قالت دراسة لمعهد «فرايد» البحثي للديمقراطية وحقوق الإنسان، ومقره مدريد، إنه بالرغم من تدبير عدة حكام عرب حاليين لانتقال «سلس» للسلطة إلى أبنائهم، فإن هذا الانتقال لن يؤدي إلى استمرار المصالح الاستراتيجية الغربية في المنطقة، حيث إن الورثة الجدد لا يحظون بالقبول نفسه الذي يتمتع به آباؤهم.
ورصدت الدراسة، التي صدرت مؤخرًا، بعنوان «الخلافة المُدبرة والاستقرار في العالم العربي»، احتمالية التوريث في خمس دول عربية تصدرتها مصر، وتلتها تونس والجزائر وليبيا واليمن.
وأكدت الدراسة أن مصر هي أكثر بلد في المنطقة ستشهد خلافة وشيكة، مشيرة إلى أنه بالرغم من التكهنات بأن جمال مبارك هو الوريث الأكيد، فإن توليه السلطة ليس أكيدًا في ظل المقاومة العامة للتوريث، لافتة إلى فضل الجمعية الوطنية للتغيير بقيادة الدكتور محمد البرادعي في توحيد المعارضة، ومشددة على عدم توحد الحزب الوطني خلف جمال مبارك.
وتابعت الدراسة أن من سيرحبون بجمال مبارك في السلطة هم أولئك الذين يتوقعون منه المزيد من التحسينات في بيئة الأعمال في مصر، مستشهدة بتردد الحزب في إعلان مرشحه للرئاسة حتى الآن.
ولفتت الدراسة إلى أن خلافة جمال لوالده تقابل بمشاعر مختلطة لدى حلفاء النظام الغربيين، لما يعنيه ذلك من استمرارية الهياكل الاستبدادية الداخلية.
وفي شأن متصل، قال معهد «كارنيجي» للسلام الدولي إن النظام المصري استطاع في الانتخابات البرلمانية الأخيرة أن يجعل أي محاولة لتحدي «القادة الكبار» عقيمة.
وناقش المعهد، في تقرير حديث له بعنوان «دليل الخلافة في مصر»، أعده ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، كيفية تعامل النظام المصري مع «التحدي القادم المتمثل في انتقال السلطة».
وقال إن هناك أسئلة كثيرة تظل عالقة حول انتقال السلطة في مصر، وهل «سيتقاعد الرئيس مبارك عند نهاية فترته الرئاسية العام المقبل، أم سيسعى إلى إعادة انتخابه لفترة جديدة، ومن سيخلفه؟».
وأضاف براون أن أنماط انتقال السلطة في مصر في الماضي وكذلك في الأنظمة السياسية المشابهة «تقدم بعض الرؤى وتشير إلى أربع قواعد عامة في عملية انتقال السلطة».
وأوضح براون أن القاعدة الأولى تتمثل في أن الأنظمة شديدة المركزية تمقت الفراغ وعدم اليقين، مشيرًا إلى أن الأنظمة المشابهة لمصر «مصممة لتعمل بشكل جيد عندما تكون هناك شخصية راسخة في القيادة العليا، ولكن انتقال السلطة يمثل حالة تحدٍ عميق، حيث يحصل فرد واحد على سلطات كثيرة بشكل يجعل من الصعب التخطيط لأية بدائل».
والقاعدة الثانية، التي وضعها براون، هي «كيفية اختيار الحزب لمرشحه؟»، لافتًا إلى أنه «من المستحيل التنبؤ بهوية خليفة الرئيس مبارك أو متى سيحدث انتقال للسلطة، إلا أنه من المرجح أن العملية ستتبع القواعد الرسمية»، معتبرًا أن «القوانين الدستورية في مصر معقدة، وأشار إلى أنها تجعل من ترشيح أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو الدكتور محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، غير دستوري.
والقاعدة الثالثة، التي حددها براون، هي كيفية إدارة خلف مبارك للبلاد، مشيرًا إلى أن «الزعماء الجدد لديهم سببان لتخفيف قبضتهم على السلطة قليلا؛ أولهما، هو أن الحرية ستسمح لهم بإقامة أساس للحكم خاص بهم والتواصل مع الدوائر التي ابتعد عنها النظام القديم».
وبالنسبة للقاعدة الرابعة، تحدث براون عن «العودة لأساليب النظام القديم، ففترة ما بعد الخلاف تكون غالبًا غير عادية، حيث يقوم الرئيس الجديد بمواجهة التحديات من خلال السماح بالمزيد من حرية التعبير والتنظيم، إلا أن الرئيس يسعى لترسيخ سيطرته، وبالتالي يتجه تدريجيا نحو ممارسات أقل تساهلا».
وختم براون تحليله قائلا: «إن جمال مبارك هو أحد أبرز المرشحين للرئاسة، مؤكدًا أنه «في ظل النظام المصري الذي يعتبر فيه غياب الإمكانيات الأخرى هو الأساس الرئيسي للشرعية، سيكون ذلك كافيا لإبرام الصفقة».