x

جيهان فوزي مذيعات الباكبوزا جيهان فوزي الجمعة 19-08-2016 21:20


عندما اتخذت صفاء حجازى، رئيسة الاتحاد العام للإذاعة والتليفزيون، قرار إيقاف ثماني مذيعات لمدة شهر، يخضعن خلاله لنظام غذائى وريجيم لضمان ظهورهن على شاشات التليفزيون المصرى بشكل لائق، تفاوتت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض، متهكم وحانق، بل دخل الجدل في دائرة انتهاك حقوق الإنسان والتمييز العنصرى والتعسف ضد المرأة، دون التعمق والتأمل بحياد في مواصفات عامة ومتعارف عليها في العالم حول طبيعة العمل العام وبالذات المتعلق بالجمهور كعمل المذيع أو المذيعة، ربما شكل القرار صدمة رغم تأخره نظرا لتجاهل العمل به سنوات طويلة، ما أثار جدلا في الأوساط الإعلامية المحلية والعالمية، دفع بالمعترضين والمهتمين من رواد السوشيال ميديا للسخرية من المذيعات وطريقة لباسهن أو بدانتهن أو تصفيف الشعر والمكياج، وأطلقت منذ فترة حملة بعنوان «قناة الباكبوزا» مطالبين بإبعاد البدينات عن الشاشة، على غرار ما حدث عام 2002 حين قررت رئيسة التليفزيون المصرى زينب سويدان منع ظهور المذيعات البدينات على الشاشة.

العمل العام دائما ما يكون له توابعه ومنعطفاته الحادة أحيانا، فما بالنا إذا كان هذا العمل هو الوسيط المباشر بين الشخص والجمهور، كالمذيع الذي يطل على مشاهديه متوسمين فيه الإجادة والحصافة واللباقة والأهم أن يتمتع بالثقة بالنفس والقبول؟!

ورغم أن عمل المذيعة في مجتمعاتنا العربية تحديدا حساس ومرهق، ويهتم بأدق التفاصيل نظرا لتسليط الضوء عليها في كل شاردة وواردة في المحتوى والتفاصيل، والجاذبية والحضور، والثقافة وحجم المعلومات والتمكن، واللباقة والإجادة في الحديث وإدارة الحوار، إلا أنه رغم إرهاقه وتعبه يظل يحمل في طياته إحساسا مختلفا من المتعة والشعور بالرضا، خاصة الدقة في المعلومات وشرف الكلمة وأمانة المعلومة التي ينقلها المذيع للمتلقى، فحين تبدأ الكاميرات بالتوجه للمذيعة، تشعر برهبة الكاميرا والخوف، ثم تبدأ العيون جميعها عليها، وستسمع كلاما يتداولونه، منه اللائق ومنه الجارح .. انظر ماذا تلبس؟ ملابسها أنيقة، أو غير لائقة، المكياج الخاص بها ثقيل جدا أو خفيف، وزنها غير مناسب أو بدينة، حينها تظهر موهبة المذيعة الناجحة بتخطي كل هذا عند بدء التصوير، فتراها تتحدث مع وجود الكاميرا والجمهورن، كما لو أنها تتحدث بمفردها، تستضيف هذا وهذه، كما لو أنها استضافتهم في بيتها، ولديها سابق معرفة وثقة بهم، وهنا أيضا تظهر السيطرة على النفس والتحكم بها، والقدرة على الإقناع، وهى مواصفات قلما يتمتع بها أحد على إطلاقها في قنواتنا المحلية وحتى الفضائيات الخاصة لأنهم للأسف ليسوا مؤهلين ولا مدربن على ذلك، فإن أجادت التعبير خذلها المظهر، وإن كانت ذا مظهر لافت خذلتها سطحية المعلومات، وإن اجتمعت بعض صفات النجاح في بوتقة واحدة راح المشاهد ينقب عن شىء ما في الملف الشخصى ليجد ضالته في مادة دسمة يستطيع الحديث عنها وإظهار قدراته في كشف المستور حتى لو كان الخوض فيما ليس من حقه، ولقد رأينا العديد من المذيعات اللائي وصلن إلى القمة، وأصبحت أسماؤهن يتداولها الناس دائما، وهناك من المذيعات اللائي فشلن من أول خطوة في برنامجهن، على الرغم من أنه قد يكون نفس الموضوع لمذيعتين، واحدة تنجح، والأخرى تفشل، أو قد تقدمان في نفس البرنامج، وواحدة تصل إلى النجومية والشهرة، والأخرى يتناسون حتى اسمها.

فما السر بهذا الموضوع؟ وكيف لنا أن نصبح مذيعات ناجحات، ونترك أثرا في النفوس؟ وكيف لنا أن نستمر في العمل لسنوات، ومع كبر العمر، لكن مع المحافظة على الجمهور الذي هو رأس مال المذيع الناجح وضمانته الأكيدة في الاستمرار والتألق والألق أو الإخفاق والانزواء؟

في اعتقادى أن بوابة النجاح والتألق للمذيعة الناجحة هو احترام الذات بالدرجة الأولى والثقة بالنفس، واحترام الذات يشمل حسن المظهر دون مبالغة كما وكيفا، والحرص على الإلمام بما يدور في العالم من أحداث والاهتمام بالثقافة العامة وسعة الاطلاع، الكياسة في محاورة الضيف، دون تجاوز أو التجرؤ، تحت ذريعة إثبات الذات وقوة الشخصية، والابتعاد عن الردح والصوت العالى لتصبح المذيعة مجرد بوق تخاطب نفسها، ولا تحترم جمهورها، وضبط النفس والابتعاد عن الانفعال مهما كان الاستفزاز، فالعمل العام معرض لكل المفاجآت، ويجب أن تتسلح المذيعة بقدر عال من المهنية والتدريب على ضبط النفس، وجميعنا شاهدنا مذيعات قناة الجزيرة حتى إن اعترضنا على مضمون القناة، لكن يشهد لها اختيار المذيعات بعناية فائقة ومهنية عالية وتدريب بمقاييس عالمية أثارت إعجاب حتى الحاقدين، لكن ما نراه في القنوات الفضائية، سواء الخاصة أو التليفزيون المصري بعيد كل البعد عن المواصفات العالمية للاختيار، دون المساس بالحقوق ولا الواجبات ليس من مصلحتنا تسييس كل قضية ووضعها في نصاب غير نصابها الحقيقى، وهناك وظائف عديدة وفى شركات عملاقة حول العالم أقالت موظيفها لمخالفتهم شروط الوظيفة، سواء للإهمال في المظهر أو التجاوز في السلوك، ليس عيبا أن يكون هناك شروط لاختيار المذيعة تتناسب وطبيعة العمل، وهذا لا ينفى الاهتمام بالمحتوى والمضمون للبرنامج الذي تقدمه، لأنه في النهاية هو انعكاس لمن نختار، فلا داعى لتضخيم الموضوع واعتباره مساسا بحقوق الإنسان وتعسفا ضد المرأة، فمن اختار العمل العام لا بد أن ينصاع لقسوته.



قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية