قال جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إن الأمة المصرية دائمًا ما تقدم من مثقفيها من يبذل حياته ثمنًا للمستقبل الواعد الذي ينتظره المصريون جميعًا، وهو تحقيق حلم الدولة المدنية.
وأضاف «عصفور»، خلال احتفاليّة المجلس الأعلى للثقافة بمرور 25 عام على اغتيال فرج فودة، مساء الأحد، بعنوان «فرج فودة.. حضور رغم الغياب»، بالمجلس الأعلى للثقافة، بحضور وزير الثقافة حلمي النمنم، وأمين المجلس حاتم ربيع، ورئيس دار الكتب والوثائق القومية، أحمد الشوكي، قائلًا «أذكر جيدًا أنه في المناظرة الأخيرة لفرج فودة في معرض الكتاب، وهي التي كانت سببًا مباشرًا في موته أنه تحدث عن فكرة أن الإسلام دين ودولة وأنها مجرد فكرة طوباوية، وأن أنصار الدولة الدينية ليس لديهم مشروعات واضحة عن الدولة المدنية، وأذكر جيدًا أن مأمون الهضيبي في هذه المناظرة طالبه أن يكتب هو مشروعات مدنية لهذه الدولة الدينية، وقبل فرج فودة برحابة صدر، وعد بأن يقدم للإخوان المسلمين تلك المشروعات بين أيديهم، وأغلب الظن أنه كان يسخر من هؤلاء، وأظن أنه مع زمن السادات بدأت الفجوة تتسع، عندما بدأ التحالف بين رئيس الدولة وبين تلك الجماعات التي رأى فيها حليفًا له للقضاء على بقايا الناصرية واليسار والقومية إلى أخر التيارات التي كان تناصبه عداء وتدفعه دفعًا إلى الحق ومنها التيار الليبرالي الذي كان ينتسب إليه فرج فودة».
وأوضح، أن فودة «دخل في معركتين على السواء، مع السلطة الفعلية للدولة التي تتحدث باسم الديمقراطية ولا تريد الديمقراطية، ومعركة أخرى لهؤلاء الذين يريدون أن يرجعوا بنا إلى القرون الوسطى بدولة دينية، وكانت المعركة الأولى كانت تتخذ قوتها من المعركة الثانية، والمعركتان كانتا تتبادلان الدعم، وعندما جاء لتلك المناظرة في معرض الكتاب، لم يكن يناظر هؤلاء تلك الجماعات فحسب، وإنما الدولة نفسها ممثلة في الذي كان يحكم في ذلك الوقت والذي كان يسير على هوى هذه الجماعات الإسلامية، والتي أنشأتها الدولة في صراعات أجنحتها مع أجنحتهم ومن هنا كان لابد لفرج فودة أن يكون مع خصومة مع جناح الدولة».
وقال وزير الثقافة حلمي النمنم: «نحن اليوم نحتفل بمرور ربع قرن على اغتيال د. فرج فودة، ونحن نحتاج أن نقف أمامه طويلًا لأنه حالة مميزة في الثقافة المصرية والعربية، فهو أول كاتب ومفكر يستشهد بشكل مباشر بسبب آرائه، صحيح أن جماعة الإخوان الإرهابية سنة 1949، اغتيال العقاد ولم ينجحوا، وحاولوا كثيرًا اغتيال طه حسين معنويًا وهو حي وأكثر بعد رحيله، ففور موته صدرت 3 كتب عن كتاب الجماعة تكفّر طه حسين، لكن فودة حالة مختلفة، لأنه اغتيل في الشارع وعلى بعد مئات الأمتار من القصر الجمهوري، كانت حياته مهددة ولم يكن أحد في الدولة يأخذ هذا على محمل الجد».
وأضاف وزير الثقافة «كنت أحد حضور المناظرة الشهيرة في معرض الكتاب، وكتبت عنها في (المصور) واتهمت وقتها بعدم حيادي، لأنني طرحت تساؤل في المقدمة وهو (هل تكون هذه المناظرة نهاية حياة فرج فودة)، وقلت هذا الكلام لأن ملامح ونظرات مأمون الهضيبي والشيخ محمد الغزالي إلى فرج فودة، ليس فيها غل وحقد وكراهية فقط، لكن كان فيها الموت، خاصةً لأن المُناظر كان د. محمد عمارة، والمتحدثين؛ د. فرج فودة، ود. محمد خلف الله، وعلى الجانب الآخر، د. محمد عمارة والشيخ محمد الغزالي، ولسبب ما حين حضرت الحشود، رأى د. محمد عمارة أن ينتقل من إدارة المناظرة وانضم للفريق الأخير، ما جعل المناظرة غير متكافئة، وبعد مقتل فرج فودة أصدر الهضيبي بيانًا لم يدين الجريمة، لكنه يحمل الحكومة مسؤولية مقتله لأنهم (تركوه يقول ما يقول مما أغضب الشباب)، أي أنهم يعترفون ويقولون إنه يستحق القتل».
حضر اللقاء، الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي الذي ألقى قصيدته «شفقٌ على سور المدينة» عن اغتيال فرج فودة، د. خالد منتصر، د. هدى بدران، الشاعر والناقد شعبان يوسف، الروائي إبراهيم عبدالمجيد، والعديد من المثقفين والسياسيين والكتاب.