x

نبيل فهمي: دعاوى تعديل الدستور ينطبق عليها «جه يكحلها عماها» (2 - 2) «حوار»

السبت 02-09-2017 19:50 | كتب: جمعة حمد الله |
المصري اليوم تحاور« الدكتور نبيل فهمى»، وزير الخارجية السابق - صورة أرشيفية المصري اليوم تحاور« الدكتور نبيل فهمى»، وزير الخارجية السابق - صورة أرشيفية تصوير : أيمن عارف

قال الدكتور نبيل فهمى، وزير الخارجية السابق، إن التعامل مع الدستور يجب أن يكون بحساسية، مع أخذ ظروف إعداده في الاعتبار، مؤكدا أن المساس بأساسياته يضر بالمصلحة العامة للبلاد، وأن طرح فكرة تعديل المدة الرئاسية من حيث المبدأ يمس بالمناخ العام للعملية الانتخابية.

وأضاف فهمى، في الجزء الثانى من حواره لـ«المصرى اليوم»، أنه قلق من ملف سد النهضة لعدم اتخاذ الجانب الإثيوبى خطوات تعكس الرغبة في بناء الثقة مع مصر.. وإلى نص الحوار:

المصري اليوم تحاور« الدكتور نبيل فهمى»، وزير الخارجية السابق - صورة أرشيفية

■ تحدثت عن خطورة التنافس بين الدول الكبرى في إقامة قواعد لها في منطقة القرن الأفريقى.. كيف ترى تأثير هذا الأمر على الأمن القومى المصرى؟

- مكمن الخطورة هنا في تعدد مصالح دول من غير المنطقة واختلاف أولوياتها وثقلها المبالغ فيه عن ثقل الدول المجاورة، ومصر دولة قوية ولها وزنها السياسى والأمنى حتى في ظل أزماتها الاقتصادية فهى دولة لها جذور عميقة، والمسألة ليست في التهديد المباشر للأمن القومى المصرى وإنما في تهديده إذا تشعبت المشاكل في هذه المنطقة والجهد الذي يبذل في التعامل معها على حساب أولويات أخرى، وأضرب هنا مثلا بعمليات القرصنة التي كانت موجودة قبالة السواحل الصومالية، والتى أثرت في كثير من القضايا الاقتصادية، بالإضافة إلى السياحة، وتسببت هذه المشكلة في وجود سفن عسكرية صينية وهندية وأوروبية وأمريكية، بالإضافة إلى نشاط لدول إقليمية غير عربية.

■ الوضع في ليبيا يتسبب في حالة قلق دائم للرأى العام المصرى، فكيف ترى سبل الحل لهذه الأزمة؟

- أرى أن السياسة الخارجية والاستراتيجية المصرية تجاه ليبيا توجهها سليم، فهناك وعى سياسى مصرى بأنه لا بد من توفيق الأوضاع بين الأطراف الليبية المختلفة، في نفس الوقت، وهذا تطور إيجابى في موقفنا، ففى بداية الانهيار الليبى كان تركيزنا على الجانب الأمنى نتيجة لمشاكل الحدود وغيرها، إذن بكل صراحة التطور في الموقف المصرى سليم وإيجابى.

والمشكلة الليبية معقدة للغاية، فليبيا كانت نصف دولة وانهارت بالكامل، ولم يكن فيها مؤسسات وأصبح فيها أطراف متناحرة مع بعضها البعض، كلها مسلحة، ولديها إمكانيات مادية، حتما الأمر يتطلب الحد من قدرة الأطراف المتطرفة على المناورة، وهذا يتطلب تواصل الجهد للتوفيق بين الغرب الليبى والشرق الليبى، وهذا ما يتم حاليا، لكننا لم نصل بعد إلى النتيجة المطلوبة.

ومكمن الخطورة هنا أن الجنوب الليبى خارج هذه المحاولات لتحقيق التوافق الليبى المطلوب ومعروف أن هناك نشاطا للجماعات المتطرفة في الجنوب الليبى، إذن علينا إلى جانب العمل السياسى بين الغرب والشرق دفعهما للتواصل والعمل مع زعماء القبائل وأصحاب النفوذ في القرى المختلفة ليشعروا بأن هناك مصلحة ذاتية لهم في التعاون مع السلطة الليبية، على حساب التعاون مع المتطرفين.

■7 سنوات مرت حتى الآن على الوضع في سوريا ويبدو أنه لا توجد أفق للحل.. ما رأيك؟

المصري اليوم تحاور« الدكتور نبيل فهمى»، وزير الخارجية السابق - صورة أرشيفية

- المسألة السورية كانت انعكاسا واضحا لانهيار المشرق العربى والفضاء العربى الذي تم استغلاله، من قبل أطراف غير عربية للقيام بدورها، فضلا عن الخلل في التوازن الدولى بمعنى أن أمريكا لا تقيم حسابا لروسيا، وروسيا لا تقيم حسابا لأمريكا، وأوروبا تائهة في الوسط، كل يلعب بمفرده، وتركيا تلعب مع كل هؤلاء في جانب، وضدهم جميعا في قضية الأكراد، وإيران تلعب ضد التطرف الدينى السنى وتساند نظام بشار، وبعض الأطراف الخليجية تعلن أنها ضد التطرف في مواقفها المعلنة ثم تدعم الأطراف المتطرفة في سوريا، ولا تفعل ذلك للوقوف ضد بشار الأسد، وإنما للوقوف ضد إيران، وأساس المشكلة السورية التعامل الدموى للنظام السورى مع شعبة، وانفجر الأمر دوليا بسبب هذه الاضطرابات، وحل الأزمة السورية في رأيى ليس في المستقبل القريب، خاصة في ظل التطورات الأخيرة، فالولايات المتحدة تركت الساحة لروسيا، حيث قدر الجانبان ضرورة التعاون حتى لا تنفلت الأمور بشكل أكبر، وبدأنا نسمع مقولة إن بشار ليس جزءا من التسوية وإنما هو جزء من الحل، وأخيرا فرنسا تغير موقفها حيث كانت تتخذ في البداية موقفا في غاية الشدة من نظام الأسد، وبدأت باريس تتحدث أنه ليس من أولوياتها تغيير بشار، وهناك تعاون على الأرض في جنوب سوريا بين روسيا والولايات المتحدة والأردن لتأمين تلك المنطقة من الحدود، ويتردد الآن أن المسألة وصلت لمرحلة بداية حوار إقليمى إقليمى للوصول إلى حل أو متطلبات حل الأزمة السورية، وبالرغم من عدم تفاؤلى إنما أتصور أننا تجاوزنا مرحلة المعارك الدموية إلى السعى للوصول إلى حلول لإدارة الموقف أو لحل الموقف، وأشير هنا إلى أنه إذا شاهدنا تطورا في الحوار الروسى الأمريكى وبداية تطور لحوار إيرانى خليجى وبشكل خاص حوار سعودى إيرانى قد نشهد تقدما في مجال حل الأزمة السورية، وهناك بوادر لقناعة حاليا لدى جميع الأطراف بأن الحل ليس عسكريا على الأرض، وإنما سياسى بصفقات متبادلة بين الأطراف الرئيسية.

■ وزير الخارجية الألمانى أعلن منذ أيام استعداد بلاده للوساطة بين مصر ودول حوض النيل خاصة إثيوبيا في ملف سد النهضة.. كيف ترى هذا التطور؟

المصري اليوم تحاور« الدكتور نبيل فهمى»، وزير الخارجية السابق - صورة أرشيفية

- أولًا أن يعلن هذا في مؤتمر صحفى، فهذا أمر إيجابى، والقاعدة العامة بالنسبة للتعامل مع أي اختلافات في الرؤى تجاه التعامل مع القضايا الخاصة بالممرات المائية التي تمر في أكثر من دولة هي أنه لا يوجد اتفاق، ويجب على الجميع الابتعاد عن التنمية والاستثمار في هذا الممر ودفع الأطراف المطلة على الممرات المائية إلى إيجاد حلول، إذن كقاعدة عامة ليس هناك جديد، أما تصريح الوزير الألمانى، وبنفس الصراحة، فأنا قلق من ملف سد النهضة، حيث لا أرى خطوات من الجانب الإثيوبى تعكس الرغبة في بناء الثقة مع الجانب المصرى كإجراءات عملية، في ظل استمرار البناء في السد، ولم يتم التوصل إلى اتفاق أو الانتهاء من الدراسات الفنية، ولم يتم التوصل إلى الأسس السياسية والعملية لإدارة السد بمعنى أن هناك اختلافا حول تفاصيل السد، من حيث الحجم والمعايير الفنية والأمنية والبيئية، كما لا يوجد اتفاق حول إدارة المياه عما وراء السد، وفى ظل هذه الأمور كان يجب على إثيوبيا إيقاف بناء السد إلى أن يتم التوصل لحلول، وفى حال إصرارها على البناء، ولدىّ تحفظ على هذا، كنا نتوقع من الجانب الإثيوبى التوصل لاتفاقيات سياسية بشأن مرحلة ما بعد البناء.

■ ارتفعت أصوات في الفترة الأخيرة بضرورة تعديل الدستور في مصر، خاصة تلك المواد المتعلقة بالمدة الرئاسية.. فكيف ترى هذا الأمر؟

المصري اليوم تحاور« الدكتور نبيل فهمى»، وزير الخارجية السابق - صورة أرشيفية

- أولا أي أمر قابل للتعديل.. فليس هناك دستور أو قانون غير قابل للتصحيح أو التصويب، إنما يجب أن نفرق بين المساس بالدستور، وهى الوثيقة الحاكمة للبلاد وكيفية التعامل مع مجموعة قوانين مع كامل تقديرى لها، فالتعامل مع الدستور يجب أن يكون له حساسية خاصة، ويجب أن يؤخذ في الاعتبار الظرف الذي أعد فيه الدستور، وما هو الداعى وراءه، والدساتير الأمريكية والفرنسية ارتبطت كلها بحركات تحرير أو ثورات ونفس الشىء بالنسبة لمصر، والرغبة الحاكمة في الدستور الحالى بعد ثورتى 2011 و2013 كانت ضمان مشاركة المواطن المصرى في إدارة البلاد بمعنى المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والتوازن بين السلطات المختلفة وإعطاء وزن معين للمجلس التشريعى، والتساؤل هنا: هل هناك جوانب في الدستور تحتاج إلى تنقيح أسرع؟ بدون شك فإن الدستور في شقه الخاص بالحقوق قوى جدا ومتميز، وهناك بعض أجزاء في الدستور بها صياغات تفصيلية مثل نسبة الصرف من الميزانية حول مشروعات معينة، مثل التعليم والبحث العلمى، وأنا مؤيد للتوجه السياسى لكل ذلك، بمعنى أؤيد مزيدا من الصرف على التعليم والبحث العلمى، وإنما لم يكن من الطبيعى أن يتم النص على نسبة معينة.

وأرى أن طرح تعديل مدة الولاية قبل أول إعادة لانتخاب الرئيس يتم طرحه برغبة صادقة لتحقيق الاستقرار في الساحة السياسية والتمكين في تنفيذ المشروعات، أنا لا أشكك في وطنية أحد، ولا في إيمان أحد، وإنما كلها آراء وآراء مختلفة، وإنما إذا كنا نسعى إلى ضمان الاستقرار، فيجب أن ننظر للموضوع بشكل أشمل، ونحدد أيضا هل هناك داعٍ أم لا، وإذا كان هناك داعٍ، فهل هذا التوقيت مناسب؟

وخلاصة الموضوع أننى أرى أنه ليس هناك داع لتعديل الدستور في الوقت الحالى، وطرح فكرة تعديل المدة الرئاسية، من حيث المبدأ في هذا التوقيت يمس بالمناخ العام للعملية الانتخابية.

■ البعض يتحدث حاليا عن أنه تم إرجاء هذا الأمر في الوقت الراهن؟

المصري اليوم تحاور« الدكتور نبيل فهمى»، وزير الخارجية السابق - صورة أرشيفية

- هناك أمور قد تحتاج النظر إليها في عجالة، وهى أمور تفصيلية، وكما ذكرت في السابق، طالما أعد الدستور لتمكين المواطن من اختيار المرشحين الرئاسيين والبرلمانيين وضمان توزيع السلطات بين مؤسسات الدولة، فالوقت مبكر على الدخول في هذا الأمر.

وأخيرا: الدستور لا يمس بهذه السهولة، وأضرب هنا مثلا بالانتخابات الأمريكية الأخيرة، ترامب فاز بها، وحصل على الأغلبية في المجمع الانتخابى وهيلارى كلينتون حصلت على 3 ملايين صوت، أكثر من التي حصل عليها ترامب، ورغم ذلك لم تفز، لماذا؟ لأن واضعى الدستور الأمريكى اختاروا النظام الفيدرالى، وأرادوا تجنب تكدس السكان في ولاية معينة، وأن تكون لهم سلطة طاغية على بقية الولايات فتم توزيع مقاعد المجمع الانتخابى بشكل معين بصرف النظر عن تعداد السكان، والرئيس المنتخب يجب أن يحصل على أصوات متنوعة من المجمع الانتخابى بمعنى لا يحصل على أصوات الغرب فقط، أو الجنوب أو الشرق أو الشمال.

والدستور المصرى الحالى أعد بعد ثورتين ونكسة: ثورة في 2011 ونكسة في 2012 وثورة في 2013 إذن يجب أن نترك له مساحة من التجربة والتنفيذ، ولا نستعجل في المساس بأساسياته، فذلك يضر بالمصلحة العامة للبلاد، وينطبق عليه المثل القائل «جه يكحلها عماها».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية