x

نيوتن ليكن تعويماً حتى لا نغرق نيوتن الثلاثاء 02-08-2016 21:41


فى سنة 2003 قررت الحكومة المصرية تعويم الجنيه. كان رئيس الحكومة. آنذاك. هو عاطف عبيد رحمه الله. كان سعر الدولار قبل التعويم فى الأسواق 3 جنيهات و40 قرشا. بعد قرار التعويم مباشرة ارتفع ليصل إلى 5 جنيهات و50 قرشا. ثم ارتفع مرة أخرى. لامس سقف 7 جنيهات. لكن سرعان ما استقر عند 6 جنيهات و20 قرشا فى ذلك الوقت.

لماذا أذكر هذه القصة؟ لأنها كانت من الأمس القريب. تحديداً كانت قبل 13 عاماً. كانت خطوة رئيسية فى عملية تطورنا الاقتصادى. ساعدتنا كثيرا فى اتخاذ قرارات إصلاحية فيما بعد. ساهمت فى استقرار السوق بدرجة كبيرة. شجعت على الاستثمار. رغم أنها لاقت هجوما كبيرا وعاصفا فى ذلك الوقت. إلى الحد الذى اتهمت فيه بعض صحف المعارضة رئيس الحكومة بأقذع الاتهامات.

الآن يدور نفس الجدل. لكن بحدة أكبر. نسمع نفس الكلام. نسمع الاقتراحات ذاتها. من نفس الأشخاص. كأننا أمة تدور فى حلقة مفرغة. لكن لا بأس. هناك سؤال مركزى لا يريد أحد الإجابة عنه: هل نريد تعويم أم غرق الجنيه؟.

التعويم يحتاج لشجاعة. سوف يدفع السوق للانضباط. لن نكون فى حاجة لغلق ومطاردة شركات الصرافة. الاستمرار فى ذلك معناه شىء واحد. أن الدولة تعمل على تغذية السوق السوداء. ترمى إليها بالمحترفين القادرين على إشعالها أو لعب دور فى تهدئتها. معناه أيضا استمرار وجود سعرين للدولار. الاثنان غير حقيقيين.لا الرسمى سعر حقيقى. يعكس حسابات العرض والطلب. ولا السعر غير الرسمى المتداول فى الأسواق حقيقى. بل يعبر عن هلع وخوف. نتيجة مضاربات عشوائية. هذا أقصر طريق لغرق الجنيه. وليس تعويمه. إذا أردنا أن نستمر فى ممارسة سياسات حماية الجنيه بالطريقة التقليدية. لن يستطيع أحد أن يهزم السوق أى سوق، مهما كانت صغيرة أو كبيرة. فالسوق فى النهاية تنتصر. حتى فى بريطانيا نفسها. الحكومة لم تنجح فى فرض سياساتها على السوق. بل خضعت لها. احترمت العرض والطلب.

المهمة الأولى للحكومة ألا يكون هناك سعران للدولار. ألا تكون هناك سوقان. ألا يكون هناك قراران. أحدهما بيد الحكومة والثانى بيد التجار. يجب أن يكون هناك سعر واحد موحد. يسمح بهامش ربح ضئيل لشركات الصرافة كما فى العالم كله.

هذه السياسات سوف تدفع السوق للاستقرار. سوف تبعث برسائل طمأنينة للمستثمرين فى الداخل والخارج. الأهم من كل ذلك. سوف تجعل من الحكومة وجهازها المصرفى صاحبة القرار الأول والأخير فى سعر الصرف. وهذا يعيد للدولة اعتبارها.

الخلاصة لن يصلح إلا التعويم. أما فرض أى سعر فسوف يلفظه ويتجاوزه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية