x

أجرأ مواجهة مع «خريف الغضب»: هيكل يرفض مناظرة تليفزيونية

السبت 23-09-2017 12:11 | كتب: رضا غُنيم |
محمد حسنين هيكل- صورة أرشيفية محمد حسنين هيكل- صورة أرشيفية تصوير : محمد معروف

كثيرون هم من انتقدوا محمد حسنين هيكل. كتابات عدة صدرت منذ سبعينيات القرن الماضي ضد الصحفي الأشهر في الوطن العربي، بعضهم كتب لتصفية حسابات شخصية مع «الأستاذ»، وآخرون وجهوا له أسئلة لم يُجب عنها.

كان الرجل في المنتصف بين الناصريين والساداتيين يتلقى الهجوم. في ركن بعيد هادئ كان هناك فؤاد زكريا، أستاذ الفلسفة، يُراقب في صمت، إلى أن أصدر هيكل كتاب «خريف الغضب».

فور صدور الكتاب، تعرّض هيكل لهجوم حاد داخل وخارج مصر: كيف يكتب عن السادات بعد اغتياله؟ لماذا لم يهاجمه أثناء حكمه؟، فكان رده: «انتقدته في حياته. وهذا الكتاب خلاصة دراستي وبحثي لحكمه».

لكن فؤاد زكريا، رافض حكمي ناصر والسادات، ردّ على هيكل، في مقالات بصحيفة «الوطن الكويتية»، جمعها بعد ذلك في كتاب «كم عمر الغضب.. هيكل وأزمة العقل العربي».

أستاذ الفلسفة حاول إظهار ما أراد «الأستاذ» إخفاءه، أهم ما ميّزه الانتقاد بموضوعية، واستخدام أدوات العقل كعادته في آرائه النقدية، رافضًا لعبة «إما ناصري أو ساداتي».

ورأى «زكريا» أن نظام السادات كان امتدادًا لـ«النظام الناصري»، رغم أن الأول «رأسمالي»، والثاني «اشتراكي»، معتبراً أن هيكل واحد من المنظومة الساداتية، وكذلك كان مشاركًا رئيسيًا في نظام «ناصر»، وطالبه بأن يعترف بهذه المشاركة ولا يبررها.

وتحت عنوان «مبادئ الفلسفة الهيكلية»، قال «زكريا» إن هيكل اعتمد على 3 مبادئ: الأول «في البدء كان النسيان»، وهو مبدأ راهن به «الأستاذ» على غباء الجماهير وضعف ذاكرتها، ونسى أنها تملك أرشيفًا ضخمًا يوثقون فيه مواقفه، والثاني «ديمقراطية أنا وحدي» التي يرفض فيها الرقابة على مقالاته في الوقت الذي يؤيد أو على الأقل لا يهتم بالرقابة على مقالات زملائه من الصحفيين، والثالث «الوطنية والكفاح بأثر رجعى»، وهو أسهل أنواع الكفاح، وقليل التكلفة، وفي حالة هيكل لم يقتصر الأمر على الكفاح بأثر رجعي ضد سياسات كان متفرجًا أثناء حدوثها، بل كان شريكًا في صُنعها، مستشهدًا في تلك النقطة بمشاركته في تهيئة الأذهان لطرد الخبراء السوفييت، والتشكيك في قيمة أسلحتهم، ثم عودته لهجومه على «السادات» بسبب تعاونه مع أمريكا.

صاحب «خطاب إلى العقل العربي» كشف أيضًا لعبة الأحياء والأموات التي لجأ إليها هيكل، الذي غضب من الهجوم على «ناصر» بعد وفاته، قال إنه «لا للهجوم على الحاكم بعد مماته، ولا لنبش القبور، ولا لانتهاك الحرمات»، وكتب مقالاً في صحيفة «الوطن» الكويتية، بعنوان «ما أكثر الشجاعة هذه الأيام على الغائبين»، يتهم فيه من ينقدون الأموات بالجبن، لأنهم لم يمارسوا شجاعتهم إلا على الغائبين، ونَسى أنه فعل ذلك مع السادات.

وفق «زكريا»، كتب هيكل «خريف الغضب» بعد اغتيال السادات في الثمانينيات، وتعرّض لهجوم شديد، بدعوى أن الرجل رَحل عن الحياة، ولا يصح الكلام عنه بعد مماته، وكان ردّه: «أرفض رهبة الموت وقدسيته من أجل تبرئة الحكام وإبعادهم عن النقد. هل يأتي كل حاكم ويفعل ما يشاء ثم يذهب فلا نناقشه في حياته، ولا نناقشه بعد مماته؟ أهذا معقول».

توفيق الحكيم رد على هيكل بعد هجومه على السادات، وقال له: «حالتي تشبه حالتك، أنت كتبت كتابًا هو (خريف الغضب)، اعتبر هجومًا ضد السادات بعد موته، وأنا كتبت كتابًا هو (عودة الوعي)، اعتبر هجومًا على عبدالناصر بعد موته»، لكن هيكل رفض التشبيه، وقال: «لم أكتب بعد موت أحد. كتبت في حياته رأيي، وكتبت بعد موته دراستي لما حدث»، وفق «زكريا».

في رأي «زكريا»، هيكل يقف على نفس الأرض التي يقف عليها خصومه، يفكر بنفس منطقهم، ويتبنى نفس قيمهم، يُحلل لنفسه ما يحرّمه على الآخرين.

فؤاد زكريا اعتبر أن معركته مع هيكل هي الأهم في مشواره، وقال إن «الأستاذ» رفض مناظرته حينما كان في زيارة للكويت، بعد دعوته من قبل أحد معدي البرامج بالتليفزيون الكويتي.

لا جديد في رفض هيكل المناظرة، الرجل لا يردّ على أحد، هو نفسه قال ذات مرة: «لم أرد على أحد من الذين يتصورون أنهم سينالون مني».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية