x

ميراث هيكل في «المصري اليوم».. 60ألف كلمة بين «الصحافة والسياسة» (ملف خاص)

شهادات الأستاذ عن مبارك والإخوان والثورة والتوريث
الخميس 18-02-2016 20:28 | كتب: معتز نادي |
صورة ضوئية لحوار الكاتب الكبير الراحل لـ«المصرى اليوم» صورة ضوئية لحوار الكاتب الكبير الراحل لـ«المصرى اليوم» تصوير : اخبار

فى الصحافة تستطيع أن تكون اسمًا لامعًا لا ينساه القارئ بمرور الزمن من خلال قلم لديه من الحكايات ما يثير الشغف والاهتمام حتى وإن بدت عباراته قليلة لكن أثرها كطلقات الرصاص. وقد لا تكون كذلك، ولا يسمع عنك أحد، وتكون مجرد اسم ضمن أسماء أخرى، تحتفظ بها صفحات الجرائد، ولا تكون حديث الساعة، حتى وإن غيّبك الموت، مجرد ترحم على شخصك لدى أقاربك، وأصدقائك ولا يكون لدى القارئ أى علم بك. الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، اختار أن يلعب دور الشخص الأول، الذى تبدأ وتنتهى عنده كواليس التاريخ، فتجد عنده أسرار الملوك والرؤساء بوثائق يدعم بها حكاياته، التى لا تغفل سماعها، فكل من مرَّ فى أيام حياته له معه قصة، وليست القصص هنا مجرد حكاية أو تسلية، بل تكون صانعة لحدث يغير أمور دولة بتعبيرات تجعل الهزيمة «نكسة» والموت «انتحار» بصياغة تُقدر أهمية أن تكون الكلمات معبرة عن فكرته دون ثرثرة تملأ الصفحات ولا جدوى لها. وعلى صفحات «المصرى اليوم» كان لـ«هيكل» نحو 60 ألف كلمة ضمت حوارات ومقالات ورسائل اختص بها الصحيفة الشابة فى أفكارها الرصينة فى توجهاتها.

حيث يهوى «الأستاذ» دوما، أن تكون كلماته مكتوبة، لأنها سيكون لها العمر الطويل، خاصة إذا كانت مطبوعة، إيمانا منه بأن «الكلمة المكتوبة على الورق باقية، والكلمة المسموعة فى الإذاعة والتليفزيون عابرة، والكلمة المكهربة على الكمبيوتر فوارة، وهى مثل كل فوران متلاشية».

بالنسبة لهيكل، الذى استأذن فى الانصراف، كان الورق والحبر بناء عمره، الذى نستعرض جزءًا كان لـ«المصرى اليوم» نصيب منه بداية من رحلة انطلاقها ومرور عام على تدشينها، حيث اختصها «الأستاذ» برسالة شكر وإشادة، ومن وقتها كانت بوابته إلى القراء للحديث عن هموم مهنة متعبة أحبها، ولرسم صورة لمستقبل مصر من خلال تحليلاته السياسية، التى لا يمكنك إغفالها حتى ولو كنت تختلف مع وجهة نظره.

رؤية الأستاذ لـ«مستقبل مصر»: مجلس أمناء للدولة والدستور لنقل السلطة في حماية الجيش
صورة ضوئية لحوار الكاتب الكبير الراحل لـ«المصرى اليوم»

عام 2009، حاور مجدى الجلاد، رئيس التحرير الأسبق لـ«المصرى اليوم»، الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وكتب فى افتتاحية اللقاء: «ذهبت إليه هذه المرة وبين ضلوعى سؤال واحد، أراه - ويراه الكثيرون - سؤال وطن يبحث عن طريق».

وداخل مكتب هيكل الأنيق، وجد الجلاد نفسه يحدد مفاتيح الحوار لتكون عن الوصول إلى «مستقبل أفضل» لمصر، خاصة أنه أعلن «حالة الاستنفار الذهنى» لأن صانع مجد صحيفة الأهرام فى الستينيات من القرن الماضى «رجل يعنى كل كلمة يقولها.. لا يستطرد فيما يمكن فهمه بكلمات قليلة، ولا يترك منطقة غائمة، دون أن يبدد غموضها، ويهيئها للناظرين».

استغرق الحوار 5 ساعات على جلستين متتاليتين، بدأ بكلمة مطولة كتبها «الأستاذ» بقلمه، والجزء الثانى يركز على مستقبل مصر، وما يراه - من وجهة نظره - لبناء دولة قوية وإنسان أقوى، والثالث عن الأوضاع الإقليمية والدولية.المزيد

الأستاذ وثورة 25 يناير: مبارك «سي السيد» في رواية نجيب محفوظ
لقطات من ثورة 25 يناير - صورة أرشيفية

بينما كان «الثوار» فى ميدان التحرير يردّدون هتاف: «الشعب يريد إسقاط النظام»، كان الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل يجلس فى مكتبه يمسك قلمه ليكتب فى «المصرى اليوم» أول فبراير 2011: «لم أكن أريد أن أفتح فمى وأتكلم، فقد قلت ما فيه الكفاية، أو هكذا أعتقد».

واعتبر أن «حوار التاريخ الجارى الآن فى مصر، وهو فى واقع الأمر بين طرفين: طرف يمثل الطموح، وطرف يمثل القدرة، أى أنه حوار بين جيل جديد من الشباب تصدى لشحنة متفجرة وخطرة لم يكن هناك من يعرف كيف يستطيع الاقتراب منها وفك عقدها، وقد فعلها هذا الجيل بحسن تصرف، وكفاءة علم، وبأدوات عصر».

وقال إن «الطرف الثانى هو القوات المسلحة، وهو القدرة الحارسة لسيادة الدولة وحماية الشرعية فيها - الشرعية وليس السلطة- شرعية متمثلة فى دستور حقيقى، على أساس عقد سياسى واجتماعى بين طبقات الشعب كلها».المزيد

رسائل هيكل لـ«المصري اليوم»: جريدتكم علامة فى مسيرة الصحافة.. وإصدارها مجازفة
حوار بين هيكل والمهندس صلاح دياب وبينهما عبدالله السناوى

«المصرى اليوم جريدة كبيرة تملأ الأفق على اتساعه».. كلمات خاطب بها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل «المصرى اليوم» التى كانت تحتفل بمرور عام على إصدارها الأول.

وأرسل هيكل سطورًا تشيد بـ«المصرى اليوم» فى 8 يونيو عام 2005، موجهة إلى الراحل كامل توفيق دياب، الذى كان رئيسًا لمجلس إدارة الصحيفة، معتبرًا أن خطوة إصدار الجريدة «مجازفة» ومقدمًا الشكر له.

وقال هيكل فى رسالته لـ«دياب»: «إننى أعرف اهتمامك الموروث بالكلمة المكتوبة عن طريق أستاذنا الكبير توفيق دياب صاحب (الجهاد) ذلك الرجل الذى اختار لجريدته مبكرًا شعارًا صاغه أمير النظم العربى العظيم أحمد شوقى يقول فيه: (قف دون رأيك فى الحياة مجاهدًا.. إن الحياة عقيدة وجهاد».المزيد

هيكل وذاكرة الصورة
هيكل

مجموعة من الصور التوثيقية لدى «المصرى اليوم» ذات اللحظة الواحدة والمكان الواحد والحالات المتعددة، وهى تنشر لأول مرة باعتبارها أقرب إلى الصور الوثيقة بالأبيض والأسود والتى لم تنشر من قبل للأستاذ فى مكتبه، ويبدو فيها الأستاذ مهيأ ومحتشدا لطقس التصوير بين الإطراقة والتأمل والابتسامة والاستغراق فى الكتابة، ما بين التبسط والاعتداد، فضلا عن صورة نادرة مع البكباشى ناصر وهو يطلعه على أحد الإصدارات للصحيفة. ولأن الأستاذ كان من المعجبين بصحيفة «المصرى اليوم» ورآها تقدم الصحافة على أقرب صيغها من وصف المستقلة، لذا فقد اختصها بمجموعة من المقالات فى أواخر عهد مبارك، وهى مجموعة مقالات كانت أشبه بمانيفيستو إصلاحى لمصر للعبور بها إلى بر الأمان، من مأزق حرج كانت تعيشه بين الاستبداد والفساد والتوريث والحاشية، ولما لم يستجب مبارك لما ورد فى هذه المقالات دفع بها الأستاذ لـ«المصرى اليوم» لتنشر على حلقات.المزيد

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية