x

نيوتن الفوترة نيوتن الأحد 06-05-2018 02:29


«وتعطلت لغة الكلام». أصبحت هناك لغة أخرى. الحسابات والأموال والفواتير. هذه هى لغة العالم الآن. الفوترة تعبير تجارى. يعنى تقديم فاتورة مقابل الخدمة. سواء كانت هذه الخدمة فى شكل عمل أو بضاعة. لكن ألعن أنواع الفواتير. تلك التى تبتز الطرف الآخر. غالباً ما تأتى بعد تأدية الخدمة أو توريد البضاعة. فى هذه الحالة لا يستطيع متسلم الفاتورة أن يعترض على السداد. مهما كان المبلغ مبالغاً فيه.

أمريكا أصبحت متخصصة فى هذا الأمر. العالم أصبح أحادى القطب بعد انهيار الاتحاد السوفيتى. حتى مع وجود الصين. أمريكا يمكنها الانفراد بتقدير تكلفة خدماتها.

ترامب لم يعد يخفى هذا. قال بشكل واضح ودون تورية: «دول الخليج لن تبقى أسبوعاً واحداً دون الحماية الأمريكية». هذا ما لوح به ترامب ليس لدول الخليج فقط. بل لجميع دول العالم. وهذا هو المنطق الذى أصبح يخاطب به حلفاءه فى الناتو.

هو يريد أن يكون هناك مقابل لكل الخدمات أو الأعمال التى تقوم بها أمريكا. مادام هناك مستفيد فى الطرف الآخر.

هناك مثلاً كوريا الجنوبية. بلد ديمقراطى 100%. قرأت الخريطة الموجودة حالياً. فهمت أنها ستفاجأ بفاتورة ترامب. سيكون تقديراً من طرف واحد. قد تتضمن الفاتورة تكلفة الأعاصير التى ألمّت ببعض الولايات الأمريكية.

ترامب كان يحمى كوريا الجنوبية. قواته كانت موجودة هناك. لحماية كوريا من أى اعتداء محتمل من جارتها الشمالية. الرؤساء قبله كانت لهم حسابات خاصة بتوازنات القوى. هو يريد مقابل هذه الحماية نقداً.

لذلك وجدت كوريا الجنوبية الحل أمامها فى إنهاء حالة العداء مع جارتها الشمالية. فى هذه الحالة لن تكون فى حاجة إلى خدمات أمريكية. بالتالى لا فواتير أمريكية.

أما عن كوريا الشمالية فهى محاصَرة اقتصادياً. الشعب يعانى معيشياً على مدى 7 أجيال. تكاليف الصواريخ الباليستية والسلاح النووى استنزفت اقتصاد البلد. لكنها أدت مهمتها.

ربما تلك الفواتير ثلاثية الأبعاد هى التى أدت إلى اجتماعات الأطراف مع بعضها البعض.

أمريكا من جهتها ستوفر الأموال التى تصرفها على قواتها فى كوريا الجنوبية.

كوريا الجنوبية ستتقى شر الفاتورة الأمريكية وشر الخطر الرابض فى الشمال.

كوريا الشمالية تتخلص من الحصار الاقتصادى. تترجم مصاريفها العسكرية إلى منافع اقتصادية.

الأمر نفسه ينطبق على علاقة السعودية وروسيا. يجمعهما شىء واحد. الحسبة المالية. فاتورة البترول. يريدونها مستقرة. تضمن الربح دائماً. الدولتان لم تكونا قريبتين من بعضهما أبداً. ورغم ذلك بينهما تنسيق دائم فيما يتعلق بالبترول. فالاثنتان من كبرى الدول المنتجة والمصدرة للبترول. روسيا حتى ليست عضواً فى منظمة الأوبك. رغم ذلك تنسق مع السعودية لضبط سعر البترول فى السوق العالمية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية