«الرئيس مبارك (81 عاما) يعد ابنه جمال لوراثة الحكم. وهيكل وعمرو موسى يشعلان سباق التوريث. وحملة (ما يحكمش) بقيادة حزب الغد (الصغير) تواجه حملة (عايزينك) بقيادة الحزب الحاكم. والإخوان يرفضون التوريث، لكن لا يثقون فى أى مرشح علمانى، وهدفهم النهائى تطبيق الشريعة».
بهذه الخلاصات الخمس يختتم «تسفى مازائيل»، السفير الإسرائيلى الأسبق فى القاهرة، أحدث دراسة إسرائيلية عن توريث الحكم فى مصر. نشرها المركز الأورشاليمى للدراسات السياسية والاجتماعية، أمس، تحت عنوان: «اشتعال سباق التوريث فى مصر».
وفى بداية دراسته الخطيرة يؤكد «مازائيل» أن قضية التوريث فى مصر تشغل إسرائيل، كما تشغل جميع دول المنطقة، وقال إن معركة الرئاسة المصرية لن تؤثر على القاهرة فقط، بل تؤثر حتما على الاستقرار السياسى فى الشرق الأوسط الذى يرتبط سلباً وإيجاباً بتوجهات القاهرة السياسية.
علاوة على أن معركة الرئاسة المصرية تؤثر أيضا على مستقبل اتفاقية السلام مع إسرائيل، وعلى مجمل العلاقات العربية - العربية، وعلى مسيرة الصراع مع إيران، والعلاقات العربية مع الغرب. فمصر على الرغم من التراجع فى مكانتها، مازالت تمثل طوق الاستقرار والاعتدال فى هذه المنطقة.
وأضاف مازائيل أن الصحفى المحنك محمد حسنين هيكل، كاتم أسرار عبدالناصر، انضم هذا الأسبوع للنقاش المستعر حول توريث الحكم. وعلى الرغم من أن السادات أبعده عن التأثير فى القرار السياسى المصرى منذ فترة طويلة، فإنه مازال يحتل مكانة مهمة، ويعتبر «شيخ قبيلة» المثقفين المصريين. وتحظى آراؤه بثقل معين فى أوساط الدوائر الناصرية والقومية العاملة فى الساحة السياسية بمصر.
وأضاف السفير الإسرائيلى الأسبق أن هيكل عبر فى حوار مع صحيفة «المصرى اليوم» عن معارضته المطلقة لترشيح جمال مبارك. وقال إن جمال ليس مواطنًا عادياً، لأنه يحظى بامتيازات استثنائية، وترشيحه يشوه الواقع السياسى فى مصر.
وشجب هيكل الاتجاه السائد لدى عدد من الرؤساء العرب الذين يرشحون أبناءهم لوراثة الحكم سواء فى مصر أو ليبيا أو اليمن، على غرار ما حدث فى سوريا. ويزعم تسفى مازائيل أن بعض الرؤساء العرب يلجأون للتوريث للحفاظ على النظام السياسى القائم، والحيلولة دون الكشف عن أسرار جرائم الفساد التى وقعت فى عهودهم، والتى مازالت تقع نتيجة استمرارهم على مقعد الحكم.
ورصد «مازائيل» الحراك الكبير الذى شهدته القاهرة خلال الأسبوعين الماضيين. وأشار إلى أن الإجابة الملتبسة التى قدمها وزير الخارجية المصرى الأسبق، وأمين عام جامعة الدول العربية الحالى، السيد عمرو موسى، فى حوار مع صحيفة «الشروق» حول احتمال تقدمه بأوراق الترشيح لمنصب الرئيس شغلت الرأى العام العربى والإقليمى.
وأضاف أن تصريحات موسى تأتى فى أعقاب تحركات الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد السابق، لتكوين جبهة مع قوى المعارضة الأخرى المناهضة للتوريث.
مشيرا إلى أن جمال مبارك يواجه معارضة داخلية شرسة، سواء بسبب رفض بعض التيارات لعودة مصر إلى النظام الملكى من بوابة التوريث، أو بسبب شخصيته غير الجذابة. ذلك بالرغم من أنه صاحب خبرة مالية واسعة، وحاول تقديم حلول لمشكلات الواقع المصرى طيلة السنوات الماضية.
واكتسب خبرة كبيرة فى مواجهة الجماهير والتواصل معهم، منذ تعيينه أميناً للسياسات بالحزب الوطنى. لكن الحملة المنظمة التى يقودها أيمن نور تحت شعار «ما يحكمش» تعبر عن مشاعر المصريين المناهضة له، على الرغم من ظهور حملة تؤيده تحت شعار «عايزينك».
وانتقل السفير الإسرائيلى لتحليل موقف الإخوان من التوريث باعتبارهم أكبر كتل المعارضة. وأوضح أن الجماعة تعانى من خلافات داخلية هائلة، ولم تحسم موقفها من التعاون مع قوى المعارضة العلمانية. كما تعانى الجماعة من أزمة بين الحرس القديم وجيل الشباب الذى يطالب بديمقراطية القرار داخل مؤسسات الحركة.
وتخيم على الجماعة منذ الأسبوع الماضى أزمة استقالة المرشد العام، مهدى عاكف، الذى قال فى حوار مع «المصرى اليوم» إنه توصل لاتفاق مع النظام عام 2005، يسمح له بنجاح 50 نائباً عن الإخوان، مقابل وقف الحملة الدعائية ضد النظام، وفى نهاية المطاف فاز «الإخوان المسلمون» بـ 88 مقعدا برلمانيا. وألمح عاكف لاستعداده للوصول لاتفاق مشابه فى الانتخابات المقبلة عام 2011.
ويرى تسفى مازائيل أن الجماعة تعارض توريث الحكم، لكنها لا تثق فى أى مرشح علمانى آخر. ومازالت تتمسك بهدفها الرئيسى، وهو السيطرة على الحكم، وتطبيق الشريعة الإسلامية، لكنهم يؤجلون هدفهم المنشود فى هذه المرحلة نتيجة العقبات القانونية التى تحظر نشاطهم، وتضطرهم لدخول البرلمان كنواب مستقلين.