شيع الآلاف من أهالي طلخا وديسط، مساء الأربعاء، جثمان ضحيتي انفجار مصنع سماد طلخا الذي تسبب في تفحم اثنين وإصابة 4 آخرين بحروق وجروح.
ففي «ديسط» اكتست القرية بالحزن والأسى أثناء تشييع جثمان محمد رزق 36 سنة الذي ترك ثلاثة أطفال بينهم طفلة مريضة، وأثناء خروج الجثمان من المسجد انهار والداه وزوجته التي احتضنت أطفالها وهى تصرخ قائلة: «سايبهم لمين إحنا مالناش حد غيرك ومين ها اللي هيكمل علاج البنت».
ورفضت أسرته الحديث حول الواقعة مؤكدين أن المصيبة أكبر من أي كلام.
وقال عدد من أصدقاء الضحية: «محمد عنده ثلاثة أطفال صغار، ولدان وبنت، وابنته مولودة بعيب خلقي وكان بيصرف عليها مبالغ طائلة لعلاجها وليس لهم عائل آخر ووالده ووالدته مسنين ومش هايقدروا يتحملوا وفاته».
وفى طلخا شيع الآلاف جثمان الضحية الثانية محمود توفيق سلام 45 سنة، وقال شقيقه: «محمود جاء من الحج منذ أسبوع واحد فقط وكان لسه راجع الشغل من يومين وكانت أول نوبتجية له».
وأضاف باكيا: «يا ريته ما راح إحنا ما قدرناش نودعه ورجع لنا جثة متفحمة من غير ملامح.. الله يرحمه كان إنسان طيب وبيحب الخير لكل الناس».
من ناحية أخرى، استمعت نيابة طلخا إلى أقوال 7 من العاملين بالمصنع بالإضافة للمصابين وقررت استدعاء الدكتور على ماهر غنيم رئيس مجلس إدارة الشركة لأخذ أقواله.
وكشفت التحقيقات أن الوحدة تفتقر للأمن الصناعي ووحدة إطفاء الحريق لا تعمل بالإضافة لوجود عطل في وحدة الإنذار.
وفى مستشفى الطوارئ بالمنصورة التقت «المصري اليوم» اثنين من المصابين، وقال جمعة الشربيني 25 سنة (كيميائي): «أنا اشتغلت بالشركة من 7 شهور وكنت في غرفة التحكم بالدور الثالث والخاصة بوحدة نترات النشادر، وأثناء عملنا في الفترة الليلة الساعة 3 صباحا كنت أتابع الأجهزة وكان يقف بجواري أستاذ محمود توفيق، الله يرحمه وفجأة حسينا بضغط ساخن وشديد يدفعنا للسقف ثم إلى الأمام وكل الزجاج المحيط بنا يتكسر ويقطع في جسمنا وكل اللي عملته إني جريت لحد ما بعدت عن الوحدة وبعدها أغمى عليّ».
وبكى وهو يقول: «والله أنا شفت الموت بعيني ومهما أوصف مش هأقدر أوصف اللي حصل».
وأضاف: «الوحدة كانت متوقفة من يومين لعدم وجود أمونيا كافية وكان المفروض أن الخزانات كلها فارغة ومش عارف إيه اللي حصل بالضبط لأنه مش المفروض إن أي حاجة تنفجر وغير وارد الخطأ لأن مادة النترات مادة متفجرة وبتغلي عند 169 درجة مئوية».
وأضاف المصاب الثاني بكر عبد العال السيد 30 سنة (فني إنتاج نترات): «أعمل بالمصنع منذ 7 سنوات وأول مرة أواجه حادث زى ده وكل اللي فاكره أني سمعت انفجار كبير وبعدها لقيت نفسي طاير في هوا سخن ومش قادر أصدق أن محمود ومحمد ماتوا دول كانوا جنبنا وكان ممكن أكون مكان أي واحد فيهم».
من جانبه، أكد الدكتور وائل خفاجة مدير مستشفى الطوارئ أن حالات المرضى مستقرة ولكن هناك خوفا من المضاعفات التي ممكن أن تحدث، مشيرا إلى أنه تم خروج مصاب في نفس اليوم وتم نقل مصاب آخر إلى قسم الحروق بمستشفى الجامعة لأنه مصاب بحروق بنسبة 100% تقريبا.
وأكد الدكتور محمد الدسوقي، رئيس قسم الأمراض الصدرية بجامعة المنصورة، أن الإنسان الذي يتعرض للغازات والأبخرة التي تخرج من المصانع يتعرض لفشل تنفسي حاد إن لم يتخذ المريض الاحتياطات سريعا؛ لذلك نؤكد دائما على احتياطات الأمن الصناعي، وإذا كانت نسبة الغازات ضعيفة يمكن أن تظهر بعد فترة.
وقال المهندس أبوبكر الشهاوي، مدير فرع جهاز شؤون البيئة بشرق الدلتا، إن اللجنة قررت وقف تشغيل الوحدة لحين التأكد تماماً من سلامة كل الأجهزة، كما قامت بفحص وحدة نترات النشادر وتم أخذ عينات لتحليلها وننتظر نتيجة التحليل، مشيراً إلى أن المصنع به وحدتان ولم تتأثر الوحدة الثانية من الحادث.