x

ياسر أيوب الكرة الأوروبية وحقوقنا وحياتنا ياسر أيوب الثلاثاء 27-02-2018 22:37


هناك كلام ممكن أن يقرأه أو يسمعه الإنسان بحكم المهنة أو من باب الواجب أو اللياقة والمجاملة أو الاعتياد أو الهروب من الفراغ والملل.. وكلام آخر ممكن أن يثير الشجن أو الغضب والفرح والأمل أو الحزن والأسى.. ومن الممكن أن يصبح كلام آخر بمثابة تحريض ودافع حقيقى للتوقف والانتباه وإعادة التفكير فيما وراء الحروف والكلمات.. وأمام كونجرس الكرة الأوربية الذى استضافته مدينة براتيسلافا عاصمة سلوفاكيا أمس الأول.. كان لابد أن يبدأ الاجتماع بكلمة من أليكسندر تشيفرين، باعتباره رئيس الاتحاد الأوروبى لكرة القدم.. وخرج الرجل فى كلمته عن كل ما هو مألوف ومتوقع فى مثل هذه اللقاءات والاجتماعات.. فقد قال تشيفرين لأسرة كرة القدم فى أوروبا إنه يدعوهم لمزيد من الأحلام، لكنه لا يعدهم بالوصول إلى القمر لأنه رجل كرة قدم وليس رجل سياسة وليس تاجر أحلام.. وشرح تشيفرين ما يقصده بالأحلام، وهو تحقيق مزيد من التوازن والعدالة فى الساحة الكروية الأوروبية، وألا تبقى هناك أندية قليلة فى أوروبا كلها هى التى تنال كل شىء ويبقى الآخرون مجرد كومبارس يعانون من التهميش والتغييب وقلة المال وقلة الفرحة أيضا ببطولات الكرة وانتصاراتها.. أما القمر الذى أكد تشيفرين أن أوروبا لن تصل إليه فهو أن يفوز قريبا أى ناد من شرق أوروبا ببطولة دورى الأبطال الأوروبى ويأخذ الكأس الكبيرة من أندية الغرب الغنية والقوية.. ولم يكن تشيفرين يقول ذلك باعتباره من الشرق الأوروبى ومن سلوفينيا بالتحديد.. فقد قال ذلك من قبل الفرنسى ميشيل بلاتينى، الرئيس السابق للاتحاد، الذى كان يطالب أيضا بالعدالة والمساواة.. إنما كان تشيفرين يقصد أنه إذا قررنا أن نبدأ بتحقيق المستحيل أولا فقد ينتهى بنا الأمر عاجزين حتى عن تحقيق الممكن.. وأن الذين يتصورون العدل الكروى هو أن تفوز أندية شرق أوروبا بالبطولة، فغالبا سيبقى هؤلاء ينتظرون طويلا دون أن ينالوا أى شىء فى النهاية.. إنهم تماما كمن يريدون إصلاح كل شىء مرة واحدة فتصبح النتيجة الحتمية هى أن يبقى كل شىء على حاله دون تغيير أو إصلاح.. كما فاجأ تشيفرين أسرة الكرة الأوروبية أيضا بأمر مفاجئ تماما.. فقد قال رئيس اتحاد الأوروبى إن كرة القدم فى أوروبا باتت مهددة، وإن الألعاب الإلكترونية وألعاب الفيديو بدأت تسرق البساط من تحت كرة القدم بعدما أصبح الشباب يعيش معظم أوقاته فى هذا العالم الافتراضى.. وسيصبح عدم الانتباه إلى ذلك هو منتهى السذاجة.. وكان تشيفرين يقصد أنه لا مانع من أن تكون هناك خلافات بين شرق وغرب وشمال وجنوب وأغنياء اللعبة وفقرائها.. لكنّ هناك أوقاتا وقضايا لا تحتمل مثل هذه الخلافات حين يكون هناك تهديد لمصير اللعبة نفسها ومستقبلها.. تشيفرين يقول ذلك عن كرة القدم الأوروبية ويدعو أهلها للانتباه والهدوء للمحافظة عليها.. أما نحن هنا فى مصر.. فقد أصبحنا نعيش طول الوقت أسرى لألف خلاف وألف معركة وصوت صارخ.. وبدأنا نستسلم لعالم افتراضى سيسرق منا حقيقتنا وواقعنا وأحلامنا أيضا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية