتر أنه بدأ الخطوات الأولى، وهو سائر في هذا الاتجاه. لو وُحدت هذه المؤسسة نكون قد قطعنا 70% من الطريق، بما يضمن حماية نتيجة الانتخابات، وحماية الحدود، ومحاربة الإرهاب، ويكون لدينا القدرة لأن نقول «لا» للتدخل الخارجي.

المشير خليفة حفتر بذل جهدًا كبيرًا جدًا في بناء المؤسسة العسكرية، ويخوض معركة ضد الإرهاب، ويحسب له أنه يقود إلى جانبها معركة بناء الجيش، وهي معارك ليست هينة خاصة مع استمرار حظر توريد السلاح.

يجب ألا تشخصن المؤسسة العسكرية في شخص، لأن هذا سيكون ضد طريقة المأسسة، الشخص يُحفظ له حقه، ولكن الجيش يجب أن يتحول إلى مؤسسة محترفة، لأنها لو شخصنت ستنهار كل الجهود باختفاء الشخص، لا سمح الله. الخلود الحقيقي للشخص هو أن يحوّل الجيش إلى مؤسسة محترفة، هذا سيخلد ذكره حتى بعد 200 سنة، وسيذكره الليبيون جيلًا بعد جيل، ولكن المشير خليفة حفتر يسئ إلى نفسه بشخصنة الجيش.

■ يشهد الجنوب أعمال عنف متكررة، برأيك من يقف وراء ذلك؟

هناك أيادي كثيرة تحرك الأحداث في الجنوب، منها دول الجوار، مثل المعارضة التشادية والمعارضة السودانية والأعراق والقبائل، مثل التبو والطوارق. يوجد في الجنوب أعداد كبيرة من الأفارقة غير الليبين، قدموا إلينا من النيجر وتشاد ومالي في الأونة الأخيرة بسبب انهيار الدولة في ليبيا، وهذا يحدث على مرأى العالم، وخاصة الدول المجاورة، وبعلم القوات الأجنبية المتواجدة في هذه الدول. يدخلون إلى ليبيا ليمثلوا كثافة سكانية كبيرة، ويهدفون إلى تغيير الشكل الديموغرافي والسياسي للجنوب. والأوروبيون لا يضيرهم، بل ينفعهم، أن يقتطع جزء من ليبيا لحل مشكلة الهجرة غير الشرعية.

■ ماذا تقول للأطراف المتصارعة في ليبيا؟

هناك اعتمادية مطلقة من الأطراف الليبية المتصدرة المشهد على الأطراف الخارجية، وليس اعتمادًا على النفس. الليبيون لا يتحدثون إلى بعضهم البعض، والكل بات امتدادًا للأطراف الخارجية التي لا تملك مصلحة مشتركة ولا موقفًا موحدًا من أزمتنا، وكأننا نعمّق الصراع. لا ألوم الدول، فالجميع يبحث عن مصلحته، وهذا طبيعي، ولكني ألوم الليبين الذين سمحوا بهذا الأمر.

لن تحل المشكلة الليبية طالما ظل هذا التدخل الحاد من كل الأطراف الخارجية. أكبر مساعدة يمكن أن تقدمها هذه الأطراف هي أن تأخذ خطوة إلى الوراء، وتترك الليبيين وشأنهم، ولو كانت لديها رؤية موحدة لساعدت في حل الأزمة. والخطر الذي لا تدركه هذه الأطراف أنه كلما طالت حدة وتعقيد الأزمة كلما انتشر الإرهاب أكثر، وتدخلت قوى إرهابية أخرى من أفريقيا مثل بوكو حرام وحركة الشباب في الصومال، وقتها ستتحول ليبيا إلى خطر على الجميع.

ليبيا الآن كرة نار مشتعلة، أموالها تهدر، ومواطنوها تحولوا إلى لاجئين ومهجرين حتى داخل بلادهم. الإرهاب يتمدد، والهجرة غير الشرعية تنتشر، والمليشيات تتحول إلى دول صغيرة بمساعدة الأطراف الخارجية. همّي الأكبر هو كيف نجمع الأطراف الليبية ونلم الشتات، وبعد أن تقوم الدولة الليبية سيأتي موعد الحساب. الليبيون لن ينسوا أبدًا من أساء إليهم. ما يهمني أيضًا هو كيف نوعّي الليبيين بأن ما يوحدهم أكثر مما يفرقهم، وأن هذا الطوفان سيجرف الجميع.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية