x

سليمان جودة النيل فى المغرب! سليمان جودة السبت 23-07-2016 21:57


لا أزور المغرب فى أى مرة إلا وأرى بعينى أن عندهم وعياً عالياً بقيمة المياه، وقيمة الكهرباء فى حياتهم، ثم أرى أيضاً أن مثل هذا الوعى، على مستوى الحكومة والشعب معاً، ليس وعياً شفهياً، ولكنه يجد طريقاً إلى الترجمة على الأرض فى كل لحظة.

تذكرتُ وأنا هناك أن رئيس وزرائنا، المهندس شريف إسماعيل، كان قد أطلق تصريحاً قبل عدة أيام، جاء فى اليوم التالى، فى صورة مانشيتات فى الصفحات الأولى من الجرائد، وكان يقول فيه إن ترشيد استهلاك الماء والكهرباء جزء مهم جداً فى مواجهة مشكلتنا الاقتصادية.

إلى هنا.. والكلام جميل جداً، ولكن ما ليس جميلاً بالمرة أن تقرأ تصريحاً من هذا النوع ثم تتلفت حولك فتكتشف أن السفه فى استخدام ماء النيل فى الشرب، أو فى الرى، هو السمة الأساسية لدينا، وأن المواطن من مواطنينا يذهب ليستخدم الحنفية مثلاً ثم يتركها مفتوحة على آخرها دون أدنى إحساس بأى مسؤولية، ودون أى إدراك لأن كثيرين فى دول كثيرة حول العالم لا يجدون قطرة من المياه التى تتدفق من الحنفية المفتوحة إلى المجارى.. وما تقوله عن مياه الشرب تستطيع أن تطبقه نفسه على مياه الرى بلا أى اختلاف فى ملامح الصورة!

تصريح رئيس الحكومة هو جملة ناقصة، أو هو نصف جملة، لأن نصفها الآخر هو أن يقرن المهندس شريف بين مضمون كلامه فيها وبين برنامج عمل تجهزه حكومته بما يوفر المهدر الكثير من الماء القليل الذى عندنا، وبما يجعل استهلاك كل قطرة ماء.. كل قطرة بالمعنى الحرفى للكلمة.. فى مكانها تماماًَ!

وما يقال عن ماء النيل الخالد، يقال عن طاقة الكهرباء، وإذا أراد رئيس الوزراء دليلاً فليراجع «الأهرام» وهى تنشر قبل أسبوع صوراً لأعمدة كهرباء فى شوارع ممتدة تضىء نهاراً، ثم تنطفئ ليلاً!

فى المغرب.. لا تقول حكومتهم كلام رئيس حكومتنا، ولكنها تفعله.. فأنت لا تنزل فى أى فندق إلا وتكتشف أن الإضاءة فيه إضاءة ذكية كلها.. والمعنى أنك إذا خرجت من المصعد فى اتجاه غرفتك فإن ضوء الكهرباء فى الممر الطويل أمامك يضىء فجأة فى استقبالك، فإذا قطعت الممر ذاته إلى الغرفة انطفأ «النور» من تلقاء ذاته، حتى يستقبل شخصاً جديداً وهكذا، ثم هكذا الحال أيضاً فى الماء، وسوف تجد لافتة مكتوبة عنه فوق كل حنفية تستخدمها تنصحك بأن تقتصد فى استهلاكه، لأن آخرين لا يجدونه كما تجده أنت، ولأن الرسول الكريم كان قد أمرنا بألا نسرف فى الماء ولو كنا على نهر يجرى!

تفتش أنت على طول طريق يمتد 400 كيلومتر، بين الدار البيضاء وطنجة، عن عمود كهرباء واحد مضاء نهاراً، فلا تجد أبداً!

ولو أن النيل جرى فى المغرب لكان الإخوة المغاربة قد سادوا به العالم، ولانزال نحن نسىء إليه فى كل صباح!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية