علاء القمحاوي ( 4 قصص مصورة )

مصور صحفي فى المصري اليوم

علي باب الله: إيد بتبني

"علي باب الله" سلسلة من القصص المصورة تستعرض بعضا من المهن التي تعمل باليومية.
الملايين من المصريين ينتظرون رزقا قد يأتي باليوم أو لا يأتي علي الإطلاق, كالطيور ينطلقون في الصباح الباكر من منازلهم بحثا عن رزقهم الذي يخرجه الله لهم من السموات والأرض, داعين له أن يبارك في هذا الرزق وأن يتم نعمته عليهم بالعافية.
نبدأ السلسلة بأبسط تلك المهن وأكثرها إنتشارا, "الفواعلي" أو عامل البناء والهدم.

  • "صالح" عامل تراحيل جاء إلى القاهرة من سوهاج بحثاً عن الرزق فى اواخر الثمانينات، ولكن مع غلاء المعيشة وسوء الظروف فى الوضع الحالي أصبح صالح –علي حد تعبيره- من معدومى الدخل وليس من محدوديه.
وعلي الرغم من تواضع منزله يحرص "صالح" علي تزيينه.
  • مع فجر كل يوم يستيقظ صالح علي رائحة إفطار من بقايا طعام الأمس تعده له زوجته, ثم يتوجه إلي زاوية بفناء البيت، يجمع أدوات العمل «مطرقة، وشاكوش، وأجنة وأزاميل»، كانت متناثرة منذ الأمس، يربطهم بحزام من الكاوتش، يعلق عليه كيساً أسود بداخله ملابس العمل، ويرفعهم على كتفه ويمضى مودعاً زوجته وابنته الصغيرة نورا.
  • يقوم "صالح" بالمشي عدة كيلومترات يوميا لكي يصل إلي الشارع الرئيسي لمركز أبو النمرس حيث يجد أقرب وسيلة مواصلات.
  • يحسب صالح المصاريف التى يصرفها هو وبيته بدقه شديدة، ويستخدم اقل المواصلات تكلفة حتى يصل إلى مكان تجمعه مع العمال الاخرين فى انتظار عمل قد يأتى او لا، لذا أى زيادة حتى لو بسيطة فى اجرة المواصلات قد تخل بشكل كبير بالميزانية التى لا تتعدى جنيهات قليلة.
  • لازال صالح وأصدقائه يستقبلون اليوم الجديد بابتسامة رغم معرفتهم بلحظات الشقاء القادمة منذ بداية اليوم وحتى آخره.
  • على أحد الأرصفة فى تقاطع شارع نصر الدين بمنطقة الهرم، أحد الأماكن التى تحتوى تجمعات عمال البناء منذ سنوات عديدة، يقف صالح، وسط أصدقاءه من عمال البناء، لا يدرك بالتحديد متى بدأ تجمعهم فى هذا المكان «منذ أن جئت إلى مصر وأنا آتى كل يوم إلى هنا، أنتظر زبوناً أذهب معه لتكسير حائط أو تحميل مواد البناء»، يشرب الشاى ويبدأ فى ترقب المارة يميناً ويساراً، انتظاراً لمجىء أحد الزبائن، وسط مئات العمال الجالسين على الرصيف بجانبه.
  • لا ينحصر شقاء العمل فى مهنة البناء فى الجهد المبذول فيها أو كم العرق والدماء التى يقدمونها، لكن يضاف إليها احتمالية الجلوس لأيام دون عمل، يقول صالح: «كل شىء يتوقف على السوق والرزق، أحياناً أشتغل يوم وعشرة أيام لأ»، ويضيف: «اليومية تتراوح بين 30 و60 جنيه حسب صاحب العمل» هذا بالإضافة لتفضيل الزبائن والمقاولين لعامل البناء الشاب، أصبح يمثل مشكلة كبيرة للعمال ذوى الأعمار الكبيرة الذين يصعب عليهم مواصلة عمل يتطلب بذل الجهد دائماً.
  • صالح مع أحد زملائه فى طريقه إلى العمل لتكسير "بلكونة" بعد تلقيه مكالمة من شخص يعرفه هناك ليتفق معه على الشغلانة ويقول صالح "ممكن بعد اما ندب المشوار منتفقش عالشغلانة ونرجع ونتحمل احنا تكاليف المواصلات".
  • يعمل صالح وكل عمال التراحيل فى ظروف صعبة للغاية وعلى ارتفاعات عالية دون وجود ادنى معدلات السلامة مما يعرضهم للكثير من الحوادث التى تعيقهم عن اداء عملهم بعد ذلك ولا يجدوا من يعوضهم.
  • اصيب صالح  بحادث اثناء قيامه بتكسير حائط طوب أحمر فى فيلا بالتجمع الخامس وسقط الحائط عليه، شعر صالح بألم شديد فى ركبته اليسرى ولم يقوى على النهوض فانتظر مكانه حتى انتبه صاحب الفيلا بعد توقف صوت التكسير فقام بمساعدته وذهب به إلي مستشفي القصر العيني وتركه فى طرقاتها دون الانتظار حتى لمعرفة حالته. قام الطبيب المعالج بالقصر العينى بتخييره بين إجراء عملية لتركيب شريحة فى ركبته، ما يستلزم جلوسه فى انتظار المستشفى لأسابيع قد تمتد لشهور بحثاً عن سرير فى "مأوى الفقراء"، أو أن يرفض إجراء العملية ولا يصبح أمامه غير الخروج والذهاب إلى مستشفى خاص أو العودة مجدداً بعد ثلاثة أو أربعة أسابيع، واضاف الدكتور أن هذا الانتظار الحتمى من الممكن ان يكلفه اجراء جراحتين إذا التحم عضم الركبة مكان الكسر ، ولم يكن أمام صالح إلا الانتظار.
  • أجرى صالح العملية بعد شهر من جلوسه فى قصر العينى واستلزم وضع رجله فى الجبس شهراً، ولولا مساعدة إخوته وأقاربه، لكان الأطفال الثلاثة ماتوا جوعاً بعد دخول ابنه الأكبر لأداء الخدمة الوطنية، يقول صالح «بقيت أدعى ربنا وأقوله لو هقعد كده تاخدنى أحسن, المرض بيذل البنى آدم»، لم يتمكن صالح بعدها لشهور من المشى على قدمه، يقول: «كنت بتعكز لأن الدكتور قال ممنوع أمشى برجلى على الأرض»، تخللت فترة ركوده جلسات العلاج الطبيعى التى أجراها بالمجان عن طريق أحد الأطباء.
  • يظل حال صالح والاف مثله معلق حسب "التساهيل" وسط تجاهل تام من الدولة رغم إنهم لا يسعون الا إلى الرزق الحلال ، ولا يملكون أى مهنة أو حرفة أخرى.
  • فى نهاية اليوم يلملم صالح اغراضه مرة أخرى ويعود ببضع جنيهات قليلة ليطعم اسرته، ولكنه يعرف جيداً انه قريباً لن يقوى على تحمل هذا العمل الشاق ولا يعرف تحديداً ماذا سيفعل عندما يأتى هذا اليوم.
  • يعود "صالح" إلي منزله بعد يوم عمل طويل وشاق ليقوم بفك حبل الغسيل الملتف حول جسده طول اليوم كحزام لبنطلونه المهترئ الشاهد علي حياته الصعبة.
SERVER_IP[Ex: S248]
To Top
beta 2 249